اختتمت الدورة العادية الثانية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية المنعقدة اليوم الجمعة بالمملكة العربية بالمصادقة على اعلان جدة .
وأكد القادة في الإعلان الذي تلقت وكالة تونس افريقيا للأنباء نسخة منه أهمية تعزيز العمل العربي المشترك المبنى على الأسس والقيم والمصالح المشتركة والمصير الواحد، وضرورة توحيد الكلمة والتكاتف والتعاون في صون الأمن والاستقرار وحماية سيادة الدول العربية وتماسك مؤسساتها والمحافظة على منجزاتها، وتحقيق المزيد من الارتقاء بالعمل العربي والاستفادة من المقومات البشرية والطبيعية التي تحظى بها منطقتنا للتعاطي مع تحديات العصر الجديد بما يخدم الأهداف والتطلعات نحو مستقبل واعد لشعوبنا والأجيال القادمة.
وأضافوا أنه »حرصا على تهيئة الظروف واستثمار الفرص وتعزيز وتكريس الشراكات وترسيخ التفاهمات بين دولنا على أساس المصالح المشتركة، والتعاون لتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة وتنفيذ الرؤى التنموية الطموحة لدولنا من خلال نهضة شاملة في جميع المجالات المواكبة التطورات العالمية وصناعة مستقبل يلبى آمال وتطلعات شعوبنا ويحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة لدولنا العربية ».
ووفق الإعلان انه » استلهاما من التجارب السابقة التي خاضتها، دولنا واستشعارا لحجم التحديات المحيطة بأمننا العربي، والأحداث التي مرت بها بعض دولنا ولأهمية المحافظة على ثقافتنا وقيمنا وتجاربنا وعزمنا فانه من المؤكد أن يكون مواطنو دولنا هدف التنمية، وركنا متينا في الاستقرار والبناء، وأن يكون الأمن مفتاح الاستقرار .
القضية الفلسطينية
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، جدد القادة العرب التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للدول العربية باعتبارها أحد العوامل الرئيسة للاستقرار في المنطقة مدينين بأشد العبارات الممارسات والانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين فى أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم كافة.
وأكد إعلان جدة في هذا الخصوص على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، وإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين وفقاً للمرجعيات الدولية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة ومبادئ القانون الدولى بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضى الفلسطينية بحدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، ودعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء الاحتلال، ووقف الاعتداءات والانتهاكات المتكررة التي من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية وتقويض جهود السلام الدولية.
وشدد الإعلان على ضرورة مواصلة الجهود الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها في وجه المساعي المدانة للاحتلال لتغيير ديمغرافيتها وهويتها والوضع التاريخى والقانوني القائم فيها، بما في ذلك عبر دعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وإدارة أوقاف القدس وشؤون الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية بصفتها صاحبة الصلاحية الحصرية، وكذلك دور لجنة القدس وبيت مال القدس في الدفاع عن مدينة القدس وصمود أهلها
السودان
وبخصوص السودان، أكد القادة العرب متابعتهم باهتمام تطورات الأوضاع والأحداث الجارية فى جمهورية السودان الشقيقة.
وأعربوا عن بالغ قلقهم من تداعيات الأزمة على أمن وسلامة واستقرار الدول العربية وشعوبها مؤكدين على ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية، ومنع انهيارها، والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني يؤجج الصراع ويهدد السلم والأمن الإقليميين، واعتبار اجتماعات جدة التي بدأت بتاريخ 16 شوال 1444هـ الموافق 6 مايو 2023م بين الفرقاء السودانيين خطوة مهمة يمكن البناء عليها لإنهاء هذه الازمة وعودة الأمن والاستقرار إلى السودان وحماية مقدرات شعبه.
ورحب الإعلان بالقرار الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري الذي تضمن استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة والمنظمات والأجهزة التابعة لها، مع الحرص على أن يسهم ذلك في دعم استقرار الجمهورية العربية السورية، ويحافظ على وحدة أراضيها ، واستئناف دورها الطبيعي فى الوطن العربي، وأهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها، اتساقاً مع المصلحة العربية المشتركة والعلاقات الأخوية التي تجمع الشعوب العربية كافة.
اليمن
كما جدد القادة العرب التأكيد على دعم كل ما يضمن أمن واستقرار الجمهورية اليمنية ويحقق تطلعات تطلعات الشعب اليمني الشقيق، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادا إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمنى وقرار مجلس الأمن رقم 2216 ، وجددوا الدعم لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، لإحلال الأمن والاستقرار والسلام في اليمن بما يكفل إنهاء الأزمة اليمنية.
كما شدد القادة على أهمية وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة.
وأفادوا في اعلانهم على أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنما تفاقم معاناة الشعوب وتثخن في تدمير منجزاتها وتحول دون تحقيق تطلعات مواطني الدول العربية.
وأبرزوا على أن التنمية المستدامة والأمن والاستقرار والعيش بسلام، حقوق أصيلة للمواطن العربي، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجهود وتكاملها، ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة، وحشد الطاقات والقدرات لصناعة مستقبل قائم على الإبداع والابتكار ومواكبة التطورات المختلفة، بما يخدم ويعزز الأمن والاستقرار والرفاه لمواطني الدول العربية
وأشار القادة العرب الى أن الرؤى والخطط القائمة على استثمار الموارد والفرص ومعالجة التحديات قادرة على توطين التنمية، وتفعيل الإمكانات المتوفرة، واستثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تتكامل في تشييدها قدرات الدول العربية مما يتطلب منها ترسيخ تضامننا وتعزيز ترابطنا ووحدتنا لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبنا العربية.
وعبروا عن التزامهم واعتزازهم »بقيمنا وثقافتنا القائمة على الحوار والتسامح والانفتاح، وعدم التدخل في شؤون الآخرين تحت أي ذريعة، مع التأكيد على احترامنا لقيم وثقافات الاخرين، واحترام سيادة واستقلال الدول وسلامة أراضيها واعتبار التنوع الثقافي إثراء لقيم التفاهم والعيش المشترك، ونرفض رفضا قاطعا هيمنة ثقافات دون سواها، واستخدامها ذرائع للتدخل في الشؤون الداخلية لدولنا العربية »’
وأكدوا على سعيهم لتعزيز المحافظة على ثقافتنا وهويتنا العربية الأصيلة لدى أبنائنا وبناتنا، وتكريس اعتزازهم بقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الراسخة، وبذل كل جهد ممكن في سبيل إبراز موروثنا الحضارى والفكرى ونشر ثقافتنا العريقة.
المملكة العربية السعودية
من جهة أخرى ثمن القادة العرب حرص واهتمام المملكة العربية السعودية لتكون جسرا للتواصل مع الثقافات الأخر ، وتوفير كل ما من شأنه توفير الظروف الملائمة لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي في المنطقة، وخصوصاً فيما يتعلق بالتنمية المستدامة بأبعادها الثقافية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية وعملها خلال سنة رئاسة المملكة للقمة العربية (??) على عدد من المبادرات التي من شأنها أن تسهم بدفع العمل العربي المشترك فى المجالات الثقافية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأوضحوا أن ذلك يتجلى من خلال مبادرة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها والتي تستهدف أبناء الجيل الثاني والثالث من المهاجرين العرب، بما يسهم في تعزيز التواصل الحضاري بين الدول العربية والعالم، ويُبرز الحضارة والثقافة العربية العريقة والمحافظة عليها.
وأكد القادة العرب على أهمية مبادرة الثقافة والمستقبل الأخضر، التي تهدف إلى رفع مستوى التزام القطاع الثقافي في الدول العربية تجاه أهداف التنمية المستدامة، وتطوير السياسات الثقافية المرتبطة بالاستدامة، بالإضافة إلى المساهمة في دعم الممارسات الثقافية الصديقة للبيئة وتوظيفها في دعم الاقتصاد الإبداعي في الدول العربية.
وأكدوا على أهمية مبادرة استدامة سلاسل امداد السلع الغذائية الأساسية للدول العربية، والتي تعتمد بشكل أساسي على مجموعة من الأنشطة وتوفير فرص استثمارية ذات جدوى اقتصادية ومالية تساهم في تحقيق الأمن الغذائي لدول الوطن العربي والمساهمة الفاعلة في تلبية احتياجات الدول العربية من السلع الغذائية.
وشددوا على أهمية مبادرة البحث والتميز في صناعة تحلية المياه وحلولها بغرض تحفيز البحث العلمي والتطبيقي والابتكار في صناعة انتاج المياه المحلاة وحلول المياه للدول المهتمة والمحتاجة، والتركيز على نشر ومشاركة المعرفة والتجارب والمساهمة في تحسين اقتصاديات هذه الصناعة لخفض التكلفة ورفع كفاءة العمليات واستدامتها بيئياً، والمساهمة في إصدار المواصفات والمقاييس المعيارية والهيكلة المؤسسية لقطاعات المياه لتكون صناعة استراتيجية للدول العربية.
وفي ختام الإعلان، أكد القادة العرب على أهمية مبادرة إنشاء حاوية فكرية للبحوث والدراسات في الاستدامة والتنمية الاقتصادية والتي من شأنها احتضان التوجهات والأفكار الجديدة في مجال التنمية المستدامة وتسليط الضوء على أهمية مبادرات التنمية المستدامة في المنطقة العربية لتعزيز الاهتمام المشترك ومتعدد الأطراف بالتعاون البحثي وإبرام شراكات استراتيجية.
وكالة تونس افريقيا للانبــاء