يمثل الاعلام بالنسبة لي منذ ما يناهز الاربعة عقود قصة حب و غرام . فأنا ابن الصحافة المكتوبة، حيث كانت بداياتي بجريدة “تونس هبدو” بتاريخ 03 اوت 1976 اين بدأت الكتابة بهذه الجريدة تحت اختصاص الاعلام الرياضي وغيره. إذ كانت الجريدة شاملة.
ثم بعد وقت وجيز توليت الإشراف على الصفحات الرياضية، حيث رافقني العديد من مشاهير الصحافة الرياضية مثل شهاب الرويسي، و قد كنت سببا في ادخاله الى عالم الصحافة الرياضية المكتوبة، ليكون هو في المقابل سببا في ادخالي الى الاعلام التلفزي، و رافقني في هذا المشوار الرياضي المعروف “محمود الهمامي” و غيره من الصحافيين في زمن كانت فيه الصحافة المكتوبة هي المهيمنة دون منازع، و اليوم لم يعد لها وجود باستثناء القليل جدا، حيث زخرت تلك الفترة بوجود العديد و العديد من الصحف، اذ تواصلت تجاربي متجاوزة جريدة تونس هبدو لتتواصل في جريدة le Temps.
اين عملت بهذه الصحيفة الشهيرة لمدة عشر سنوات على التوالي، حيث كان لي ركن يومي قار تحت عنوان “غمزة” في الصفحة الأولى، وتعلقت هذه الفقرة بكل المواضيع ما عدا الرياضة حيث نجد السياسة و القضايا الاجتماعية ثم فجأة ” جات التلفزة ” وقد كنت من الاشخاص الذين لم يفكروا يوما في الاقتراب من الاعلام التلفزي، حتى انني كنت رافضا لهذا الموضوع ككل، و فجأة اتصل بي معز بن غربية و كان ذلك في بدايات قناة حنبعل في شهر فيفري 2005.
ثم تلا ولادة قناة حنبعل ظهور الملف الشهير المتعلق بالنجم الساحلي و النادي الصفاقسي اذ تساءل الكل من هو البطل سوسة ام صفاقس، ثم تلقيت اتصالا من قبل معز بن غربية حيث اقترح اعداد برنامج رياضي تحت اسم ” الحدث ” لنطرح فيه الاشكال القانوني و السياسي لأنه اصبح مشكلا سياسيا بالأساس، مما تسبب في خلق ازمة بين ولايتين لتتعدى المسالة بذلك البعد الرياضي.
كان ذلك البرنامج نقطة الانطلاق ليذيع صيته فيما بعد اذ تجاوزت المواضيع التي يطرحها بقية البرامج التلفزية الرياضية الأخرى، و بعد شهرين اتصل بي معز بن غربية و شهاب الرويسي قصد التحضير لبرنامج اسبوعي رياضي كبير، و هو ” بالمكشوف ” ثم كانت انطلاقة بالمكشوف الذي دام عرضه ثلاث سنوات.
مثل بالمكشوف انطلاقة نحو برامج اخرى مثل الحق معاك و ستاد 7 و التاسعة سبور .
في سنة 2009 بدأت الاتصالات مع قنوات اخرى منها الأجنبية، مثل قنات الدوري و الكاس، حيث قمت بتغطية البطولة العربية بالدوحة سنة 2012 و كذلك بطولة افريقيا مع البين سبورت و كاس العالم بروسيا مع نفس القناة، و يعتبر برنامج هذا المساء من اولى البرامج اليومية للقناة.
اما عن المشهد الاعلامي بتونس اليوم فلا يشجع و ذلك لأسباب عديدة، منها البرامج الرياضية التي تستوجب وجود الفرق الكبرى ممثلة بها و كأننا في مجلس نواب الشعب يجب حضور الاحزاب المهيمنة، و كان هذه البرامج حتى تكون ضامنة لنسب المشاهدة العالية والقبول الجماهيري يجب ان تدعو الترجي الافريقي الصفاقسي و النجم الساحلي لترضي جماهير هذه النوادي، اما عن بقية الفرق ” ربي معاهم ” اذ تم تخصيص دقائق معدودة في نهاية كل برنامج لهم، وكنت شخصيا من الرافضين لمثل هاته التوجهات، و في ذلك الوقت لم يكن للجمعيات تاثير كبير على الاعلام . الفرق الرياضية اليوم تغولت ليصبح لكل جمعية ناطق رسمي خاص بها في البرنامج. و يعتبر هذا الامر خطيرا جدا اذ امام المشاهد ابدو وكاني اعلامي محايد، بينما انا ناطق رسمي لجمعيتي عاملا بالمثل القائل ” انصر اخاك ظالما او مظلوم ” و هذا الامر لم يكن موجودا بهذا الشكل المفضوح.
اليوم تجد رسميا اعلاميين ناطقين رسميا باسم جمعية معينة. و بشكل مفضوح اصبحنا امام جمعيات لا يمكن المساس بها او الاقتراب منها خوفا من الحديث عنها تخسر الاشهار تخسر موارد مادية قارة اخرى لان البرامج الرياضية غير مربحة.
اذا فكرت في انتاج برنامج رياضي عليك بجلب متبن له يمولك وينفق و هؤلاء اغلبهم من رؤساء الجمعيات اذ لهم مشاريعهم التجارية و من بين شروطهم لتمويلك عدم المساس بجمعيتهم و تلميع صورتهم عكس الفرق الصغرى مع احترامي لها الكل يهاجمها و يذبحونها من الوريد الى الوريد. اما الفرق الكبرى كما سبق وقلت فلها من يدافع عنها، و هذا هو المشهد الاعلامي الرياضي اليوم الذي يعتبر لا اخلاقيا مع العلم بان المتلقي المشاهد يعرف ذلك. كنا سابقا ننجز برنامجا لمدة ساعتين لتحليل الظواهر مثل الرشوة التحكيم الجماهيرالقوانين الرياضية انتخابات الجامعة ننجز حصة بساعتين على موضوع واحد كي تعم الفائدة للمتلقي، وليس مثل اليوم حيث اصبحت الحصة مقسمة بين الفرق الكبيرة و التجادل على شرعية هدف من عدمه، اما الفرق الصغرى فتم تهميشها تماما.
و هذا خلافا لما نجده بالبرامج الرياضية التي تعرض على القنوات الأجنبية، حيث يتم تحليل المقابلات كل حسب اختصاصه، اذ تعتبر برامجنا اليوم خالية تماما من المواضيع الهامة برغم قلتها’ حيث نجد ثلاث برامج تعد على اصابع اليد الواحدة.
هناك برنامج الاحد الرياضي على الوطنية ثم التاسعة سبور لعادل بوهلال و اخيرا الاثنين الرياضي على قناة تونسنا و بهذا الشكل اصبح المشهد واضحا، اذ اختار الصحبي بكار على قناة تونسنا الانحياز و تبني قضية هلال الشابة بشكل مفضوح و مبالغ فيه اذ تبدا حصته بالشابة و تنتهي بها بينما نجد قنوات اخرى مثل القناة الوطنية الاولى تبنت قضية الجامعة و نصرة رئيسها.
بين هذا و ذاك اين التوازن بقطع النظر عن موقفي و هذا ما يفقد المصداقية عامة للبرنامج، و بقطع النظر عن من له الحق من عدمه فالمصداقية و التوازن مطلوبين في مثل هذه الأمور، و هذا ما يلخص المشهد عامة.
فاذا كنت مع الجامعة ستشاهد برنامجا معينا و اذا كنت ضدها فستشاهد برنامجا اخر، و هذا ايضا يعتبر من مهازل الاعلام الرياضي في بلادنا اليوم.
انا اعتبر ان اكبر فضيحة اليوم في تونس ليست قضية هلال الشابة بل جمعية شبيبة القيروان، اذ بعد جولة كاملة من 26 مقابلة تحصد ثلاث نقاط فقط’ وهذا بسبب من اوصلها لهذا الامر.
و نتذكر كلنا كيف سقطت الشبيبة للقسم الثاني و انتهى الامر، و الكل كان حاضرا نفسانيا اللعب بالقسم الثاني فجأة ظهرت قضية هلال الشابة فعادت الشبيبة اليا للقسم الأول، و هي غير مستعدة لذلك كمجموعة ولا ماديا ولا ذهنيا اذ الشبيبة تعتبر ضحية لإنقاذها في ظروف غير عادية.
و فيما يتعلق بقضية هلال الشابة نعلم بان هذه الجمعية لما كانت في القسم الاول كانت مفاجئة الموسم كرويا و اخلاقيا و حتى جماهيريا و لم نسمع بأحد من الجمعيات اشتكى منها او من جماهيرها خلافا لما يحصل في ملاعب أخرى، الى ان حصلت الزوبعة و القضية الفضيحة التي اعتبرها انا اذ تعتبر صاعقة على الكرة التونسية عامة.
و بسبب خطايا غير مدفوعة ينزل هلال الشابة الى القسم الخامس و رسميا القضية قضية تدوينات فايسبوكية في حق رئيس الجامعة، و التي مسته في الصميم من طرف رئيس جمعية هلال الشابة، وهذا ايضا يعتبر غير اخلاقي وتعتبر الخطايا المتحدث عنها بدون أساس، و انا كرجل قانون احترم كل من يحترم القانون.
والقانون نفسه قابل للتأويل وافضل ما يوجد في القانون هو الذوق من خلال اختيار القوانين المناسبة و المرنة لتطبيقها. المسالة شخصية بين رئيس الجامعة و رئيس هلال الشابة اذ كان من الاجدر معاقبة الرئيس وليس المساس بالجمعية ككل.
اين مبدا المساوات في هذا جمعيات اخرى تعاقبها بخطايا مالية و هلال الشابة تغرقها، بدليل ان كل القضايا تم اسقاطها من طرف المحكمة الدولية الرياضية، وكما قلت بان هذا الامر يعتبر فضيحة عالمية.
سامي غابة