للأسف الشديد مرت عشر سنوات و نحن لا نزال نتحدث عن استرداد الأموال المنهوبة، علما و أن ما صُرِفَ على هاته العملية، أكثر بكثير من ما تم استرجاعه.. و ثمة تراخ يرتقي إلى درجة القصدية نحو التفريط في هذه الأموال. فعندما يكون السبب الموجب لعدم استرجاع الأموال تعقيد الإجراءات القضائية على امتداد عشر سنوات.. فلا يمكن أن نفسر هذا سوى بالتواطؤ في اتجاه التفريط في أموال الدولة لصالح أفراد أخرى مستفيدة. و بالتالي لم تبذل الحكومات المتعاقبة منذ 2011 إلى يومنا هذا أي جهد حقيقي في اتجاه استرجاع هذه الأموال.. إلى درجة انقضاء الآجال، و شطب العديد من الأسماء من بين الذين كان يفترض استرجاع أموالهم، نتيجة الإخلالات الإجرائية… و تم التمديد مؤخرا بخمس سنوات في اتجاه تقديم الملفات، و لكن هذه الملفات لا تزال قابعة في تونس، في ظل غياب الجدية اللازمة و الساعية لحسم هذا الملفات، خاصة و أن الاقتصاد الوطني في أمس الحاجة للأموال المنهوبة، و هي حق مشروع للمجموعة الوطنية، حيث كان واجبا علينا أن نكون أوفياء لدماء الشهداء و الشعارات النبيلة التي رُفِعَت، باسترجاع هذه الأموال للإستفادة منها و إحقاقا لحق التونسيين عن طريق استثمارها في الإقتصاد الوطني.
هذا و تعاني الدولة من نزيف مالي سنوي، حيث يتم تهريب الأموال سنويا خارج الدولة، دون أي تدخل من البنك المركزي أو الجهات المعنية، مما يجعل من هذا النزيف مقصودا من قبل أطراف متنفذة داخل السلطة التونسية، تتآمر و تتواطأ حتى يستمر هذا النزيف، رغم إننا اليوم في أمس الحاجة إلى الحد من هذا النزيف، عوض مد أيدينا إلى الخارج من أجل تحصيل القروض التي سترهقنا كثيرا.. هي جريمة صارخة ترتكب في حق كل التونسيين، و حان الوقت لوقفها بكل السبل المتاحة.
نحن نقوم في الوقت الحاضر بالضغط في اتجاه إضفاء نوع من الجدية في متابعة هاته الملفات، و كان خطابنا قد اعتبر حادا في علاقة بالسيد محافظ البنك المركزي، و التواصل مع السيد وزير أملاك الدولة، و من المنتظر استقبال السيد وزير المالية لنفس الغرض من أجل تحميل هاته الأطراف المسؤولية السياسية و الأخلاقية و القانونية الكاملة، حتى نضع حدا لعملية تهريب الأموال، و حتى نسترجع أموالنا المنهوبة بالخارج بكل السبل و الطرق المشروعة. و تشكو الدولة منذ سنة 2011 غيابا تاما للإرادة السياسية، و تجذر الارتباك، و كثرة الأيادي المرتعشة التي لم تحسن التعاطي مع هذه الملفات.
هذا و تتحمل الأطراف الحاكمة مسؤولية ملفات الأملاك المصادرة و الأموال المنهوبة و الأموال المهربة إلى الخارج، و القروض التي لا ندري كيف صُرِفَتْ…!!!
و من هذا المنبر أدعو خبراء الاقتصاد و المجتمع المدني إلى معاضدة مجهوداتنا، من أجل وضع حد نهائي لهذا النزيف بكل الطرق المشروعة و الممكنة.