وصلت المواجهة بين الإتحاد و سعيد لأوج احتدامها، و يبدو أن الأمر قد بلغ نقطة اللا عودة.
ما طرأ مؤخرا من مواقف صادرة عن المنظمة الشغيلة، يتعلق أساسا برفض الإتحاد للحوار الوطني في شكله الذي بلوره رئيس الجمهورية قيس سعيد، بما هو حوار لا يتعلق بالكل و انما هو حوار في عمقه انتقائي يدعوا فئات و يقصي أخرى.. و هو ما يرفضه الإتحاد رفضا قاطعة و نهائيا.. من جهة أخرى اعتبر اتحاد الشغل مؤخرا أن القضاء التونسي يتعرض لحملة ترهيب و تخويف و ضغط أولا من قبل وزيرة العدل التي تتدخل حسب الإتحاد في العديد من القضايا، و ثانيا من قبل رئيس الجمهورية الذي عزل 57 قاضيا.
من جهته لا يتفق سعيد كثيرا مع الإتحاد بدليل عدم الأخذ برأيه خاصة في مسألة الحوار الوطني، بل أكثر من ذلك كان الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة “الصادق بلعيد” قد صرح بالقول: إن غياب الاتحاد العام التونسي للشغل عن الجلسة الافتتاحية للحوار لم يؤثر على عملها. و بالتالي فالحوار مستمر و لا ضير إن غاب عنه الاتحاد.
و ما زاد الطين بلة هو المواجهة الحالية مع القطاع القضائي، و هي مواجهة مستمرة لا نرى لها في الوقت الحالي خاتمة واضحة، إذ من الصعب أن يتزعزع موقف الرئيس بإعفائه لذلك العدد الهائل من القضاة، كما أنه من المتوقع أن يستميت السادة القضاة في احتجاجهم و اضرابهم دفاعا عن زملائهم المقالين، حيث انهم في نهاية المطاف يدافعون عن القاضي ككيان و ليس كشخص بعينه، و لعل قبول الهزيمة في هذا المستوى يعني خنوع المنظومة القضائية للتهم الموجهة ضدها جملة و تفصيلا.
و في صورة الوصول ليوم 16 و نجاح إضراب القطاع العام فإن المسألة ستصبح أكثر تعقيدا.
* الصواريخ الأربعة
1- ديون الصناديق الإجتماعية
يبدو أن الاتحاد قد دأب منذ عقود متوالية و متتالية على عدم استخلاص ديون الصناديق الإجتماعية، و هو اشكال كبير قد يكون نقطة ضغط لصالح سعيد.
2- الإقتطاع الآلي
رئيس الجمهورية بكل تأكيد قادر في أي لحظة على إلغاء آلية الإقتطاع الآلي من الأجور، و هو مورد مالي هام للإتحاد في حالة فقدانه سيفقد الإتحاد رفقته جانبا لا بأس به من القوة المادية.
3- التفرغ النقابي
يمكن لرئيس الجمهورية بتعلة الوضع الإقتصادي الهش و الضعيف و المتصدع اللجوء لإلغاء مسألة التفرغ للعمل النقابي على حساب العمل الوظيفي، و بهذه الطريقة سيتم التقليص في عدد النقابيين، إذ لا يمكن أن نجد إلا قلة قليلة ستكون قادرة على التخلي عن الوظيفة في سبيل التفرد للعمل النقابي.
4- قضية التشكيك في شرعية الجلسة العامة للإتحاد
يمكن الضغط على الطبوبي من خلال العودة للجلسة العامة التي نصبته من جديد أمينا عاما للمنظمة الشغيلة، ذلك أن الرئيس قادر على الضغط ليكون الحكم الصادر ضد الطبوبي.
في هذا السياق و بعد هذا الطرح العميق.. نتساءل عن السيناريوهات التي سيواجه بها الإتحاد قيس سعيد؟
عبد اللطيف بن هدية