من الميادين التي أنهكها الدخلاء يعني المتمعشون من عرق أصحاب الكفاءات و الهواة الحقيقيين للثقافة بألوانها المتعددة من موسيقى الى مسرح الى رسم و نحت و رقص و شعر و فروسية… تسللوا الى هذه الألوان كمنظمين و مشرفين ثم قفزوا الى الدور الاول و أحالوا الكفاءات و أصحاب المقدرة الحقيقية الى الصف الأخير يملون عليهم شروطا مجحفة لا تشجعهم على مزيد الخلق و الابتكار.. و بقدرة القادر أصبح الأمبريزاريو أي المتعهد هو الذي يحمل الصفة فبه يمكن تنظيم حفل أو مهرجان بل يملي شروطه على الاخرين… و كم من متمعش من الثقافة أصبح يحمل صفات هي بريئة منه الى جانب مظهرالثراء من سيارة فاخرة و عقارات بينما الاصل صفر…
و مع الأسف اختلط الحابل بالنابل في السنوات الاخيرة و كأن البلاد بعثت من جديد فلا قوانين سنت منذ أواخر الخمسينيات و لا فرق نشطت و عرفت المجد أسدل الستار على وظيفة وزارة الثقافة الحقيقية لتتفرغ الى توزيع الدعم الى من يطلبه بدون دراسة هدف صرف ذلك المبلغ… و تمر الأيام و القوم ينشط في دوائر مغلقة و يمدح و يصفق و يمنح الجوائز وهو في أوج السعادة أي أن القوم يغالط نفسه مثل العادات العربية أي أنه لا بد من منح جازة لكل المشاركين حتى لا يغصب أي طرف و يشعر بالاقصاء…على كل… يشعر الجميع بالارتياح و لا داعي للتفكير في المستقبل لان أسس الحاضر مهترئة جدا…
و اندلع الحديث هذه الايام عن الفرقة البلدية لأن رئيسة البلدية رفضت التوقيع على تجديد عقود بعض الممثلين… و بدل البحث في صميم الموضوع و التساؤل عن وضعية الفرقة الحقيقية المسكوت عنها نجد أن السيدة سعدية الوسلاتي و هي ممثلة لها مكانتها في مجال التمثيل نصبت ابنتها مساعدة لها أو نائبتها في حين أن السيدة سعدية تفرغت في الأسابيع الأخيرة الى العمل في تنظيم اجتماعي…ثم إن نشاط الفرقة البلدية يكاد يضمحل و ليس هذا ما ينتظر من فرقة كل أعضائها يتحصلون على مرتبات قارة في حين ينشط جلهم في التلفزات و في أعمال أخرى و هنا لا بد من الاشارة الى أنه توجد ترسانة من القوانين تنظم أنشطة الفرق المسرحية ظهر أخرها في عهد وزارة مزالي ووزير الثقافة الاستاذ البشير بن سلامة.. و هكذا لا مجال للعواطف و ما على كل طرف إلا اللجوء الى القانون…. آخر نشاط لفرقة مدينة تونس كان (الطيب ككع) كتب النص المستشار البلدي سي بن نفيسة و أخرجه عبد العزيز المحرزي و قامت بدور البطولة ابنة المخرج و توصيب ابنة مديرة الفرقة السيدة القصباوي و بعيدا عن الفرقة البلدية هناك فرقة أخرى قدمت (المدك) بطولة مدير ادارة المسرح البلدي…كلام و تعاليق غير بريئة و مع الاسف فقد المسرح ذلك الاشعاع الذي تواصل الى بداية الثمانيات…عملية التنظيف صعبة في هذه الأجواء الغير صافية…مليئة بالدخلاء و المتعشين من ميادين الفنون..