بعد مماطلة متعددة الفصول و تلكؤ بدا واضحا للعيان من قبل سلط الإشراف و بعد تأجيل وراء تأجيل لموعد انطلاق مهرجان موسيقى الجاز بطبرقة لهذه السنة و بإصرار شديد من الهيئة الجديدة المشرفة على هذا المهرجان، اعادت فرق سنفونية معروفة في الساحة الفنية التونسية و العالمية الروح إلى “بازيليك” طبرقة حيث كان و لا يزال هذا المهرجان يقام به. انطلق المهرجان يوم الخميس الماضي وامتد على مدى الثلاث أيام من 12 إلى 14 سبتمبر 2013.
ليز ماكومب تهز البازيليك
انطلقت إذن فعاليات المهرجان بعد انقطاع دام أربع سنوات، و بشوق كبير من جمهور الجاز، أحيت أولى السهرات (الافتتاح) الفنانة الأمريكية الشهيرة ليز ماكومب التي لم ينقطع صوتها على الشدو طيلة الساعتين و نصف الساعة.
صعدت الفنانة بعد حوالي ربع ساعة من صعود فرقتها على الركح و تعجب الجمهور من حضورها بملابس رياضية مع كعب عال، ثم تبين أنها فقدت فستانها الذي كانت سترتديه.
انطلق عرض الفنانة ليز في جو ساحر كان قد وضع حاضريه في شبه حلم دعت خلاله ماكومب الله أن يحفظ تونس و التونسيين و أن يقدرها على إسعاد كل الجماهير التي جاءت لمشاهدتها و الاستمتاع بأغانيها.
رحب بها الجمهور ترحابا شديدا و تفاعل مع الأغنيات التي قدمتها ثم انظم إليها ثلاثة من عازفي السكسوفون ألهبوا الركح و جعلوا من الجو الغائم سماء ضحوكا. و هي من أهم الدلائل التي تميز الفرقة و التي لا تزال ثابتة في أداء الموروث الغنائي لموسيقى الجاز و البلوز و الغوسبال… و أما على الصعيد التقني كان العرض الإفتتاحي ناجحا على مستوى الصوت و التوضيب الركحي و هو ما جعل الجمهور منسجما إلى نهاية العرض.
و إثر انتهاء العرض تولت الفنانة ليز ماكومب الإدلاء بتصريحات للصحافيين و الإعلاميين عبرت من خلالها على مدى سعادتها بتواجدها في تونس و هي زيارتها الثانية بعد 2004 حيث لم تتوقف عن وصف فرحتها و سعادتها بنجاح الحفل و بجمهور طبرقة الذي قدم من كل ولايات الجمهورية و حتى من خارج تونس حتى أنها بكت عندما كانت تتحدث عن تونس و عما يربطها بها…
عرض هزيل للماجري يتقمّص بعده دور الضحية و سفطة ينقذ الموقف
بعد نجاح العرض الأول لمهرجان الجاز بطبرقة و بعد الفن و الخيال و الابداع الذي لمسه الجمهور خلال عرض فنانة الجاز الأمريكية ليز ماكومب إعتلى منصة البازيليك في السهرة الثانية من برنامج المهرجان سفيان سفطة الذي افتتح الحفلة بتحية قدمها إلى هيئة المهرجان ثم بدأ البرنامج بوصلة موسيقية تفاعل معها الجمهور … كانت وصلة ناجحة على جميع المستوايات سواء الفني أو التقني مما جعل سفيان سفطة يشكر مجهودات المشرف على تقنية الصوت … اندمج الجمهور مع وصلة غنائية ثانية لسفيان سفطة مع قيتارته التي رافقته في كل حفلاته « زينة و عزيزة « عزف عليها مقطوعة موسيقية رفقة فرقته بعنوان « قرطاج « و ما زاد السهرة بهجة هي أغنيته ياقمر يا عالي يا شاغلي بالي ثم أغنية « نحلم « التي أعجبت الجمهور و التي تعالت أصواته طالبا تقديم الأغنية مرة ثانية حيث حظيت بتفاعل كبير من الجمهور أما الأغنية التي أشعلت المسرح و ألهبته فهي أغنية « on vas aimer» و في ختام برنامجه قدم سفيان سفطة للجمهور أغنية « الله الله يا بابا « التي جعلت جميع الحضور يتفاعل معها … ساعة من الفرح و التفاعلات عاشها جمهور مهرجان طبرقة قبل أن يعتلي أحمد الماجري المسرح و يبدأ كعادته بتذمراته و تشكياته فأغنيته الأولى حسب تذمراته رافقها خلل تقني في مستوى الصوت ليغني بعدها أغنية « وهللوا و كبروا تكبيرا « التي لم تلق ترحابا و لا تجاوبا من الجمهور فكانت ردة فعل الماجري جد مخجلة و لا ترتقي لمستوى المهرجان و قيمته التارخية و الفنية فما كان منه إلا أن «نهر» الجمهور قائلا : « نقصوا من الحس و إلا باش نقص ونروح « و ذلك طبعا حين تعالى صوت الجمهور على صوته الذي كان باديا لجميع الحضور أنه غير مؤهل لإحياء حتى سهرة في» سطح « و أخير فهم الماجري أنه غير قادر على اسعاد الجمهور فلجأ لاستدعاء سفيان سفطة لينقذ الموقف حيث غنى سفطة أغنية « NO WOMEN NO CRY « و أحمد الماجري يرقص و تزامنت طبعا عودة سفطة مع إصلاح الخلل التقني الذي اختل مع عودة الماجري من جديد حيث سارع أحمد الماجري إلى اللجوء إلى « الفزاني « مستجديا تفاعل الجمهور بأغنية « يا قصاب يا وخي « و أخيرا انتهي الحفل بشكر كبير من الجمهور للفترة أولى التي أحياها سفيان سفطة و صخطا كبيرا على الفترة الثانية التي أحياها أحمد الماجري .
اثر انتهاء الحفل كان للفنانين موعد مع الصحافيين التي استغلها سفيان سفطة لإرسال تحية وجهها إلى زياد الهاني و ندد بالمظلمة التي تعرض لها و دعا لتوفير حرية التعبير للإعلام التونسي و الابتعاد عن التضييقات المسلطة على الصحافيين … أما أحمد الماجري فسارع ليتقمص دور الضحية خاصة وأنه لم يعجبه الفريق الصحافي الذي حضر لتغطية الحفل قائلا : « في سهرة الفنانة ليز ماكومب كان حضور الصحافيين مكثفا و لكن في حفلتي لم يحضر سوى القليل!
مالتد ميلك و ختامها مسك
و أما السهرة الاخيرة فكانت مسك الختام، بحضور فريق مالتد ميلك الفرنسي و هو أول ظهور له في تونس… قام بتقديم عرض دام قرابة الساعة و نصف الساعة تفاعل معه الجمهور بشدّة… و كان فريق مالتد ميلك قد قام بالبروفا و الحصص التدريبية قبل العرض على عكس الماجري الذي لم يقم بذلك رغم تواجده لمدة الثلاثة أيام بطبرقة و قدموا عرضا خياليا أبهروا خلاله الجمهور بروحهم النشطة و الضحوكة لوّنوا سماء المسرح بألوان من البهجة حتى أنهم حيّوا الجمهور لإنهاء السهرة وطلبا من الجمهور و تفاعلا معه واصلوا الغناء و أضافوا ما لا يقل عن نصف ساعة لبرنامج سهرتهم.
يمكن اعتبار حفل الإختتام ناجحا بنسبة 100% و ذلك للحضور المكثّف للمتفرجين كذلك التفاعل الشديد من الجمهور سواء من خلال الرقص أو الغناء أو التصفيق…
و في لقاء مع الزملاء الصحافيين و الإعلاميين بعد السهرة، عبّر فريق مالتد ميلك عن مدى سعادتهم بتواجده في تونس و بين أهالي طبرقة و وعدوا بالعودة ثانية كما توجّهوا بتحية إلى هيئة المهرجان على حسن الضيافة و الاستقبال و الحماية الأمنية…
في كلمة أخيرة لا يمكن إلا أن نتوجّه بتحيّة إكبار و شكر لهيئة مهرجان موسيقى الجاز بطبرقة، لإصرارهم الشديد على إحياء مهرجان طبرقة الذي تناساه الجميع و همّشه و كذلك غيرتها على «عروس المرجان و أميرة الظلال» مدينة طبرقة. و لا ننسى الحضور الأمني المكثّف فضلا عن الجيش الوطني و الحرس الوطني الذي ساهم في قيام المهرجان في ظروف أمنية جيدة و دون أي مشاكل.
و في تصريحاته للخبير عبّر السيد عبد الرحمان التونسي مدير هيئة المهرجان عن مدى سعادته لنجاح المهرجان و إصراره الشديد على قيامه كما اعترف ببعض التقصير نظرا لتجربته الاولى كرئيس للهيئة واعدا جمهور الجاز بتقديم الافضل في المستقبل.
و لا يسعنا إلا ان نؤكد مدى نجاح المهرجان على جميع المستويات فنيا و تقنيا و تنظيميا و جماهيريا و نشير في الختام أن رئيس الهيئة عبد الرحمان التونسي أكد ان هيئته تنوي تنظيم تظاهرة جديدة قبل نهاية هذه السنة بعنوان «Weekend” تأكيدا لنجاح المهرجان.
تغطية: صفاء الرمضاني
صور: مقداد الشواشي