محدثنا اليوم هو أحد الوجوه السياسية المعروفة، و تشهد له مواقفه الحاسمة التي جعلته موضع اهتمام في جل المنابر الاعلامية تقريبا و على أغلب العناوين الصحافية، استقبلنا في مكتبه برحابة صدر كبيرة رغم انشغاله الدائم و عمله الدؤوب و المستمر.
و قد صعُب عليّ تقديمه، فهو رجل متعدد الانشطة، هو الاعلامي و رئيس تحرير الصحيفة الالكترونية “الجريدة” و الناشط الحقوقي و القيادي بنداء تونس السيد نور الدين بن تيشة، ولكم في ما يلي نص الحوار الذي جمعنا به:
كيف يقدم السيد نور الدين بن تيشة نفسه للقراء و للراي العام؟
في حقيقة الأمر موضوع تقديمي مرتبط بالشأن الذي هو موضع الحوار، فأن كان سياسيّا فأنا رجل سياسة و كانت مسألة حقوقية فأُقدم نفسي كحقوقي رغم أنني لا أحبذ تقديمي بهذه الصفة لأني اعتبر أن الدفاع عن حقوق الانسان هي عنصر من عناصر العمل السياسي والاعلامي و اعتبر ان هذا واجب كل مواطن تونسي. و أما عن تدخلي كإعلامي فهو باعتباري صحفي و صاحب الصحيفة الكترونية “الجريدة”.
يعتبر نور الدين بن تيشة من مؤسسي حركة نداء تونس، فعلى اي مبادئ ارتكزت مشاركتكم للنداء و ما مدى قناعتكم ببرنامجه السياسي؟
ولد نداء تونس من فلسفة كاملة و هذا ما لا يعرفه الكثير، حينها كانت تونس تعيش فترة حيث الترويكا الحاكمة آن ذاك كانت تصف التونسيين و التونسيات و الأحزاب السياسية بالصفر فاصل هذا من ناحية، و من ناحية ثانية في انتخابات المجلس التأسيسي أكثر من مليون و 300 ألف صوت لم يتم تمثيلهم في المجلس. و النقطة الثالثة في التمثيل السياسي وفي الحقيقة كان التفكير و المراقبة للوضع السياسي حتى بعد الانتخابات يوحي انه ليس هناك فلسفة مواصلة للحركة الوطنية و الحركة الاصلاحية التونسية التي كانت أقرب تجلياتها للمخيال التونسي حركة مقاومة الاستعمار… فقبل انتخابات 23 اكتوبر و بعدها تفتقد البلاد إلى هذا العمود الفقري لتونس في ذهن التونسي و في حياته اليومية و كانت هذه إحدى العناصر الفلسفية التي قادت إلى بناء حركة نداء تونس التي تنبني بدورها على فكرتين أساسيتين تتمثل الأولى في تجميع التونسيين الذين يتقاسمون فكرة الوسطية والإنتماء إلى تاريخ الحركة الوطنية الاصلاحية و يتقاسمون الإرث التونسي الحقيقي البورقيبي والذين يتقاسمون النظرة المستقبلية التي ترتكز على الديمقرلطية و على التناوب السلمي على السلطة و أما الفكرة الثانية فهي خلق مناخ للبناء الديمقراطي و التداول السلمي على السلطة.
لو تحدثنا عن علاقة نور الدين بن تيشة و حركة نداء تونس حيث تمت إقالتكم من النداء في سبتمبر ثم عودتكم إليه من جديد في هذه الفترة بالذات… فلماذا الاقالة و لماذا العودة الآن بعد فوز النداء في تشريعية 2014 و مرور الباجي قائد السبسي إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية؟
سؤالك الفارط في حد ذاته يحمل الاجابة، و شخصيا لا أعتبر نفسي خرجت من نداء تونس لأني اعتبره جزء من كياني بالتالي ليس هناك لا دخول و لا خروج من النداء ذلك انني كنت في نداء تونس حيث لم تكن هناك انتخابات و لم يكن هناك الا النضال و ما اخبركم به هو أنه في كل عائلة تقع الاختلافات و كما يقول المثل التونسي “المصارن في الكرش تتعارك” و بالتالي هذه صفحة و طويت .
قلت انه لم تقع إقالتي من نداء تونس، بينما في بيان للحركة في 15 سبتمبر 2014 أكدت ان كل من عمر صحابو و نور الدين بن تيشة لم تعد لهما أي صفة او صلة بالحزب ويأتي هذا القرار على اثر تصريحات و مواقف و ممارسات مضرة بالحركة و صادرة من كلا الطرفين… فما موقفكم من ذلك؟
هذا مقال صحفي و ليس بالضبط البيان الذي أنزلته الحركة و عندما تقرؤون نص البيان فهناك جزء يتحدث عن عدم التزام بالحد الاخلاقي و بالمصالح العليا للحركة و هذا لا يعنيني…
أشارت الحركة في البيان ان هناك مواقف منحازة لمساندة مرشح منافس، فهل هذا يعنيك أم لا؟
اجل، صحيح…
ظهور رجل سياسي كناقد في برنامج إعلامي، هل يؤثر على انتمائه السياسي؟
بالعكس، عندما يتواجد رجل سياسة في منابر اعلامية فهو يدافع عن مبادئه و افكاره السياسية و هذا لا يؤثر سلبا على انتمائه السياسي او الحركة التي ينتمي إليها.
هناك معلومات متواترة اكدت انك كنت مدير الحملة الانتخابية الرئاسية لمصطفى كمال النابلي، و ان لم يكن صحيحا فماهي صلتكم بالمرشح؟
ليس صحيحا، و السيد زياد ميلاد كان مدير الحملة الانتخابية للمرشح مصطفى كمال النابلي و لا تربطني بالمرشح سوى علاقة صداقة و اخوة و انا لا أؤكد مساندي له في الانتخابات الرئاسية بل قبل الدور الاول كنت قد ساندت “سي الباجي.”
لك صورة تواترت على أغلب المواقع الالكترونية تعانق فيها مصطفى كمال النابلي و علّق عليها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بالقول “نور الدين بن تيشة من احضان سي الباجي إلى احضان مصطفى كمال النابلي”، فما تعليقكم على ذلك؟
وأين المشكل في ذلك، فالناس دائما تعلّق كما تريد و نحن نحترم حرية التعبير و حرية الكلمة و التعليق ما لم تمسّ في الأعراض و لا تعليق لي في ذلك.
ما علاقتكم بكمال اللطيف؟
علاقة صداقة لا غير
لو نعود بالحديث عن نداء تونس، لكم في تصريح على “جوهرة أف ام” أن مسألة استبعادكم عن نداء تونس ليس قرار الحزب و إنما هو قرار متأتي من مجموعة معينة… و الرأي العام بحاجة لمعرفة المقصود بالمجموعة؟
ليس هناك حزب او حركة خالية من الاختلاف و قلت من قبل أن هذه الصفحة قد طويت وصارت من الماضي.
نحن الآن بحاجة لمعرفة على أي أساس ستنبني علاقتكم بالأطراف القيادية للحركة؟
هي علاقة صداقة و علاقة سياسية من أجل مصلحة تونس و مصلحة الحزب.
هل قدّمتم تنازلات عن بعض مواقفكم للعودة إلى نداء تونس؟
في الحقيقة، في مختلف الاحزاب يجب ان تكون هناك نقاشات و توافقات كي نتوصّل إلى رأي يجمّع ما بين الناس و هذا سبب نجاح حركة نداء تونس لأنها تستوعب أكثر عدد من التونسيين الذين لهم مراجع فكرية مختلفة، لأنه في نداء تونس ليس لنا إيديولوجيا معينة بل هناك مختلف التيارات الفكرية داخل الحزب و بالتالي من أجل صياغة موقف أكيد أن تقع نقاشات والتوجه او الموقف الذي يحظى بأكثر اجماع هو الذي يتوافق عليه و ليس بالضرورة أن يكون موقفي أو موقف غيري و لكن يكون موقف النقاش و كما قال الرفيق شكري بلعيد رحمة الله عليه: “فليس علينا ان نبحث عن اختلافاتنا بل علينا ان نبحث أين نلتقي.”
ماهي الاستراتيجية التي يتبعها نداء تونس للتوفيق بين مختلف التيارات الليبرالية واليسارية و الاسلامية داخل الحركة؟
أولا، لا أعتقد ان التيارات الاسلامية شيء إيجابي بالتالي لا يوجد داخل نداء تونس تيارات اسلامية، هناك يساريين و ليبراليين و نحن نتعامل مع الامر الواقع و اعتماد الموقف الأسلم لتونس في المرحلة التي يطرح فيها الموضوع و يتم اتخاذ القرار الذي يجمّع اكثر من انه يفرّق.
بعد نجاح نداء تونس في الانتخابات التشريعية في مرتبة اولى و حركة النهضة في مرتبة ثانية هل من الممكن ان نرى تحالفات حزبية في اتخاذ أي قرار؟
البرلمان التونسي فيه مجموعة من الاحزاب فهناك حركة نداء تونس هي الحزب الاول وحركة النهضة تمثل الحزب الثاني ثم تأتي باقي الاحزاب السياسية، و بالنسبة لمشاريع العمل المستقبلي فبالتأكيد أن التقاربات سوف تكون عن طريق نقاش و وفاق و لكن ليس بالضرورة انها تتحالف، لأنه عندما نتحدّث عن تحالف، فالتحالف ضد من؟ هذا ما أسميه سلوك سياسي يحاول التجميع اكثر من التفريق لفائدة تونس و التونسيين.
ماهو موقفكم من السيد الرئيس المؤقت “المرشح للرئاسية” المنصف المرزوقي؟
موقفي من السيد المنصف المرزوقي لا يخفى على أحد و انا اعرفه و لي علاقة به منذ سنوات و لكن اعتبر انه لم يكن في مستوى المرحلة التاريخية التي وُجد فيها هو كرئيس مؤقت للجمهورية و اعتبر أنه قام بأخطاء كبرى في حق أمن التونسيين كما اعتبر انه قام بزعزعة المؤسسة العسكرية و لم يحافظ على هيبتها كما انه لم يكن رجل وفاق و لم ينجح بأن يكون رجل دولة.
لاحظنا في هذه المرحلة من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية ان التصريحات الجارحة بين السيد الباجي قائد السبسي و السيد المنصف المرزوقي أفرزت منافسة شخصية لا برنماجية ما رايكم في ذلك؟
أولا لا اتذكر ان سي الباجي قام بتصريحات جارحة في حق المنصف المرزوقي و إن قام المرزوقي بتصريحات جارحة في حق الباجي قائد السبسي فنحن نتجاوزها و في الحقيقة من الطبيعي ان نجد هكذا منافسة لان الانتخابات الرئاسية بها جانبين، يتمثل الاول في الجانب الشخصي لأنه هناك انخراط شعبي حول شخص لترأسه الدولة و الجانب الثاني فيتمثل في البرنامج الذي ينتظره المواطن من المرشح.
و من جانبي أرى أنّنا لم ندخل بعد في مرحلة انتخابية في الدور الثاني للرئاسية و لكننا نرى اشخاصا حول الدكتور المنصف المرزوقي يحاولون تغيير مجرى الانتحابات عن طريق تصريحات ليست مسؤولة و محاولة إثارة النعرات. و نحن في تونس لانزال في مرحلة التعلّم كإعلاميين و مسؤولين و سياسيين و في دول متقدمة يحدث اكثر من هذا ولكن تبقى النقطة الاساسية ان تتم الانتخابات الرئاسية في إطار الشفافية و الامن للمواطن و لكن التصريحات الجارحة هي شيء طبيعي لأن من دور المرشح ان يعطي برنامجه للناس ويظهر أيضا عيوب خصمه و يكشفها للعموم و هذه قاعدة.
حاورته : صفاء الرمضاني
صور: أجير سعيدان