جاء في تصريح للسيّد “جميل ريحان” المدير التجاري لتأمينات حياة أن التونسي عموما لا يفقه المعنى الحقيقي للتأمين على الحياة، مؤكدا بأن هذا النوع من التأمين قادر على حماية الأسرة التونسية ككل من عدة مشاكل مالية، وأن التأمين على الحياة أصبح ضرورة من ضرورات الحياة، خاصة و أن الدولة التونسية أصبحت تشجع مواطنيها على الإدخار من أجل تأمين مستقبل أبنائهم و فلذات أكبادهم…
تأمين حياة هي شركة من أقدم الشركات للتأمين على الحياة في تونس، تأسست سنة 1987 يناهز وجودها 35 سنة، و تختص هذه الشركة في مجال التأمين على الحياة في تونس، و تعتبر من أكبر الشركات من حيث عدد الحرفاء و رقم المعاملات، و يعتبر التأمين على الحياة فرعا من فروع التأمين، و يتعلق بصفة خاصة بالتأمين على حياة مكتتب عقد التأمين على الحياة سواء أثناء حياته أو عند وفاته.
و يُمَكّنُ عقد التأمين على الحياة من تكوين أموال بعد انقضاء مدة زمنية معينة لصالح المستفيد من العقد الذي قام بإبرامه المكتتب، و يتم التمتع بما جاء في العقد سواء أثناء حياة المكتتب أو في حالة وفاته، فإذا كان المكتتب حيا يمكن أن يستفيد من هذا العقد المكتتب نفسه، و في حالة الوفاة يمكن لعائلة المكتتب أن تستفيد من العقد الذي أبرمه المتوفى.
تكمن أهداف التأمين على الحياة بصفة عامة في المساعدة على الادخار لصالح الحريف، و حماية الحريف و عائلته من انعكاسات وفاة صاحب ذلك العقد، و يُمَكّنُ هذا الأمر عائلة المكتتب من مجابهة العواقب المالية الناتجة عن وفاة العَائِلِ، عن طريق جراية تسند إلى عائلته.
يمثل التأمين على الحياة في تونس 25% من مجال التأمين ككل في كامل البلاد، و هذا الرقم بعيد عن النسبة العالمية، حيث يمثل قطاع التأمين على الحياة في العالم 50% من إجمالي التأمين العالمي، و لكن التأمين في تونس مختزل بشكل كبير في التأمين ما بعد الحصول على القرض، لأن البنوك تطالب بالحصول على التأمين على القروض لفائدتها، بمعنى أنه في حال وفاة المقترض فإن مبلغ التأمين يؤول للبنك.
في الكثير من الأحيان لا يملك التونسي أي معلومات فيما يتعلق بمسألة التأمين على الحياة، ما عدا هذا الجانب المرتبط بإجبارية التأمين على الحياة.
يتمثل دور شركات التأمين في تقريب هذا النوع من التأمينات من كل المواطنين التونسيين لما فيه من حماية كبيرة لهم، كما يحمي كامل العائلة التونسية مثلا في حالة الحاجة لأموال من أجل استكمال إجراءات جراية التقاعد، و في هذا السياق تساعد شركات التأمين على الحياة حرفائها على تكوين جراية تقاعد، عن طريق تمكين الحريف من الادخار بما يتماشى مع إمكانياته المالية، أو يمكن أن يكون الحريف قد اختار آلية الادخار من أجل تأمين دراسة أبنائه، و يكون الادخار في هذه الحالة على شكل منحة دراسة خاصة بالأبناء، حيث تبدأ عملية إيداع الأموال و الأبناء لا يزالون في سن الطفولة، و حين يكبرون يجدون هذه الأموال التي ستساعدهم على الدراسة في الجامعة سواء داخل أرض الوطن أو في إحدى الدول الأجنبية، كما يمكن استخدام هذه الأموال كبداية للحياة العملية، بمعنى إرساء مشروع بدل مواصلة الدراسة…
يُمَكّنُ التمويل على الحياة المواطن التونسي من حماية نفسه ضد الأخطار المالية التي يمكن أن يتعرض إليها في أي لحظة، كما تساعد على حماية و تأمين مستقبل الحريف و كامل عائلته، لذلك قام المُشَرّعُ في تونس بمنح امتيازات جبائية مهمة من أجل تشجيع المواطن على الادخار، و قد بلغ حجم الامتيازات الجبائية في قانون مالية 2021 مئة ألف دينار، و بهذه الطريقة يتم التخفيض في الضرائب بنسبة 55% في حدود المائة ألف دينار.
يمكن للحريف أن يجني أرباحا جبائية تصل لنسبة 35% من مجمل الأموال التي قام بادخارها، و تعتبر هذه الامتيازات ضخمة جدا، لم تكن موجودة في السابق، و تم خلقها من أجل التشجيع على التعامل مع قطاع التأمين، لأن هذا القطاع يكتسي أهمية جد كبرى بالنسبة للاقتصاد، و تشجع شركات التأمين المواطنين التونسيين على أن يدخروا أموالهم تحت سقف التأمين على الحياة، على المدى المتوسط و الطويل، بمعنى أن المواطن سيقوم بتمويل اقتصاد بلاده، خاصة و أن تونس تعاني في العشرية الأخيرة من انخفاض نسبة الادخار الوطني بشكل حاد جدا، إذ بلغت نسبته +20% في العشرية الماضية، بين سنتي 2000 و 2010، ثم انخفضت إلى 9% في سنة 2020.. ثم 4.9% في سنة 2021! و من حسن الحظ أن المشرع قد انتبه لهذه الوضعية السيئة، لذلك نجده ينتهج سياسة تشجيع التونسيين على التوجه أكثر نحو الادخار، و ذلك من أجل تنشيط الاستثمار في الاقتصاد التونسي، و تسديد حاجيات الدولة عن طريق المساهمة في نفقاتها، خاصة و أن الدولة في الوقت الحاضر تُقبِلُ بشكل كبير على الاقتراض، و يساهم قطاع التأمين في جزء هام من هذا الاقتراض الوطني.
يلعب قطاع التأمين دورا هاما في تمويل الاقتصاد بصفة عامة، و موارد الدولة بصفة خاصة، لذلك يشجع المشرع على أن يتوجه مواطنو هذه الدولة نحو التعويل على قطاع التأمينات، عن طريق الاكتتاب في عقود التأمين على الحياة.
و بالإضافة إلى الامتيازات الجبائية و رقم معاملات تأمين حياة الذي حقق هذه السنة قفزة نوعية بأكثر من 38%.. فإن هناك امتيازات أخرى في عقود التأمين على الحياة، على غرار معرفة مردودية عقود هذه التأمينات بطريقة مسبقة، و بالتالي لا توجد أي مخاطرة في الاستثمار بعقود التأمين على الحياة، حيث يمكن للحريف معرفة المردودية بصفة سنوية، بالإضافة إلى أرباح يتم منحها بمفعول تثمين الأموال الخاصة بمكتتب العقد.
يساهم التأمين على الحياة في تمتين الحماية المالية للأفراد، و ذلك بطريقتين:
1- تكوين و تثمين الأموال على المدى المتوسط و الطويل
و يتم تكوين و تثمين الأموال لعدة أسباب، كالسعي لتكوين جراية تقاعد تكميلية، أو تكوين منحة دراسة لصالح الأبناء، أو لتحصيل رأس مال قصد بناء مشروع أو شراء منزل.
2- حماية أفراد العائلة
و تتم حماية أفراد العائلة حين تُوافِي المَنِيّةُ مكتتب العقد، حيث تجد عائلة المتوفى مورد رزق يعوض ما كان ينفقه عليهم رب البيت.
كل هذه الأسباب تجعلنا نثمن مسألة التأمين على الحياة، و من هذا المنبر ندعو كل التونسيين إلى أن يُؤَمّنُوا على حياتهم حِمَايَةً لأنفسهم و لعائلاتهم.. علما و أن التأمين على الحياة يمكن أن ينطلق بمبلغ بسيط، إذ نجد اكتتابا يبدأ من مبلغ 30 دينارا في الشهر، و هو قسط بسيط جدا، و لكنه يمكن أن يساعد عائلة بأكملها بعد مدة زمنية من الادخار…
و يعتبر هذا النوع من التأمين استثمارا على المدى الطويل، يهدف من خلاله المشرع لمساعدة الأفراد و عائلاتهم من ناحية و الاقتصاد الوطني من ناحية أخرى، عن طريق الاستثمار في الاقتصاد الوطني.
* لماذا يساهم قطاع التأمين على الحياة بنسبة ضئيلة و متدنية جدا في الاقتصاد الوطني؟
يساهم قطاع التأمين على الحياة بنسبة 0.56% من الناتج القومي الخام، في حين يساهم ذات القطاع في المغرب بنسبة 2% من الناتج القومي المغربي الخام.
و يرتبط هذا الضعف أساسا بعدة عوامل من أهمها:
– ضعف إنفاق التونسي على التأمين على الحياة، إذ بلغ متوسط الإنفاق في تونس سنويا 56 دينارا فقط! مقارنة بالمواطن المغربي الذي ينفق 200 دينار سنويا على التأمين على الحياة. أما عالميا فيصل مستوى الإنفاق لألف دينار.
فكيف يمكن الترفيع في نسبة إنفاق التونسي على قطاع التأمين على الحياة؟
قام المشروع كخطوة أولى في اتجاه التشجيع على الإنفاق على التأمين على الحياة بطرح جملة من الامتيازات الجبائية، و تمثل هذه الامتيازات داعما جيدا للاقتصاد الوطني ككل، و يسعى قطاع التأمين للتقرب أكثر من المواطن من أجل إقناعه بأهمية هذا النوع من التأمينات بما هي قطاع بعيد كل البعد عن المخاطرة و كذلك لما لها من قدرة عالية على الاهتمام بالعائلة التونسية.
تملك تأمينات حياة 120 نيابة تأمين منتشرة على صعيد مختلف ولايات الجمهورية، و تسعى هذه النيابات لتقريب مفهوم التأمين على الحياة لوعي المواطن، عن طريق المرافقة و الاتصال، و أيضا تسهيل و إحداث عروض تلائم إمكانيات و متطلبات المواطن التونسي، إذ في الإمكان أن يستهل أي شخص عملية الادخار بمبلغ قدره 30 دينارا كمعدل شهري.
التأمين على الحياة لا يتعلق فقط بالأفراد، و إنما في إمكان الشركات أيضا أن تُؤَمّنَ على حياةِ أُجرَائِها بصفة جماعية، عن طريق إبرام عقد جماعي محدد الوقت، يبدأ من ثماني سنوات فما فوق… أو يمكن للشركة إبرام عقد تأمين على الحياة قصد تكوين جراية تكميلية للتقاعد، و بالنسبة للعقود الجماعية قام المشرع بإنشاء جملة من التحفيزات و التسهيلات من أجل تشجيع الشركات على المساهمة في مثل هذه العقود لتمكين أُجرائها من تكوين منحة تقاعد تكميلي.
بلال بوعلي