تحتفي تونس باليوم الوطني والعالمي لمكافحة التصحر، الموافق لـ17 جوان من كل سنة، في وقت تؤثر في هذه الظاهرة على حوالي 75 بالمائة من التراب الوطني بتفاوت بين المناطق ويزيد من حدتها الجفاف وشحّ المياه وانعكاسات ذلك المنظومات الغابية والطبيعية والفلاحية بصفة ملحوظة.
وأكدت وزارة البيئة، في بيان اصدرته، السبت، بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني والعالمي للتصحر، الذي ينتظم هذه السنة تحت شعار “المرأة أرضها..حقوقها” ان ظاهرة التصحر تتطلب معالجة أكثر شمولية أخذا بعين الاعتبار تأثيرات التغيرات المناخية ووضعية التنوع البيولوجي. واوضحت ان خيار المعالجة الشمولية لظاهرة التصحر في تونس، تجسم ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر للفترة 2018 – 2030 وبرنامج عمل الوزارة الذي حدد هدفا وطنيا يرمي إلى استعادة حوالي 2.2 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة.
وتكريسا لهذا التوجه فقد ضمّنت، تونس، الاستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي، خمسة محاور ذات أولوية تتعلق بـالحوكمة المؤسساتية والتمويل والتغيرات المناخية والتصرف المستدام في الموارد الطبيعية والأنظمة الإيكولوجية ومكافحة التصحر وتطوير أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدام ومكافحة التلوث وتطوير الثقافة والعلوم والمعارف لصالح الانتقال الإيكولوجي.
وقد تم في سبيل تجسيم هذه الاستراتيجية، برمجة مشاريع هامة في مجال إعادة بناء المنظومات المتدهورة على غرار منظومة محمية “اشكل” ومنظومة الصنوبر الحلبي المتأثرتين بظاهرة الجفاف إلى جانب البرامج الوطنية للتشجير والمحافظة على المياه والتربة وتثمين المياه المعالجة في المجال الفلاحي. وتعمل وزارة البيئة مع الهياكل الوطنية المعنية على تعبئة الموارد والامكانيات اللازمة للمساهمة في تحقيق الهدف الوطني للحد من تدهور الأراضي من خلال الشراكات الدولية والمانحين وخاصة ذات الصلة بالتغيرات المناخية والجفاف.
ويمثل التصحر تهديدا متزايدا لنوعية الحياة في كافة أرجاء العالم، ولا سيما على النساء والأطفال، وهو ما يستوجب العمل السريع من أجل تغيير هذه الاتجاهات من خلال حماية الأراضي واستصلاحها واستغلالها بشكل أفضل للحد من الهجرة القسرية وتحسين الأمن الغذائي وحفز النمو الاقتصادي. وتفيد المعطيات والأبحاث على المستوى الدولي أن 40 بالمائة من الاراضي في تدهور متزايد كما يواجه اكثر من 3ر2 مليار شخص الاجهاد المائي وهي ارقام تدعو للقلق وفي ارتفاع مطرد، حسب الوزارة.
كا تؤدي الممارسات الزراعية الحالية الى تآكل التربة في جميع انحاء العالم بمعدل اسرع 100 مرة من قدرتها على التجدد بصفة طبيعية وامام هذه الوضعية فان الجهود الدولية تسعى الى الالتزام باستعادة مليار هكتار متدهور بحلول عام 2030 مع ضرورة اعتماد انماط فلاحية متاقلمة واكثر صمودا واقل حاجة للمياه. الامم المتحدة تتوقع تأثر اكثر من ثلاثة ارباع سكان العام بالجفاف بحلول 2050 وتعتبر الامم المتحدة ان الجفاف يعد من أكبر التهديدات للتنمية المستدامة، ليس في البلدان المتنامية وحسب، وإنما، بشكل متزايد، الدول المتقدمة كذلك.
وأضافت ان التوقعات تشير إلى احتمال تأثير الجفاف في أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم مع حلول 2050. وقد زاد عدد حالات الجفاف ومدتها بنسبة 29 بالمائة منذ عام 2000، مقارنة بالعقدين السابقين (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2021). عندما يواجه أكثر من 2.3 مليار شخص بالفعل الإجهاد المائي، وهي مشكلة كبيرة. ويترجم اختيار شعار “المراة ارضها .. حقوقها” هذه السنة، اهمية دور المرأة كعنصر فاعل ورئيسي في الجهود العالمية الرامية لدعم الأمن الغذائي وما يتطلبه الأمر من حماية الأراضي والأنواع الحيوانية والنباتية واستغلالها الرشيد والمحافظة عليها.
وتشير الامم المتحدة الى ان المرأة من العناصر الفاعلة الرئيسة في الجهود العالمية المبذولة للحد من تدهور الأراضي وعكس مساره، رغم ان قدرتها، وفي أكثر البلدان، محدودة في تملك الأرض والتحكم فيها. وتؤكد الامم المتحدة ان ما يقرب عن نصف القوى العاملة الزراعية العالمية اليوم هي من الاناث، ومع ذلك فالمراة تمثل نسبة اقل من واحد من كل خمسة من مالكي الاراضي في جميع انحاء العالم فيما تستغرق النساء، على الصعيد العالمي، ما مجموعه 200 مليون ساعة يوميا في جمع المياه وتستغرق رحلة واحدة لجلب الماء، في بعض الاحيان ،اكثر من ساعة.
وتسلط المجموعة الدولية والوطنية في هذا اليوم الضوء على الجهود اللازمة لتأمين الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والحد من آثار الجفاف وكذلك تعزيز الوعي العام بالجهود المبذولة لمكافحة التصحر وبدور المرأة على مستوى التخطيط والتنفيذ الميداني.