أشرف وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، صباح اليوم الثلاثاء 30 جانفي 2024، على جلسة عمل مع المانحين والشركاء الماليين والفنيين لتونس في المجال الاجتماعي خصّصت للنظر في مشاريع التعاون الدولي (الثنائي ومتعدد الأطراف) المموّلة من الجهات المانحة والتي تشرف على إنجازها وزارة الشؤون الاجتماعية والهياكل الخاضعة لإشرافها لا سيما “برنامج التحويلات المالية لفائدة الأطفال المسجلين ببرنامج الأمان الاجتماعي”، وفق بلاغ صادر عن الوزارة.
وبيّن الوزير في بداية اللقاء مقدرة تونس رغم كل الظروف على تحقيق العديد من الاصلاحات الاجتماعية في إطار المقاربة المعتمدة لتحقيق العدالة والتماسك الاجتماعي والتزام بكامل بتعهداتها الدوليّة، موضّحا أن السياسة الاجتماعية لتونس تستند إلى مفهوم الدولة الاجتماعية الراعية لكل الفئات على حدّ السواء مع إفراد ذوي الاحتياجات الخصوصيّة برعاية خاصة تضمن لهم المساواة والحماية من كل أشكال الإقصاء والتهميش وذلك من منطلق الإيمان بضرورة أن لا نترك أحد خلف الركب وإتاحة الامكانية لكل المواطنين للحصول على الخدمات المقدمة من قبل الدولة بنفس الحظوظ وعلى قدم المساواة في كنف احترام القانون.
وأكد أنّ تونس انطلقت في معالجة أوضاع الفئات في وضعيّة الهشاشة والفئات الضعيفة بإرساء منظومة تعتمد مقاربة مقاومة الفقر متعدد الأبعاد من خلال إحداث برنامج “الأمان الاجتماعي” الّذي يستهدف أساسا الأسر المفقّرة ومحدودة الدخل وفق أنموذج متطور يعتمد نظام التنقيط والتقاطع البيني للمعطيات المتوفرة بقواعد البيانات الوطنيّة، مبرزا حرصه على ضرورة إعطاء المواطنين حقوقهم بكل شفافية وفي كنف الاحترام للقانون مع التقيد بضرورة تصويب الخدمة نحو مستحقيها وحوكمة التصرف في المال العام فتم إعطاء الإذن للقطع مع العمل بنظام الحصّة، واعتماد نظام التنقيط في إسناد التحويلات المالية الشهرية للعائلات الفقيرة رغم بعض التحفظات بخصوصه والتي تدعو الضرورة مراجعته في أسرع الآجال للرفع من ظروف عيش هذه الفئات وتأمين نفاذها إلى الخدمات الأساسيّة كالصحّة والتربية والتّعليم والتكوين المهني والتشغيل والسكن والنقل ولحمايتها من الارتداد إلى الفقر أو توارثه، وفق نص البلاغ.
وأبرز الزاهي مساهمة هذا التمشي بشكل ملموس في النمو الاقتصادي من خلال خمس قنوات وهي الاستهلاك واستثمارات رأس المال البشري والاستثمارات المدرّة للدخل لتخريج الفئات الفقيرة من دائرة المساعدات والقدرة على مواجهة الصدمات والاعتماد على الذات، مشيرا إلى ترفيع الدولة في الميزانية المرصودة لهذا البرنامج من 0.4 % سنة 2019 إلى حوالي نسبة 1 % سنة 2023 من الناتج الداخلي الخام.
وأبرز وزير الشؤون الاجتماعية أن توجه تونس نحو الاستثمار في الرأس المال البشري يمثل إيمانا راسخا بأن الانسان هو محور عملية تحقيق التنمية الشاملة وهو الغاية والوسيلة واعتباره أحد الخيارات الاستراتيجية التي تبنتها الدولة التونسية وذلك من خلال تمكين الأطفال في سن 0-5 سنوات من منحة قدرها 30 دينارا شهريا تسند لأبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل من المسجلين ببرنامج الأمان الاجتماعي بواسطة قرض من البنك الدولي وقد بلغ عدد المستفيدين من الأطفال خلال شهر ديسمبر 2023 حوالي 156 ألف طفل، مشيرا إلى تقنين هذه المنحة بقانون المالية لسنة 2022.
وبيّن أنّ نجاح التجربة الأولى لبرنامج التحويلات المالية بعنوان الأطفال وما حققته من نتائج على الأسرة والطفل وتحقيق توازنه الصحي والنفسي والاجتماعي وضمان عدم انقطاعه عن الدراسة، مثّل عنصر دفع لتعميم هذه المنحة لتشمل الأطفال في سن 6-18 سنة من أبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل بمقتضى هيبة من البنك الألماني للتنمية والوكالة الامريكية للتنمية الدولية وقد استفاد من هذا البرنامج خلال شهر ديسمبر 2023 حوالي 422 ألف طفل.
وفي ذات السياق، أبرز الوزير أن تحسّن مؤشر التحويلات المالية بعنوان الأطفال من أبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل سيساهم في العمل مستقبلا على عدد من الملفات الهامة في إطار إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وهي كالتالي:
– إعادة النظر في المنح المسندة بعنوان أطفال منظوري الصناديق الاجتماعية وذلك في إطار توحيد مبلغ المنح المسندة بعنوان الأطفال من أبناء المساهمين وغير المساهمين.
– العمل على إصلاح نظام جرايات العجز والشيخوخة والباقين بعد الوفاة والرفع من قيمتها لتساوي مقدار التحويلات المالية الشهرية بعنوان العائلات المفقّرة المسندة في إطار برنامج “الأمان الاجتماعي”.
– إنجاز العديد من البرامج للحد من تأثير الفقر على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفئات ذات الأوضاع الهشة وخاصة من النساء والأشخاص ذوي الإعاقة وحاملي الشهائد، ولذلك ستعمل الوزارة على الرفع من التمويل المخصص لبرنامج التمكين الاقتصادي لتحقيق الأهداف المرسومة.
– العمل على إحداث “مراكز التسويق الأمان” كفضاءات تجارية لتيسير عملية تسويق منتوجات العائلات المفقرة ومحدودة الدخل المستفيدة بتمويل مشاريع في إطار برنامج التمكين الاقتصادي من ناحية، ومنتوجات مراكز التربية المختصة للأشخاص ذوي الإعاقة من ناحية أخرى على أن يتم تشغيل أبناء هذه العائلات في “مراكز التسويق الأمان”.
وفي الختام أكد الوزير أن التعاون الدولي بما يمثله من فرص حقيقية للاستثمار في رأس المال البشري يعزز علاقات الدول ويثمر نتائج إيجابية في الاتجاهين.