لا يعلم الكثير من الناس بأننا نواة صناعية تبحث عن المفخرة و النجاح في ظل انعزال البلاد التونسية عن العالم، و لكن رغم هذه العزلة فإننا بقينا محافظين على النسق العادي لصناعة و ترويج الأدوية. و تتكون النواة الصناعاية الصيدلية من 35 مؤسسة توفر ما يقارب ال9000 موطن شغل، بنسبة تأطير عالية تستقطب بدرجة أولى المهندسين و الصيادلة و الأطباء… و يعتبر هذا القطاع مفخرة على مستوى التصدير بقيمة 200 مليون دينار من الصادرات، أي ما يمثل 18% من الإنتاج المحلي. و تبلغ نسبة التغطية على مستوى الحاجيات الوطنية 75% بقيمة 51% من حاجياتنا الوطنية التي يتم توفيرها للسوق المحلية.. و بالتالي تعتبر هذه المؤشرات الإيجابية بمثابة النواة التي يمكن البناء عليها.
النقائص و الإشكاليات موجودة، و الأهم من ذلك أننا واعون بكل هذه المشاكل، لذلك قمنا بالإشتراك مع الغرفة الوطنية لصناعة الأغذية بإرساء شراكة من أجل تفادي كل هذه المشاكل و إيجاد الحلول لها. و بذلك نصبح قادرين على تذليل الصعوبات خاصة على مستوى الحوكمة و النفاذ إلى التمويل. كما أن هذا القطاع يسعى للتساوي مع التوريد.
يعتبر قطاع الأدوية قطاعا سياديا بامتياز، و لكن يبقى موقعنا في الأسواق الخارجية متواضعا بعض الشيء، و هذا ما نلاحظه من خلال التغطية التجارية للصادرات و الواردات التي لا تتجاوز نسبة 15%!
أهم إشكاليات قطاع صناعة الأدوية
هناك إشكال كبير على مستوى منظومة تحديد الأسعار خاصة في علاقة بمنظومة دعم الأدوية، ذلك أن الأدوية الموردة يتم دعمها، لكن الأدوية المصنعة محليا غير مدعمة. و هذا الإجراء معمول به في تونس حيث يتم دعم الأدوية الغير مصنعة محليا، و قد بلغ حجم الدعم في 2019 ما يقارب 254 مليون دينار. و نجد 60 مليون دينار من هذا المبلغ كدعم موجه لأدوية لها أكثر من مثيل مصنع محليا، أي ما يقارب 182 دواء مصنعا على المستوى المحلي.
هذا و يعاني القطاع من عدة مشاكل أخرى، خاصة على مستوى تعدد الهياكل المعنية بحوكمة قطاع صناعة الأدوية، و منظومة تحديد الأسعار و منظومة الدعم… كل هذه النقاط تمثل مجتمعة المشاكل العويصة التي تعاني منها صناعة الأدوية في تونس. و قد طرحت هذه المشاكل مع الغرفة و وزارة الصحة، و الشؤون الإجتماعية و التعليم العالي… و هو ما يجعلنا نعمل على ميثاق شراكة للنهوض بالقدرة التنافسية لقطاع الصناعات الصيدلية في أفق 2025، و قد تم طرح العديد من الحلول من أجل إعادة هيكلة نظام الأسعار و تحسين منظومة الدعم و السعي لمواءمة حاجيات القطاع مع برامج التكوين.
تطوير قطاع الأدوية يشترط تغيير طريقة الحوكمة الحالية
يعاني القطاع من عدة إشكاليات تستوجب الحل السريع كالتكوين و الأدوية البيولوجية و غيرها… و قد تم طرح هذه المشاكل مع الغرفة و وزارة الصحة و وزارة الشؤون الإجتماعية و وزارة التجارة و كل الأطراف المعنية… وذلك في إطار إعداد ميثاق شراكة للنهوض بالقدرة التنافسية لقطاع الصناعات الصيدلية في أفق سنة 2025، و من المنتظر الشروع في الإصلاحات في بداية الثلاثي الثاني من هذه السنة. و سيتم أولا إصلاح منظومة الحوكمة في القطاع أي السياسة السعرية و الدعم.. و سيتم في المستقبل الإعتناء أكثر بالأدوية المصنعة على المستوى المحلي على حساب المستوردة منها، خاصة تلك التي لها بديل يصنع في تونس.