انتقد عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب، اليوم الأربعاء في الجلسة العامة للبرلمان المخصصة للنظر في مهمّة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إطار ميزانية الدّولة لسنة 2024، عمل الهيئة والقانون المنظّم للانتخابات خاصّة في علاقته بالمترشّحين.
وطالبوا بتقييم شامل للانتخابات التشريعية السّابقة من أجل تلافي الأخطاء والثغرات القانونية التي وضعت بعض المترشحين في موضع شبهات وأدّت بهم إلى المحاكم.
وتحدّث عدد من النواب، خلال النقاش، عن تجارب وصفوها بـ”السيّئة” لهيئة الانتخابات وإشكاليات كذلك مع أعوان المراقبة الذّين تنتدبهم.
ولاحظوا أنه تنقصهم “المهنيّة” في عملهم “إلى حدّ أنّ البعض منهم حرروا محاضر ضدّ مترشّحين بناء على تخمينات لا على وقائع حقيقية”، كما روى ذلك النائب فتحي المشرقي والنائبة سيرين المرابط والنائبة بسمة الهمّامي والنائب أيمن بن صالح وغيرهم من النواب الذّين اعتبروا أنّ القوانين كانت “متشدّدة جدّا”.
وخلص النواب في مداخلاتهم إلى أنّ “القانون الانتخابي قدّ على مقاس الأحزاب لا على مقاس الأفراد وهو ما أوقع الأشخاص الذّين ترشّحوا للانتخابات التشريعية السّابقة في مشاكل بسبب نقص الخبرة وعدم إيصال المعلومة”، إضافة إلى الإشكاليات الإداريّة على غرار عدم التمكن من فتح حسابات جارية سواء بالبنوك أو بمراكز البريد، وطالبوا في هذا السّياق بمراجعة القانون الانتخابي.
وتساءل النائب عادل ضياف (صوت الجمهورية) في هذا السّياق عن مدى تكوين أعوان المراقبة المنتدبين من هيئة الانتخابات، فضلا عن طرحه لمسألة تقييم الانتخابات الماضية ومدى مواكبة الهيئة للتطورات الجديدة الخاصة ببطاقة التعريف البيومترية .
أمّا النائب مسعود قريرة (الخط الوطني السيادي) فقد اعتبر أنّ الثغرات القانونية سبّبت إشكاليات كبيرة للمترشحين للانتخابات التشريعية خاصّة في ما يتصل بالصكوك البنكيّة والتناقض بين الآجال القانونية لصرف صكّ بنكي وبين الآجال التي وضعتها هيئة الانتخابات لغلق الحساب البنكي (بعد الحملة الانتخابية).
كما أشار إلى أنّ المعاملات الورقيّة الكثيرة “تحبط عزائم المترشحين”، وطالب الهيئة في هذا الصّدد بتسليم محفظة تحمل كلّ الوثائق لكلّ المترشّحين تكون على حسابها.
وقال قريرة إنّ المترشّح يعاقب على أبسط الأخطاء، حتى لو لم تكن مقصودة، واعتبر أنّ هذا الأمر يتسبب في نقص عدد المترشحين الذّي ينعكس بالتالي على عدد الناخبين.
ولاحظ في السياق ذاته أنّ القانون الانتخابي أعدّ للأحزاب لكن دفع ضريبته الأفراد الذين ليست لهم دراية خاصة بالجرائم المالية وليس لديهم محامين ومحاسبين للتّكفل بهذه المسائل، ودعا إلى تقييم للانتخابات السابقة.
من جهته، تساءل النائب فاضل بن تركية (الكتلة الوطنية المستقلة) عن موعد إجراء الانتخابات الجزئيّة لسدّ الشغور بالبرلمان، ملاحظا عزوف الكثير منهم عن الترشّح بسبب التعقيدات الكثيرة وخاصّة منها التزكيات والإشكاليات الماليّة .
وقال إنّ هيئة الانتخابات تتحمّل بشكل كبير نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية السّابقة لتمسّكها المفرط بالشّكليات، حسب قوله.
ولاحظ أنّ الهيئة تقوم بالإجراءات ذاتها مع هذه الانتخابات المحلية “ممّا تسبّب في ضعف في نسب التّرشح في حين أنه كان من الأجدى تحفيز المترشحين وتسهيل الإجراءات عليهم”.
أمّا النائبة سيرين المرابط (كتلة الأحرار)، فقد لاحظت أنّ ميزانية هيئة الانتخابات لم تراع التوصيات بالتقليص في المصاريف مراعاة لأزمة الماليّة العمومية، وانتقدت شراءات الهيئة لسيارات إدارية جديدة فاقت كلفتها 1 مليون دينار.
كما عابت المرابط على هيئة الانتخابات عدم تشريك نواب البرلمان في أعمال التقسيم الترابي الحدودي وكلّ ما شمل الاستعداد لاستحقاق الانتخابات المحلّية.
وأشارت إلى وجود نائب بمكتب البرلمان مكلف بالعلاقة مع مجلس الجهات والأقاليم وكان من الأجدى أن يكون حاضرا مع الهيئة، وينقل كلّ المعطيات للنواب الذّين كانوا سيفسّرون ويبسّطون الأمر في جهاتهم ممّا ينتج عنه تحفيز أكثر عدد ممكن من النّاخبين، حسب قولها.
وفي سياق آخر، تساءل النّائب رضا الدّلاعي (كتلة الخطّ الوطني السيادي)، عن كيفية مراقبة التزكيات خاصّة بعد إلغاء إجراء التعريف بالإمضاء.
كما تساءل عن مدى حياد السلطة في هذه الانتخابات بعد ملاحظة حضور عناصر السلطة المحلية والجهوية مع المترشحين وفي اجتماعات الهيئة ممّا يمسّ، حسب رأيه، من مصداقية المسار وشفافيته.
وطالب الدّلاعي بضرورة التعجيل بمبادرة تشريعية تنظّم العلاقة بين مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم، معتبرا أنّ المسائل التنموية واضحة لكن تبقى الإشكالية في إمكانيات الدّولة.
وات