تتباهى السلطة بأن الرقابة محكمة في المجال التجاري فهناك وزارة التجارة التي تقوم بدور المراقب العام وهناك لجان الصحة والجودة وخاصة منظمة الدفاع عن المستهلك التي هي بالمرصاد للتجاوزات إن حصلت… وبكل جرأة أفند هذا التباهي المزيف لأن الفضاءات التجارية تتحرك وتتصرف وكأنه لا يوجد رقيب في الدولة ففي إرجاع باقي المبالغ مقابل الشراءات تقتطع عن كل عملية على الأقل عشرة مليمات ولو على علبة ياغورت بأقل من نصف دينار بينما العطار يعيد إليك العشرة مليمات مع تحية طبيعية وقطعا في الفضاءات الكبرى عمليات اللصوصية مثبتة على الأسعار أي كما يقول المثل (لص وفي يده شمعة) لأن كل سعر لا ينتهي برقم مكمّل يستولي الفضاء على البقية فمثلا 965 مليما فما فوق يعتبر دينارا وبلا اعتذار عن عدم وجود الصرف ولو أن الوجوه البشوشة اختفت تماما من الفضاءات التجارية وحلت محلها الوجوه العبوسة واللهجة الأجش ورمي البقية هكذا بشيء من العبثية وكأنك تتسوّل وطبعا زادت السلطة في تغول تلك الفضاءات بمنحها حق بيع الأكياس ومن كل الأصناف.
وهذا لا تجده عند أي عطار الذي يسارع برد العشر مليمات وفي لف ما اشتريت مع تحية الاستقبال وأخرى عند المغادرة وهكذا على السلطة أن تتحرك بصفة جدية وأن تقضي على كل التجاوزات التي تعترض المستهلك لأنها لصوصية وانحطاط وبلطجة وما على السلطة إلاّ توفير النقود من كل الفئات من مليم إلى خمسين دينارا فمن العار ومن المخجل أن يستولي البائع أو البائعة على 45 مليما بحجة عدم وجود الصرف وأنتم يا حضرات المسؤولين على اطلاع تام بأنه في أي بلد في العالم يتم إرجاع ما تبقى من معلوم البضاعة على آخر سنتي بل على الزبون أن لا يتحرك قبل حصوله على سنتي.
من المؤسف أن تكون السلطة بصدد التفريط في العادات الإنسانية المقامة على الأخلاق الحميدة وعلى الشرف وأن تساهم في فتح نوافذ المغالطة واللصوصية والتلاعب والتساهل مع إرهاق المواطن الذي يقاسي من صعوبات شتى في حياته اليومية…
مظاهر العدالة والصدق والشرف تخفف المآسي على الناس بينما المظاهر الأخرى في التسيب والظلم وغض الطرف عن البلطجية مرتدين أي زي يساهم أكثر فأكثر في تنغيص الحياة.
محمد الكامل