أقرّ البرلمان الفرنسي بصورة نهائيّة، ليلة الثلاثاء، مشروع قانون الهجرة المثير للجدل، بعدما أيّده في مجلس النواب 349 نائبا وعارضه 186 نائبا بعد إقراره في مجلس الشيوخ.
وعلى الرغم من أنّ إقرار هذا النصّ يشكّل انتصارًا للأغلبية البرلمانية، إلاّ أنّه يحمل عواقب سياسية جسيمة.
وفي ختام المفاوضات التي وُصفت بـ “الطويلة والصعبة”، فقد اتّفق أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ على نسخة مشتركة من النصّ المثير للجدل.
وصوّت اليمين واليمين المتطرّف لصالح النصّ، بينما صوت اليسار ضدّه. بالمقابل، انقسمت حول النصّ أحزاب الوسط الداعمة للحكومة.
ويهدف هذا القانون إلى تسريع إجراءات اللجوء وتقصير فترات الاستئناف، وجعل لم شمل الأسرة أكثر صعوبة وتشديد شروط التأشيرات الطبية. كما سيكون في المستقبل من الممكن أيضا ترحيل الأشخاص الذين كانت تقل أعمارهم عن 13 عاما عند وصولهم إلى فرنسا، وكذلك ترحيل حتى الآباء أو الأمهات الأجانب الذين يحمل أطفالهم الجنسية الفرنسية.
فما هي أبرز النقاط التي يُمكن أن نعرفها عن هذا القانون؟
أولاً: تقنين وضع العمال دون أوراق، حيث سيتم إصدار تصريح إقامة خاصة لمدة عام تحت شروط صارمة للعمال دون إقامة في المهن التي تعاني فرنسا من نقص في العمالة بها على غرار مهن البناء والخدمات الاجتماعية وغيرها … بعد أن كان هذا الملف مجمّدا.
ثانياً: تغيير فترة الإقامة اللازمة للحصول على المعونات الاجتماعية، إذ ينصّ القانون الجديد على أنّه على غير الأوروبيين المقيمين في وضع قانوني إثبات مدة إقامة دنيا (5 سنوات لغير العاملين، و30 شهرًا للعاملين) للحصول على المعونات الاجتماعية، بينما كان يحقّ للأجنبي غير الأوروبي الحصول على هذه المعونات فورا.
ثالثاً: الحصول على المعونة لدعم تكاليف السكن (APL)، حيث يمكن للأجانب العاملين الاستفادة من دعم الإيجار بعد 3 أشهر من وصولهم إلى فرنسا، أمّا الأجانب غير العاملين فيمكنهم الاستفادة من دعم الإيجار بعد 5 سنوات، بينما كان يحق للأجنبي غير الأوروبي الحصول على هذه المعونات فورا، وخصوصا الطلاب.
رابعاً: سحب الجنسية وحق الأرض، يمكن لأبناء العائلات الأجنبية المولودين في فرنسا المطالبة بالجنسية بين سن 16 و18 عامًا، على ألا يكونوا قد ارتكبوا أي جرائم من قبل، فيما يمكن تجريد المواطنين مزدوجي الجنسية الذين يرتكبون جرائم ضد قوات الأمن من جنسيتهم الفرنسية، وكان القانون القديم لا يسمح بالامتناع عن منح الجنسية للمولدين في فرنسا في حال طلبهم، كما لا يسمح بسحب الجنسية من مرتكبي الجرائم.
خامساً: لم الشمل العائلي، أصبحت شروط لم شمل الأسرة أكثر صعوبة، إذ سيتم تشديد الشروط مع تمديد مدة الإقامة المطلوبة في فرنسا من 18 إلى 24 شهرًا، وضرورة وجود موارد كافية وزيادة الحد الأدنى لعمر الشريك إلى 21 عامًا.
سادساً: شرط اللّغة، يجب أن يكون لدى الأجانب المتقدمين للحصول على أول تصريح إقامة متعدد السنوات الحد الأدنى من المعرفة باللغة الفرنسية (سيتم تحديد قائمة المهارات المطلوبة بموجب مرسوم). حاليا، يتم إصدار تصاريح الإقامة، الصالحة عمومًا لمدة أربع سنوات، بشرط وحيد هو متابعة التدريب على اللغة الفرنسية في إطار عقد الاندماج بالجمهورية الفرنسية، ولكن دون أي التزام بالنتيجة، إذ سيتم فرض إثبات الحد الأدنى من اللغة الفرنسية لمنح بطاقة الإقامة (عشر سنوات) وللحصول على الجنسية الفرنسية.
سابعاً: جريمة الإقامة غير الشرعية، حيث سيتم إعادة تفعيل التوصيف القانوني للإقامة غير الشرعية باعتبارها جريمة جنائية، وهو ما كان قد ألغي عام 2012 انسجاما مع القوانين الأوروبية، ويُعاقب مرتكبها بغرامة قدرها 3750 يورو، كما يُمكن ترحيل الأفراد الذين كانت أعمارهم أقل من 13 عامًا عند وصولهم إلى فرنسا، وترحيل الوالدين الأجانب الذين يحمل أطفالهم الجنسية الفرنسية.
ثامناً: فرض كفالة للطلبة الأجانب، إذ سيتم المطالبة بضمان مالي من الطلبة الأجانب الذين يأتون إلى فرنسا للتعليم، وتهدف هذه الوديعة إلى تغطية تكاليف عودة أحد الطلاب في حالة اتخاذ قرار بإبعاده.
تاسعاً: المساعدة الطبية للدولة، تمت المصادقة على تأجيل إلغاء المساعدة الطبية للأشخاص بدون أوراق، مع تقييدات على الحصول على تصريح إقامة لـ”الأجنبي المريض”.
عاشراً: مراكز الاحتجاز الإداري، يُحظر وضع القاصرين الأجانب الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا في مراكز الاحتجاز الإداري (CRA)، بما في ذلك عندما يرافقون البالغين. يعكس هذا الإجراء السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR).
ردود أفعال متباينة حول نصّ القانون
وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، قد سارع إلى الترحيب بإقرار مشروع القانون.
وقال في منشور على منصة “إكس” إنّ “نصّ الهجرة تمّ إقراره بشكل نهائي.. معركة طويلة من أجل دمج أفضل للأجانب وطرد أولئك الذين يرتكبون أعمالًا إجرامية. نصّ قوي وحازم”.
في المقابل، ندّد بالنص زعيم حزب فرنسا الأبيّة (يسار متطرّف) جان-لوك ميلانشون، معتبرًا إقراره “نصرًا مقززًا” تحقق بفضل أصوات اليمين المتطرف. وقال ميلانشون عبر منصة إكس: “لقد تأسّس محور سياسي جديد”.
يُذكر أيضا أنّ وزير الصحة أوريليان روسو قد قدّم استقالته وتمّ استبداله “مؤقتا” بالوزيرة المنتدبة الحالية المكلفة بالمهن الصحية أنييس فيرمان لو بودو.
وفور إقرار مشروع القانون، أعلن الحزب الاشتراكي عزمه على الطعن بالنصّ أمام المجلس الدستوري.
المصدر: مواقع إخبارية