أدى الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة، حسب تقرير البنك الدولي حول الظرف الاقتصادي في تونس الصادر اليوم الخميس 30 مارس 2023 إلى تسليط الضوء على دعم الطاقة في تونس حيث لا تزال معظم أسعار الوقود والكهرباء والغاز وغاز البترول المسال دون الكلفة.
وابرز التقرير ان الحفاظ على خطة الدعم هذه اصبح مكلفا بشكل متزايد بالنسبة لتونس بما يقوض الاستدامة المالية الكلية والعجز التجاري لا سيما في وقت ترتفع فيه أسعار الطاقة الدولية وبلغ متوسط الدعم 2.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بين 2011و2021 و3 بالمائة في عام 2022.
كما خلق نظام الدعم وفقا للمؤسسة المالية الدولية تحديات كبيرة لشركات الطاقة المملوكة للدولة كالشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لصناعات التكرير بحكم ان الدولة اصبحت غير قادرة بشكل متزايد على تأمين الموارد لتغطية خسائرها.
وأشار التقرير في ذات السياق الى ان هذه الاوضاع أضعفت قدرة الشركات المملوكة للدولة على التخطيط والاستثمار لضمان تأمين إمدادات الطاقة. ومن خلال تعطيل الجدوى المالية للشركة التونسية للكهرباء والغاز وإبقاء أسعار الطاقة منخفضة بشكل مصطنع، فإن الدعم يقوض أيضا الانتقال الأخضر حسب التقرير الذي شدد على انه يمكن بإلغاء دعم الطاقة تدريجيا المساعدة في معالجة الأزمة المالية الكلية، وتحسين الجدوى المالية للشركات المملوكة للدولة، وتحفيز الانتقال الأخضر. ومع ذلك، فمن الضروري الحد من تأثير الإصلاح على العائلات ذات الدخل الأكثر ضعفا أمام تلك الزيادات في الأسعار، خاصة في حالة الدعم المقدم للأسطوانات الغازية والكهرباء، حيث تستفيد من هذا الدعم العائلات ذات الدخل المنخفض. وفي المقابل، ينصب توجه دعم الوقود والغاز الطبيعي بشكل كبير على فئات المجتمع ذات الدخل العالي.
وحسب البنك يمكن لمزيج من التعريفات والتحويلات ان يساعد في تحييد تكاليف الانتقال بالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض. كما يمكن لإصلاحات دعم تكون مصحوبة ببرامج لمساعدة الشركات والعائلات على الاستثمار في كفاءة استخدام الطاقة والتوليد الذاتي المساعدة على تخفيف الضغوط التضخمية على العائلات والشركات، والحفاظ على القدرة التنافسية للشركات ودعم الانتقال الأخضر.
وستكون إعادة الهيكلة المالية وتحديث الشركات المملوكة للدولة من العناصر الرئيسية المكملة لإصلاحات الدعم لتمكين الشركات المملوكة للدولة في مجال الطاقة من استعادة ديمومتها المالية.
وتوقع البنك الدولي في تقريره المتعلّق بالظرف الاقتصادي بعنوان “إصلاح الدعم المخصص للطاقة لأجل إرساء اقتصاد مستديم” (ربيع 2023) نمو الناتج المحلي الإجمالي لتونس بنسبة 2.3 بالمائة في عام 2023، مشيرا الى تقديره أن يؤدي المسار الأكثر اعتدالا نسبيا لأسعار السلع الأساسية، إلى جانب بعض الإصلاحات على مستوى الإنفاق، إلى خفض عجز الحساب الجاري، الذي سيظل من الصعب تمويله دون إجراء إصلاحات.
كما ذكر بان من شأن الاتفاق على برنامج صندوق التمويل الممدد مع صندوق النقد الدولي إلى جانب تنفيذ جدول إصلاحات طموحة أن يساعد في تغطية احتياجات التمويل الخارجي.
واشار البنك الدولي الى ان استمرار الضغط على الأسعار العالمية للسلع الأولية واستمرار حالة عدم اليقين بشأن التمويل الخارجي يشكلان مخاطر هبوط كبيرة على الاقتصاد التونسي.