نظّم مركز الدراسات المتوسطية والدولية في إطار برنامجه معهد تونس للسياسة مساء الأربعاء 19 جوان 2024 لقاء حواري حول ” إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس ” بمشاركة الأستاذ والخبير في الطاقات المتجددة شهاب بودن وبحضور عدد من مكوّنات المجتمع المدني والسياسي من طلبة معهد تونس للسياسة.
هذا اللقاء الحواري يأتي على خلفية الجدل الذي صاحب توجه بلادنا لإنتاج الهيدروجين الأخضر من بضع سنوات وعاد إلى الأضواء من جديد بعد توقيع تونس لعدد من الاتفاقيات مع شركات أوروبية لإنتاج وتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر حيث تم نهاية السنة الفارطة إمضاء مذكرة تفاهم مع مجموعة ” توتال” الفرنسية و” فاربوند ” النمساوية”، وتوقيع مذكرة تفاهم أخرى بين تونس والمجمع السعودي ” أكوا باور” في 31 ماي 2024 تتعلق بإنجاز الهيدروجين الأخضر المدمج للطاقات المتجددة.
الأستاذ الجامعي والخبير في الطاقات المتجددة شهاب بودن قدّم عرضا مفصّلا حول إمكانات إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس ومراحله والعوامل والآليات التي يجب أن تتوفر بالتوازي مع الإستراتيجية الوطنية في الغرض، مؤكد أننا اليوم لا نتحدث عن خيار للذهاب في إنتاج الهيدروجين الأخضر بقدر ما نتحدث عن وجوب المضي قدما في هذا المسار لعدة اعتبارات تتعلق بالتغيّرات المناخية وما تفرضه التغيّرات الدولية في إطار الاقتصاد الأخضر والحفاظ على البيئة وتطبيقا لاتفاقية باريس الموقّعة في 2016 من قبل 175 من رؤساء دول العالم في مقر الأمم المتحدة تحت مسمي ” اتفاقية باريس للتغيّر المناخي”.
وأبرز أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يهم تونس كبقية دول العالم وتتمتع بلادنا بمميزات تضمن لها التموقع ووضع موطئ قدم مع الدول المنافسة في هذا المجال، مشيرا إلى أنه على بلادنا اليوم الإسراع بإبرام اتفاقات أو حتى ” نوايا اتفاق ” مع عدد من الدول والمستثمرين الأجانب والشركات التي تشتغل في هذا المجال وعد إضاعة الوقت لتحقيق نتائج إيجابية في وقت معقول وافتكاك نصيبنا من هذا التوّجه الواعد والحتمي في السنوات القادمة والذي تفرضه خاصة التغيّرات المناخية والتوجه العام نحو الاقتصاد الأخضر في العالم.
وعلى عكس ما يروّج أوضح الخبير في الطاقات المتجددة شهاب بودن خلال مداخلته أن إنتاج الهيدروجين الأخضر لا يتطلب استهلاك الكثير من الماء كما يشاع باعتباره لا يرتكز على مواردنا المائية الباطنية أو الماء الصالح للشرب أو المياه الموّجهة للفلاحة ،بل يعتمد أساسا على المياه البديلة وهى المعالجة أو المتأتية من تحلية مياه البحر، حيث لا تمثل تكلفة المياه في إنتاج الهيدروجين الأخضر إلا 1% من التكلفة الجملية للإنتاج..، وهو ما يعني أن توّجه بلادنا نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر ليست له نتائج سلبية بل بالعكس هي فرصة لتونس للتموقع ضمن هذا التوّجه العالمي الجديد وجلب المستثمرين في المجال ودفع الحركة الاقتصادية والسياحية ودفع التشغيل وما يمكن أن ينتج عن ذلك من حركية تجارية وتحسين الأوضاع الاجتماعية عموما.
وتمحورت أغلب أسئلة المشاركين في هذا اللقاء الحواري من طلبة معهد تونس للسياسة من المجتمع المدني والأحزاب السياسية حول أهمية إعداد استراتيجية اتصالية وتسويقية لجلب المستثمرين في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر بتونس وكيف سيتم توفير التكلفة العالية لهذا المشروع في ظل منافسة الدول الأخرى وخاصة جيراننا من الدول الشقيقة والصديقة وتقديم عروض استثمار جاذبة باستغلال الموقع الاستراتيجي ومميزات البلاد التونسية وهو ما يسهل عملية استقطاب المستثمرين ضمن هذا المشروع الواعد .