تمت ليلة البارحة 30 جوان 2021 المصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلّق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية، حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس بـرمّته بـ 122 نعم 01 احتفاظ و 12 رفض.
وقد شهدت الجلسة العامة التي تمت فيها المصادقة على هذا القانون جوا مشحونا، و ذلك بسبب ما أثاره الحزب الدستوري الحر من ضوضاء داخل المجلس، احتجاجا على مشروع هذا القانون و ما يكتنفه من غموض و جدل واسعين.
هذا و عمد نواب الدستوري الحر لقطع البث المباشر، كما تعرضت رئيسة الحزب للإعتداء بالعنف المادي و المعنوي داخل قاعة الجلسة بالبرلمان.
* الإتفاقية التونسية القطرية بين الرفض و القبول
هي اتفاقية وُصِفَت بالمشبوهة و المثيرة للجدل، و هو ما نستدل عليه بانقسام ساحة البرلمان التونسي إلى قسمين، قسم عارض الإتفاقية شكلا و مضمونا و وصل به الأمر إلى الإحتجاج و الإعتكاف و الإعتصام داخل المجلس، سعيا إلى عدم تمرير هذه الإتفاقية، و هنا نتحدث عن الحزب الدستوري الحر، الذي اشتكى الغنوشي بتهمة إياه التدليس والتحايل في قضية صندوق قطر للتنمية، الذي وصفته الكتلة بـ”المشروع الاستعماري”.
و بدورها وصفت رئيسة الحزب هذه الاتفاقية بالمشبوهة، متهمة رئيس البرلمان “باستعمال أساليب ملتوية لإرضاء المحاور التي يدين لها بالولاء”.
أما فيما يتعلق ببنود الإتفاقية فقد وصفها الحزب بـ”الاحتلال المفضوح للدولة التونسية و ضرب لاستقلال قرارها الوطني ومحو لسيادتها على ترابها”.
هذا و حذر الحزب من تحول تونس بموجب هذه الإتفاقية إلى جنة لتبييض الأموال!!!
بدورها رفضت الكتلة الديمقراطية مشروع القانون، و قد صرح السيد “رضا الدلاعي” أحد النواب عن الكتلة بأن تونس لديها تقاليد في عقد الاتفاقيات مع الدول لم تخضع لها الاتفاقية القطرية التي تمس من سيادة البلاد. و هو ما دفعه لدعوة الحكومة التونسية إلى سحب الإتفاقية و التحقيق في بنودها و مراجعتها كما يلزم، و ترفض الكتلة هذه الإتفاقية تماما، و ذلك تَخَوُّفا من كونها خادمة لجهة دون أخرى، أي أنها تصب في مصلحة طرف واحد لا غير.
و قد اتهمت المعارضة ككل حركة النهضة و حلفاءها بالسعي لبيع تونس إلى قطر، ذلك أن بنود هذه الإتفاقية تمس بسيادة تونس، من جهة قدرة الصندوق القطري على اتخاذ جملة من القرارات دون الرجوع إلى الحكومة التونسية، كما تم إعفاء الصندوق من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، و تم أيضا منحه حق إعادة التصدير لجميع المواد التي لم يقع استخدامها دون دفع أي رسوم أو أداءات…
كما صرحت نائبة الدستوري الحر “عواطف قريش” بأن مسار تمرير الاتفاقية تعرّض للتزييف شكلا، فضلا عن كون مضمونها يكرس التبعية ويتعارض مع مصالح تونس. و هو ما أدى بهم في الحزب إلى المطالبة بإلغائها باعتبارها اتفاقية استعمارية تشرع لمنع تونس من سن قوانين تتعارض مع مصالح صندوق التنمية القطري، لتضرب بذلك سيادة تونس على أراضيها.
أما عن الجهات التي رحبت بالإتفاقية و ساندتها و كانت طرفا رئيسيا في التصويت عليها و تمريرها بالقبول، فهي حزب النهضة و ائتلاف الكرامة… حيث سعت هذه الأحزاب القوية و ذات الأغلبية الساحقة تحت قبة البرلمان، إلى تمرير المشروع، و بالفعل مر المشروع رغم ما تعرض له من انتقادات شديدة، و تشكيك في كونه محاولة للسيطرة على تونس و التصرف في مؤسساتها من قبل دول أخرى!
رغم الجدل الواسع الذي أحاط بهذه الإتفاقية، و رغم ما جاء في بنودها من انتهاك صارخ و فاضح لسيادة الجمهورية التونسية فقد مرت!!!
نعم مرت الإتفاقية التي منحت الصندوق القطري حرية التصرف داخل تراب الدولة، حتى أنه غير مطالب بدفع الضرائب أو استشارة الحكومة في العديد من المواضع!! و الأدهى من ذلك أن الأحزاب الأقوى في تونس كانت لها اليد العليا في تمرير مشروع هذا القانون المثير للجدل…
فماذا ستكون عاقبة هذه الخطوة على تونس؟!