دعت المنظمات والجمعيات المشاركة اليوم الاثنين بالعاصمة، في مؤتمر صحفي بمناسبة الذكرى الثالثة لنشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة في الرائد الرسمي، إلى تفعيل التقرير الذي يتضمن “توصيات ملزمة للدولة التونسية “، معتبرين أن منظومة 25 جويلية “حاولت قبر مسار العدالة الانتقالية بشتى الطرق ولم تذكره في الدستور الجديد.
واعتبر المشاركون في هذا المؤتمر الذي نظمه الائتلاف المدني للدفاع عن العدالة الانتقالية، أن مؤسسة فداء ولجنة الصلح الجزائي “هي هياكل موازية ووهمية، أراد النظام الجديد الالتفاف من خلالها، على المسار الحقيقي للعدالة الانتقالية والهياكل التي نص عليها قانون العدالة الانتقالية (القانون عدد 53 لسنة 2013) ونتائج عمل هيئة الحقيقة والكرامة على مستوى لجنة التحكيم والمصالحة”، حسب تقديرهم.
وبيّنت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة المنتهية مهامها سهام بن سدرين ، أن أهم أسباب فشل العدالة الانتقالية في تونس هو الخوف من المنظومة القديمة التي قالت إنها مازالت مستحوذة على مفاصل الإدارة، محملة كل الأطراف “يمينا ويسارا” مسؤولية ما وصل إليه الوضع في هذا المجال.وقالت إن الكل تواطأ مع المنظومة يمينا ويسارا سواء بالمشاركة أو بالصمت “، مستعرضة أهم المحاور في التقرير الختامي للهيئة الذي اعتبرت أنه مازال مزعجا للعديد من الأطراف رغم مرور ثلاث سنوات على نشره في الرائد الرسمي.
من جهته بين أحمد علوي ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان مكتب تونس أن الإبقاء على نفس المنظومة وبنفس النصوص القانونية وتكريس سياسة الإفلات من العقاب من شأنه أن يفضي إلى تكرر الانتهاكات، مشيرا إلى أنه وبعد مرور قرابة الست سنوات على انطلاق عمل الدوائر المختصة لم تصدر أية أحكام إلى اليوم.
وقال “جزء هام من كشف الحقيقة ورد في التقرير ونحن في انتظار الجزء الذي تتضمنه الملفات المحالة على القضاء المختص”، مستعرضا عديد الأسباب التي تعطل عمل القضاة في هذه الملفات وفي مقدمتها الحركة السنوية للنقل وغياب الموارد والنسق الضعيف للجلسات بمعدل 3 جلسات لكل ملف سنويا.
وشدد من جهة أخرى على أن حصر مسألة جبر الضرر في التعويضات المادية أمر خاطئ وأن 18 ألف ضحية فقط من بين قرابة 30 ألف، معنيون بجبر ضرر مادي وهي حقوق لا بد من ردها وليست مسألة أموال، حسب تقديره، مبينا أن البرلمان الجديد، وبغض النظر عن كل الآراء والتحفظات حوله، مدعو لتطبيق الفصل 70 من قانون العدالة الانتقالية والذي ينص على ضرورة إنشاء لجنة في البرلمان لمراقبة تنفيذ الحكومة للتوصيات الواردة في تقرير هيئة الحقيقة والكرامة.
وتطرق حسين بوشيبة عن جمعية الكرامة للحقوق والحريات، إلى موضوع الصلح الجزائي واللجنة التي أحدثها رئيس الجمهورية والتي قال إنها لم تنفذ شيئا إلى اليوم ، مبينا أن التزامات تونس بالمعاهدات والمواثيق الدولية تفرض على البلاد تفعيل توصيات هيئة الحقيقة والكرامة في ما يتعلق بنتيجة عمل لجنة التحكيم والمصالحة.وأضاف أن الصلح الجزائي يقتضي كشف الحقيقة ومحاسبة الفاسدين ومن اعتدى على المال العام، وهو ما لا يتماشى مع تصور السلطة للجنة المحدثة للغرض، حسب قوله، معتبرا أن “غياب المحاسبة وتبييض الفاسدين سيفسح المجال واسعا أمامهم للتكرار والعود بأكثر ذكاء وحنكة”.
وشدد على أن حق الشعوب لا يسقط بالتقادم، معتبرا أن “هذه اللجنة والأرقام غير الواقعية التي بخصوص الأموال التي ستجمعها وستمول بها الشركات الأهلية هي من قبيل بيع الأوهام”، ومؤكدا التمسك بمسار العدالة الانتقالية ومخرجات عمل هيئة الحقيقة والكرامة.
ونوه الحقوقي العياشي الهمامي بأهمية تقرير الهيئة الذي “توصلت إلى نشره رغم التعطيل والضرب والتشويه”، قائلا إنه لا يعترف بمؤسسة فداء ولا بلجنة الصلح الجزائي لأنها “قفز على القانون”، حسب توصيفه، وأن البرلمان الحالي مطالب بتنفيذ قانون العدالة الانتقالية في إطار استمرارية الدولة.
ومن جهته بين حمزة بن نصر منسق الائتلاف المدني للدفاع عن العدالة الانتقالية، ضرورة تنفيذ توصيات هيئة الحقيقة والكرامة في إطار استمرارية الدولة ، ووضع مخطط حكومي لبرنامج تنفيذ التوصيات وإرساء نظام ديمقراطي يقوم على التفريق بين السلط، معربا عن الأسف لتخلي الدولة على حقوق الضحايا وجبر الضرر ومحاسبة الجلادين.
ومن بين المنظمات والجمعيات المشاركة في هذا المؤتمر المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب والمفوضية السامية لحقوق الإنسان مكتب تونس وجمعية الكرامة للحقوق والحريات.