أكد الخبير الاقتصادي والمسؤول عن الدراسات ولدى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الجليل البدوي ،أن الاقتصاد التونسي تمكن خلال 2023 من تحقيق ما يسمى بالاعتماد على الذات.
وبيّن أن هذا الاعتماد على الذات تم من خلال 3 عناصر أساسية لها صبغة تتسم بالهشاشة أولها عائدات السياحة التي تتأثر بالوضع الأمني والمتغيّرات الخارجية على غرار العدوان على غزة، والعنصر الثاني المتمثل في تحويلات التونسيين بالخارج التي ساهمت في مواجهات تحديات الإعتماد على الذات ،في حين تمثل العنصر الثالث في اللجوء إلى التداين الداخلي الذي بإمكانه أن يخلق أضرارا إذا تجاوز حده.
عناصر ضعيفة وهشة
واعتبر البدوي أن هذه العناصر تعتبر ضعيفة من حيث العدد بالإضافة إلى هشاشتها مما يستدعي تنويعها مشيرا إلى أن الطبقات ضعيفة ومتوسطة الدخل تعتبر أكبر ضحايا لسياسة الاعتماد على الذات في ظل تقلص مداخيلهم وعدم استقرارها مقابل ارتفاع الأسعار الأمر الذي انسحب على تدهور مقدرتهم الشرائية.
و بين الخبير الاقتصادي أن تواصل الاعتماد على التداين الداخلي والبنوك لتمويل حاجياتها بصفة مرتفعة سيؤدي إلى نقص السيولة والإدخار ويخلق اشكاليات مرتبطة بالتوفيق بين حاجيات تمويل المؤسسات الاقتصادية والمستهلكين وحاجيات الدولة وهو ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الفائدة وصعوبة الاستجابة للضمانات التي تطلبها البنوك.
وبخصوص مشروع ميزانية 2024، بين عبد الجليل البدوي أنه واصل في التوجه نفسه من خلال الاعتماد على سياسات تقشفية مما سيؤدي إلى دفع الشرائح الإجتماعية الضعيفة والمتوسطة لضريبة هذا التقشف مضيفا بأن مشروع ميزانية 2024 لم يشهد ارتفاعا لنسبة الموارد الذاتية العمومية من الموارد الجملية وهو ما سيطرح اشكاليات مرتبطة بالتقليص في نسب التداين سواء كان ذلك داخليا أو خارجيا.
10 مليار دينار لا نعرف مصادرها
كما طرح الخبير الاقتصادي الإشكاليات المرتبطة بارتفاع نسبة الموارد الذاتية العمومية من الموارد العمومية الجملية وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة التداين العمومي وخاصة الخارجي الذي لا نعرف نسبة فقط من مصادره ولا نعرف مصدر حوالي 10 مليار دينار مضمنة في مشروع ميزانية 2024 وهو ما يستدعي مواصلة العمل على الذات وتدعيم هذا المسار سواء كان ذلك من خلال موارد من المجال الجبائي أو التجاري أو البنكي أو حتى تحقيق موارد من عائدات الصلح الجبائي.
وفي المقابل شار البدوي إلى أن مشروع ميزانية 2024 حاول التصويب والتركيز على المداخيل العالية من خلال الاجراءات الجبائية وحاول التنصيص على الأولويات القطاعية بأكثر وضوح وخاصة القطاع الفلاحي.
حصار مالي لتونس
وتطرق البدوي للحصار المالي الذي تعيشه تونس والذي تمظهر بشكل جلي سنة 2023 خاصة من قبل صندوق النقد الدولي عبر مجموعة دوفيل التي واكبت منذ 2011 “الربيع العربي” في تونس وغيرها من الدول بهدف عدم تأثير هذه المتغيرات السياسية على مصالحهم المالية .
وتهدف مجموعة دوفيل بالأساس ضمان تسديد الدول للقروض المتحصل عليها من قبل صندوق النقد الدولي خلال فترة “الربيع العربي” الذين يباركونه ويضايقونه في الوقت نفسه من خلال تشديدالاملاءات والشروط، يضيف البدوي .