عبّرت عديد الجمعيات والمنظمات، في بيان مشترك اليوم الأربعاء، عن رفضها “تدخّل وزير، مُهمته حماية أمن وسلامة التونسيين والتونسيات، (في إشارة إلى وزير الداخلية، توفيق شرف الدين)، في تقييم أداء الإعلام والنقابات والأحزاب السياسية”، وذلك على إثر التصريح الذي أدلى به هذا الوزير على هامش زيارته أمس الثلاثاء لبن قردان، لإحياء ذكرى دحر الإرهاب بهذه المدينة والذي وصف فيه الإعلام والنقابات ورجال الأعمال والسياسيين بـ”المرتزقة والخونة”.
وقد دعت الأطراف الموقعة على هذا البيان، وزير الداخلية، إلى “الاعتذار على هذا التصريح العنيف والخطير والمتسرّع وإلى سحبه من صفحات الوزارة على شبكات التواصل الاجتماعي”.
كما حمّلته “تبعات خطاب التحريض والتخوين على سلامة وحياة الإعلاميين والنشطاء النقابيين والمدنيين والسياسيين”، وفق نص البيان، معلنة “تجندها، بكل السبل المدنية والقانونية، للتصدي لهذا الانحراف الخطير عن النواميس والقوانين التي تحكم الدولة المدنية التي تضمن الحريات والعيش المشترك”.
وقد وصفت الجمعيات والمنظمات (وعددها 35 من مكونات المجتمع المدني)، تصريح توفيق شرف الدين ب”خطاب تخويني رث، يضع الجميع في سلة واحدة ويحرّض على الأجسام الوسيطة، في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشّر بالدولة البوليسية ويقفز على نضالات عقود في بناء الدولة المدنية الديمقراطية”.
واعتبرت أن التصريح “جاء خارج السياق السياسي للمناسبة والذي عوض أن يكرّسه الوزير لخطاب الوحدة والتماهي بين كل التونسيات والتونسيين، في سبيل مزيد الالتفاف ضد الإرهاب، ثقافة وممارسة، من أجل هزمه نهائيا، فإنه يجنح لخطاب تقسيمي فئوي يحتكر الوطنية ويسحبها من أغلب القوى التي تصدت للإرهاب وثقافته التي عششت لسنوات في المجتمع التونسي”.
وأشار البيان المشترك إلى أن تصريح وزير الداخلية “يقفز على حقائق ثابتة ومعطيات موثقة، مفادها أن القوى الحية للمجتمع التونسي إعلاما ونقابات ومجتمع مدني وسياسي، هي الحاضنة الرئيسية لمعركة التصدي للإرهاب في تونس ودفعت من أجله ضريبة غالية من التحريض والتعنيف والحصار والتهديد بالتصفية، وصولا إلى اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”.
وذكّر بأن الصحفيين والصحفيات “كانوا رفعوا، مبكّرا، شعار لا حياد مع الإرهاب، رافضين أن يكون وجهة نظر وتقصوا في الشبكات الإرهابية والأطراف التي تقف خلفها”، كما أن “بطحاء محمد، كانت علي بقيادة الإتحاد العام التونسي للشغل، مسرحا للالتقاء النقابي والمدني والسياسي، لمقاومة الإرهاب وأجنحته المتعددة والعمل على تجفيف منابعه، متّحدين في مناسبات عدة لهجمات أنصار الإرهاب ومليشياته، في الوقت الذي تُحمى فيه الأجهزة السرية في وزارة الداخلية وتُحضى بالغطاء السياسي”، حسب نص البيان.
وبعد اعتبار أن هذا التصريح يأتي “في سياق أزمة الإعلام العمومي والخاص والتي من أسبابها المباشرة سياسة الحكومة التي تتلكأ في إصلاح الإعلام تمهيدا لتصفيه العديد من مؤسساته في إطار سياسة معاداة الأجسام الوسيطة وتهميش أدوار الصحافة”، قالت الجمعيات والمنظمات الممضية على البيان “إن هذا التصريح، سيساهم بشكل مباشر، في إفساد صورة البلاد في العالم، لأنه سيؤدي إلى التراجع بمكانة تونس في التصنيفات الدولية الخاصة بحرية الصحافة والتي تراجعت بشكل كبير، بسبب السياسية الزجرية للحكومة الحالية ضد قطاع الإعلام”.
يُذكر أن من بين مكونات المجتمع المدني الموقعة على هذا البيان المشترك، الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.
وكان وزير الداخلية، توفيق شرف الدين قال في في تصريح إعلامي، على هامش زيارته إلى مدينة بنقردان أمس الثلاثاء، بمناسبة إحياء الذكرى السابعة لملحمة 7 مارس، “إن زيارة المقابر وتلاوة القرآن على أرواح الشهداء، إحياء للذكرى، غير كافية، لأنه ومن باب الوفاء للشهداء وجوب الوقوف عند الواقعة وتبيان أسبابها ومن كان وراءها وذلك بالكشف عمن كان وراء دخول الإرهاب إلى تونس ومن قام بالتغطية على الإرهابيين ومن قام بحمايتهم قانونيا أو قضائيا ومن تستر عليهم و”من أسدل لهم ستارا إعلاميا”.
وأضاف قوله: “إن من تاجر بشعار الحصانة البرلمانية والحصانة القضائية وبرسالة الإعلام ورسالة العمل النقابي، كانوا أبعد ما يكون عن القاضي الحق والنقابي الحق والإعلامي الحق وهو ما سيجرّ للمحاسبة”.
واعتبر الوزير أن “غياب المحاسبة، يؤدي إلى التمادي” وهو ما يتجلى، حسب ما جاء في تصريحه، “من خلال من يتباكون ويقدمون المغالطات في المنابر الحوارية، رغم معرفتهم للحقيقة ولصدق عديد المسؤولين وصدق رئيس الجمهورية، لكنهم يعملون على التمادي في أسلوب التأليب”.