وأوضح حسن، في تصريح لـوكالة تونس افريقيا للأنباء يوم أمس الجمعة، أن هذه الأزمات الخارجية قد ألقت بضلالها على تونس لانفتاح اقتصادها على العالم بشكل اكبر من اقتصاديات المنطقة وأدت الى تباطؤ النمو وتوقع بلوغ نسبة 1،6 بالمائة سنة 2023، مقابل 2،2 بالمائة سنة 2022.
كما ساهمت الأزمة الاقتصادية الخانقة في أوروبا في تراجع الطلب الخارجي للبلاد خاصة ان تراجع النمو في أوروبا بنقطة يؤدي الى انخفاض النمو بنحو 0،7 بالمائة في تونس.
وأضاف، في السياق ذاته، ان تعثّر الاقتصاد في تونس متأت أيضا من عدة أسباب داخلية أهمها توسع العجز الطاقي والتجاري وبالتالي ارتفاع العجز الجاري وتردّي التوازنات المالية العمومية إضافة إلى تعمق العجز التجاري الغذائي بسبب انحباس الأمطار وتواتر فترات الجفاف.
وتابع قوله: “كما تسجل تونس ارتفاعا في نسبة التضخم الذي بلغ 4ر10 بالمائة، في فيفري 2023، وزيادة نسبة البطالة مما ساهم في اختلال ميزانية الدولة واللجوء نحو تعبئة الموارد عبر القروض الداخلية والخارجية”.
واستغرب الخبير الاقتصادي تعامل صندوق النقد الدولي مع تونس بسياسة المكيالين وعدم منحها التمويلات المنتظرة (9ر1 مليار دولار على اربع سنوات)، رغم استيفاء الشروط واحترام التعهدات السابقة، مبينا أن الصندوق الدولي قدّم، مؤخرا، قرضا لسريلانكا بنحو 9ر2 مليار دولار رغم الصعوبات المالية التي تمر بها وتمويلا آخر لأوكرانيا بقيمة 6ر15 مليار دولار.
ورجّح حسن أن تتحصل تونس، في غضون الأسابيع القادمة، على موافقة الصندوق الدولي، نظرا لاستكمالها كل الشروط الفنية المتمثلة في وضع برنامج الإصلاحات المطلوبة والمصادقة على قانون يتعلق بالمؤسسات العمومية وتفعيل الإصلاحات الاقتصادية في قانون المالية لسنة 2023.
وأضاف أنّ دعم الدول الأوروبية وخاصة منها إيطاليا والجانب الأمريكي، المؤثر الأساسي على صندوق النقد الدولي، سيعزز من فرصة حصولها على هذا القرض لإيمان هذه الأطراف بمكانة تونس الاستراتيجية وخطر انزلاقها على مصالح البلدان الأخرى وسعيا منهم لتجنب تكرار حدوث المثال اللبناني في شمال إفريقيا.
وبيّن أن التوصل مع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، رغم أنه لا يفي بحاجة ومتطلبات الدولة، سيفتح المجال أمام تونس لعقد اتفاقيات ثنائية جديدة او متعددة الأطراف مع أطراف أخرى مانحة على غرار البنك العالمي والبنك الإسلامي والبنك الافريقي للتنمية والدول الخليجية إضافة الى الخروج للسوق العالمية مع تحسن الترقيم السيادي للبلاد.
ولفت إلى أن صعوبة الوضع الاقتصادي لا يجب ان تعيق تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المتفق عليها داخليا ومع صندوق النقد الدولي، مشددا على ضرورة التسريع خاصة في تحسين مناخ الأعمال وتنافسيته وإرساء العدالة الجبائية ومقاومة التهرب الضريبي وتغول السوق الموازية وإصلاح منظومة الدعم الذي لم تنطلق فيه الحكومة بعد رغم اقراره ضمن قانون المالية 2023.
وأكد حسن وجود حلول بديلة داخلية يمكن ان تعتمدها تونس في ظل عدم حصولها حتى الان على قرض من صندوق النقد الدولي ومواجهة الصعوبات التي تعيشها مثلها مثل سائر بلدان العالم .
وحثّ حسن في هذا الصدد، الحكومة على اصدار قرض رقاعي بالعملة الصعبة موجه للتونسيين بالخارج ليساهموا في تعبئة موارد الدولة وتحفيزهم على دفع الاقتصاد الوطني خاصة ان تحويلاتهم بالعملة الصعبة نحو تونس قد بلغت 5ر9 مليار دولار سنة 2020 وتمثل نحو 20 بالمائة من احتياطي تونس بالعملة الأجنبية.
ودعا إلى ضرورة استغلال الثروات الباطنية بطريقة ناجعة وحل معضلة نقل الفسفاط بالوسائل التقليدية (السكك الحديدية) والتفكير في سبل نقله عبر الانابيب وتأمين مناطق الانتاج، إضافة الى دعم القطاع الفلاحي وترشيد التوريد وتأهيل القطاع السياحي من خلال الاستثمار في الجودة والتكوين.
وشدّد حسن على ضرورة أن تتخذ الدولة قرارا بخصوص مساهمتها في المؤسسات العمومية مع الأخذ بعين الاعتبار مردوديتها الاقتصادية مع إمكانية ترك القطاعات التنافسية والاكتفاء بالقطاعات الاستراتيجية الحياتية.