يبدو أن الإتحاد التونسي للفلاحة و الصيد البحري قد أصبح ضعيفا بعض الشيء، و صوته غير مسموع بالمرة.. كما أنه غير قادر على توحيد صفوفه و الإجتماع على كلمة و رأي واحد من أجل لفت نظر السلطة أو حتى المستهلك في حد ذاته.
و من الجلي أن الإتحاد قد وقع في هذا الوهن و الضعف بسبب رئيسه السابق “عبد المجيد الزار” الذي تم استبعاده مؤخرا، فهذا الأخير كان قد أكد وجود قطيعة بينه و بين رئيس الجمهورية، موضحا أن سعيّد كان قد دعا 6 من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد و استثناه من الدعوة و هو دليل على أن القطيعة مع شخصه وليست مع الإتحاد ككل.
و في مناسبة أخرى و تحديدا بتاريخ 27 أفريل 2022 أكّد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة و الصيد البحري “عبد المجيد الزار” عدم دعوته من طرف رئاسة الجمهورية للقاء قيس سعيد رغم دعوة وفد من قيادات المنظمة.
و كان الزار قد عبر عن استغرابه من تصرف رئاسة الجمهورية، معتبرا عدم دعوته إبعادا له.
و أشار إلى أن حضور وفد من قيادات اتحاد الفلاحة في قصر قرطاج كان بموافقته، مبينا أن إبعاده من اللقاء يدل على أن رئيس الجمهورية قيس سعيد يرفض الجلوس مع رئيس المنظمة.
كل هذا يجعلنا نتأكد بأن العلاقة بين الزار و رئيس الجمهورية مختلة تماما، و هو ما أدى في نهاية المطاف إلى استبعاد الزار.
برز الزار و أضاء نجمه بسبب ارتباطه بحركة النهضة سنوات 2011-2012 و هو نهضاوي حد النخاع.
بل إنه كان أحد أعضاء مجلس شورى حركة النهضة، و بمجرد التحاقه باتحاد الفلاحين، وجد الإتحاد نفسه في نزيف بشري، إذ غادره الكثيرون لا لشيء فقط لصعود الزار و تنصيبه على رأس الإتحاد.
و قام المغادرون للإتحاد بإرساء نقابة، ثم انقسمت تلك النقابة فيما بعد لفرعين، كثرت بينهما الخلافات، و كل منهما تدعي أنها الأحق بالشرعية!
أما الآن و بخروج الزار من الإتحاد و مغادرته للشأن السياسين نتساءل ما إن كان هذا الإنشقاق النقابي سيلتئم و يتحد من جديد؟ و إن حصل ذلك فإن الإتحاد سيعود لا محالة لسالف قوته و نشاطه، و ربما يصبح أقوى خاصة إذا ما عادت علاقات الود بينه و بين رئاسة الجمهورية إلى ما كانت عليه.
فما الذي سيتغير على مستوى الإتحاد بعد التخلي عن رئيسه؟
بما أن العلاقة بين كل من الزار و قيس سعيد كانت سيئة، فإن تنحية الزار لا بد و أنها ستكون إيجابية على الإتحاد، الذي سيسترجع علاقاته المتينة برئاسة الجمهورية، و بما أن الرئيس كان قد التقى مؤخرا بوفد من قيادات اتحاد الفلاحة في قصر قرطاج، فإن هذا ينذر لا محالة بالرغبة في إعادة ربط العلاقات الطيبة من جديد بل و تمتينها، و هذا بدوره سينعكس بالإيجاب على الفلاحين الذين فرقهم الإقصاء و التهميش، و لا بد لعناية رئاسة الجمهورية أن تطال الفلاحين و تعيد الوحدة بينهم…و من جهته يبحث الفلاح التونسي عن دعم الدولة لمجهوداته و الوقوف إلى جانبه و مؤازرته من أجل استعادة النسق الفلاحي الإيجابي، هذا و لا سبيل لإصلاح القطاع سوى عن طريق تظافر الفلاحين و اجتماعهم على كلمة واحدة، فالفلاح هو الذي يطعم أفواه مواطني هذه الدولة و يسهر على إشباع البطون الخاوية، و بدون وحدة و تكتل و تفاهم بين جمهور الفلاحين فإنه لن يكون من الممكن إعادة عجلة الفلاحة للدوران من جديد.
هذا و على الفلاحين أن يعيدوا ربط علاقات الود بينهم و بين رئاسة الجمهورية من أجل ضمان التقدم و التطور، على خلاف ما كان موجودا زمن “عبد المجيد الزار” الذي و برحيله لا بد و أن تتغير الأمور نحو الأفضل.
بلال بوعلي