توقّع البنك الدولي أن تحقق تونس نموا بنسبة 2،3 بالمائة خلال سنة 2023 شرط إقرارها إصلاحات هيكلية “طموحة بالشكل الكافي”.
كما توقعت مؤسسة الإقراض الدولية، في نشرتها المتعلّقة بالظرف الاقتصادي التّي خصّصتها لتونس “إصلاح الدعم المخصص للطاقة لأجل إرساء اقتصاد مستديم” (ربيع 2023) نشرتها، الخميس، إلى إستكمال الإتفاق مع صندوق النقد الدولي خلال النصف الأوّل من سنة 2023 وتعبئة تمويلات كافية للإيفاء بإلتزامتها الخارجية وتغطية حاجيات الميزانية.
وأشارت التوقعات ذاتها، أيضا، إلى تطبيق الإصلاحات الجبائية الواردة ضمن قانون المالية لسنة 2023 والمتعلّقة بالدعم وإلغاء ما يعيق المنافسة.
واستندت توقعات البنك العالمي إلى معدلات النمو المنجزة خلال الثلاثيتين الأخيرتين من سنة 2022 وهي الفترة، التّي شهدت ظروفا مماثلة لتلك المحتملة أن تسود خلال سنة 2023 على مستوى أسعار الموّاد الأوّليّة وعدم اليقين بشأن ظروف التمويل.
ويصطف معدل النمو المتوقع لسنة 2023 وعلى المدى الطويل مع المعدلات المسجلة ما قبل الجائحة الصحيّة المتعلّقة بانتشار كوفيد-19 (2011-2019)، بحسب التنبؤات ذاتها.
وقدر هيكل التمويل الدولي، ضمن نشريته، بأنّ هذه التوقعات تبقى معرّضة إلى “مخاطر التراجع في ارتباط بنسق تنفيذ الإصلاحات الهيكليّة وتطوّر شروط التمويل”.
في غياب الإصلاحات ستكون التوقعات أقل بشكل كبير
تبعا لذلك فإنّ هذه التنبؤات ستكون أقل بشكل كبير إذا لم تقم تونس بتنفيذ الإصلاحات الجبائية الحاسمة لفائدة المنافسة أو إذا لم تكن التمويلات المتوفرة كافية لتغطية حاجيات تونس الخارجية، خصوصا، بسبب التأخر في استكمال الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وبحسب البنك العالمي فإنّ هذه الظروف “الصعبة” يمكن أن تؤدّي إلى نقص في العملة الصعبة في الاقتصاد والتقليص من الواردات.
ومن شأن ذلك أن يتسبب في تراجع قيمة الدينار وهو ما قد يفضي إلى تعميق الضغوطات التضخميّة الموجودة.
الى جانب هذه الصعوبات ستكون تونس، أيضا، في مواجهة تحديات ترتبط بتسديد الأقساط “المرتفعة” لدينها الخارجي، خلال السداسي الثاني من سنة 2023، وسيكون لذلك انعكاسات على الاقتصاد والتشغيل.
مع ذلك لاحظ البنك تطوّرا، نسبيا أقل حدّة، في أسعار الموّاد الأساسيّة فضلا عن عدد من الإصلاحات المتعلّقة بالنفقات ممّا من شأنه أن يقلّص من عجز الميزان الجاري في سنة 2023، الذّي يبقى من الصعب تمويله دون الإقدام على تنفيذ الإصلاحات.
وبحسب المصدر ذاته فإنّ العجز التجاري سيسجل تحسّنا طفيفا ليتحوّل من 15 بالمائة في 2022 إلى 14،8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2023، حين تأخذ أسعار الموّاد الأساسيّة في الإستقرار.
ومن شأن تطوّر أسعار الموّاد الأساسيّة بأقل حدّة وترشيد النفقات العمومية الإسهام في التقليص من عجز الميزانية إلى 4،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام (مقابل 6،6 بالمائة في 2022)، طبقا لتوقعات قانون المالية لسنة 2023.
وبإيجاز أشار البنك العالمي إلى ضرورة عقد الاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي، الذي يمكن أن يكون بمثابة “العامل المحفز” بالنسبة لعديد المانحين والسماح بالتالي بتغطية حاجيات التمويل الخارجية.
وبالنسبة لمؤسّسة التمويل فإنّ تنفيذ برنامج الإصلاحات “الطموحة” يهدف إلى تحسين توازن الميزانية وتنمية التنافسية، التّي تبقى “حاسمة” لتمويل بشكل مستديم العجز.
الآفاق على المدى المتوسط المشروطة بمواصلة نسق الإصلاحات وظروف التمويل الكافية
في حالة بقاء الإصلاحات ومستوى التمويل في نسق “كاف” فإنّه يمكن أن تشهد تونس تسارعا طفيفا في نموها الاقتصادي على المدى المتوسط فضلا عن تحقيق استقرار لعدم التوازن على مستوى الاقتصاد الكلّي والميزانية، بحسب ما تقدم به البنك العالمي في نشريته.
ويمكن أن يبلغ النمو للفترة 2024 /2025 نسبة 3 بالمائة.
ورغم إصلاح الدعم، يتوقع البنك العالمي تراجعا طفيفا في التضخم بسبب الفجوة في الانتاج، التي تعد نسبيا هامّة، ما بعد جائحة كوفيد-19، وزيادات طفيفة في الأجور في القطاع العمومي تبعا للاتفاق المبرم بين الحكومة والاتحاد العام التونسي في 2022.
ووفق مؤسسة الإقراض فإنّ هذه الظروف فضلا عن مواصلة إصلاح الدعم من شأنه أن يساعد تونس على التقليص من العجز على مستوى الحساب الجاري والميزانية ممّا سيسهل ظروف التمويل.
فضلا عن ذلك فإنّ الإرتفاع الطفيف في النمو الاقتصادي سيؤدّي إلى التقليص من معدل الفقر الى ما دون المستوى المسجل ما قبل الجائحة الصحيّة في أفق سنة 2025.
في الاثناء فإن هذه الآفاق، على المدى المتوسط، تبقى مشروطة بمتابعة نسق طموح للإصلاحات وظروف التمويل الكافية.