ماهر شعبان، رئيس مجلس إدارة مجمع «شعبان إخوان للمقاولات»:
تم تأسيس شركة «شعبان إخوان» منذ سنة 1990 وهي تنشط في مجال المقاولات و الأشغال العامة، و في الوقت الراهن تمر شركات المقاولات بالعديد من المشاكل، نذكر من بينها العقود التي يتم إبرامها بين شركة المقاولات و الدولة، حيث ينص العقد على المدة الزمنية للخلاص المقدرة ب45 يوما، و الدولة اليوم لم تلتزم بهذا البند من العقد. و مثال ذلك بناؤنا لمشروع القمة العربية المتمثل في مركز للمؤتمرات، و قد تم استكمال فعاليات القمة العربية، و نحن إلى حد هذه الساعة لم نتلقى مستحقاتنا المالية، و قد مر على هذه الأشغال ما يقارب السنتين! تدين الدولة لشركتنا بمبلغ 40 مليارا، و أنا شخصيا أعتبر شركات المقاولات شركات وطنية، فهي أولا لا تندرج ضمن القطاع الخاص، و ثانيا تقوم بتشغيل ما يقارب الألفي عامل، زد على ذلك تشغيل العديد من الإطارات و المهندسين… و بالتالي يجب الإستثمار في قطاع المقاولات، خاصة و أنها مؤسسات حاملة لبنية تحتية بشرية متكونة و ممتازة جدا، من ما يمكن هذه الشركات من القدرة العالية على العمل بالخارج و إدخال العملة الصعبة للبلاد، لدينا اليوم الأسواق الإفريقية و الليبية و الجزائرية… لذلك يجب على الدولة إيجاد الطرق المناسبة لتطوير شركات المقاولات حتى تصبح قادرة على العمل خارج أرض الوطن، و هذا سيكون مكسبا وطنيا ضخما.
قبل تاريخ 14 جانفي كانت هذه الشركات في وضعية جيدة، و كانت تعمل في السوق الليبية و غيرها… و بالتالي ساهمت في إدخال العملة الصعبة لتونس، أما اليوم فقد تم إضعاف هذه الشركات على المستوى المحلي و حرمانها من الموارد المالية التي تمكنها من مواجهة الأسواق المغربية و الإفريقية و غيرها… مع العلم أن لدينا في تونس خبرات ممتازة قادرة على القيام بالعديد من المشاريع الضخمة. و لكن ما حدث اليوم هو إضعاف الشركات عن طريق حرمانها من الموارد المالية، حيث أصبحت أموالها تصرف على المزودين و أجور العمال و الجباية و الضمان الإجتماعي… كما أن الدولة تدين بأموال ضخمة لهذه الشركات. و بالتالي تدخل شركات المقاولات في العديد من المشاكل المالية، بحيث تصبح غير قادرة على خلاص المزودين و العمال و الجباية و الضمان الإجتماعي و البنوك… و بهذه الطريقة انهارت شركات المقاولات.
من جهة أخرى نجد أن نسبة 37% تذهب للشركات الأجنبية العاملة بتونس، و هذه النسبة عالية جدا حيث كانت في الماضي لا تتعدى 4%، كما كانت الأفضلية تعطى في السابق للشركات التونسية بنسبة 15%، خاصة و أن هذه الشركات تتلقى مستحقاتها المالية بالدينار التونسي، بينما يتم التعامل مع الشركات الأجنبية بالعملة الصعبة، و بالتالي فالدولة اليوم، تتحصل على قرض بالعملة الصعبة، ليتم منحه لشركة أجنبية، بينما تبقى الشركات التونسية بلا عمل، علما و أنها تتعامل بالدينار التونسي، من ما يجعل أسعار خدماتها أقل بكثير من الشركات الأجنبية التي تقوم باستنزاف العملة الصعبة من البلاد.
يجب على الدولة أن تهتم بشركات المقاولات، لأنها مكسب وطني قابل للتصدير و العمل بالخارج و إدخال العملة الصعبة… و من المفارقات العجيبة أننا نمضي مع الدولة عقدا تلتزم فيه بتسديد ما عليها من ديون في مدة معينة، و لكن في نهاية المطاف، لا تلتزم الدولة بتسديد تلك الأموال في الوقت المحدد و المتفق عليه، و في ذات الوقت تحتسب غرامة تأخير في الإنجاز على شركة المقاولات، و في حالة عدم تلقي المقاول لمستحقاته المالية، فإن العقد ينص على إمكانية احتساب غرامات تأخير. و لكن إلى يومنا هذا و منذ الإستقلال، لم تتمكن أي شركة تونسية من الحصول على مليم واحد من غرامات التأخير، في حين أن البنوك تتلقى مبالغ غرامات التأخير، و هي في نهاية المطاف غير ملومة على هذا، بسبب التزاماتها مع البنك المركزي.
يجب التركيز على الشركات التونسية، كما يجب على القانون أن يعود إلى مبدأ إعطاء حق الأفضلية للشركات التونسية. و قد صدر في سنة 2018 قرار يمنح الممول الحق في عدم منح حق الأفضلية للشركات التونسية و صاحب القرار النهائي هو الممول. و قد حدث أن نالت شركة أجنبية مهمة إنجاز مشروع على أرض تونس، بسعر يفوق سعر الشركات التونسية بمبلغ مليار و نصف، و هذا أمر غير مقبول بالمرة.
بلغت التزامات الباعثين العقاريين اليوم 5600 مليار، حتى أن مسألة هامش الربح قد تم نسيانها تماما. و هؤلاء مستعدون للبيع حتى بأقل من 15% فقط من أجل تسديد الإلتزامات البنكية.
تبلغ نسبة الفائدة في السوق النقدية 5% بينما نجدها في المغرب 0.75%. و من أجل التشجيع على اقتناء مسكن لائق يجب توفير العديد من الإمتيازات. و لكن نجد أن معدل نسبة الفائدة على اقتناء الشقق قد ارتفع.
يجب التفكير في تخفيض أسعار الأراضي، و تقييم رؤية البنك المركزي لقطاع البعث العقاري، و مراجعة معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية.
كما يجب توفير الأراضي للمساكن الإقتصادية و الإجتماعية، من أجل تشجيع البعث العقاري على بناء المساكن الإجتماعية.