في تصريح لجريدة الخبير علق السيد “هشام العجبوني” نائب التيار الديمقراطي عن الكتلة الديمقراطية على زيارة المشيشي الأخيرة لليبيا، بأنها لا تزال بمنأى عن إصدار الأحكام بالنجاح أو الفشل، فالوقت لا يزال مبكرا عن القفز إلى الإستنتاجات النهائية، و لكن في المطلق تعتبر هذه الزيارة إيجابية من جهة أنها تسعى لتطوير العلاقات مع الشريك الإستراتيجي الليبي، بما هو أحد الحلول الجوهرية لإنقاذ الإقتصاد التونسي و انتشاله من أزماته.
هذا و تعتبر تونس قادرة على سد الحاجيات الليبية من يد عاملة و خدمات و ما إلى ذلك… و بالتالي فالحكومة مطالبة بالتعرف إلى حاجيات الدولة الليبية بدقة، من أجل إعداد و تكوين حاملي الشهائد العليا و أصحاب الحرف، حتى يكونوا على أهبة الإستعداد للعمل بالتراب الليبي.
و باعتبار العلاقات و التقارب و الجوار بين البلدين، فإن تونس مقبلة على تسجيل حضور بارز على التراب الليبي، و هذا ما دفعنا إلى التصريح منذ البداية بأن هذه الزيارة إيجابية في المطلق.
و لكن يبقى إطلاق حكم النجاح أو الفشل على الزيارة سابقا جدا لأوانه، هذا و نؤكد من جهة أخرى أن كل المؤسسات الإقتصادية في تراجع مستمر، كما أنه لا يوجد أي إنجاز فعلي أو تحقيق للوعود التي تم اطلاقها في مثل هذه الزيارات.
أما عن حق تملك التونسيين في ليبيا، فمن حق الأشقاء الليبيين تملك الأراضي الفلاحية و العقارات… و هذا حسب قانون قديم جدا يعود إلى الستينات و السبعينات، حيث تم منح الليبيين حق إقتناء العقارات في تونس. و لكن تم في فترة ما تعطيل هذا الحق في الجزائر و ليبيا. و في سنة 2016 تم إصدار أمر لتذكير السادة الأملاك العقارية و غيرهم من مصالح الأملاك العقارية أن الليبيين و الجزائريين في امكانهم تملك العقارات بتونس.
و قد تم ضمن قانون الإستثمار الأخير السماح للأجانب بإمكانية تملك العقارات باستثناء الأراضي الفلاحية، لأنها ذات خصوصية و تمس من السيادة الوطنية و الأمن الغذائي..
هذا و يحق للجزائريين و الليبيين و المغاربة التملك في تونس منذ القدم، و هذا حسب الإتفاقيات الممضاة بين هذه الدول، و الأمر سيان بالنسبة للتونسيين الذين يحق لهم التملك بهذه الدول، و لكن تشكو عملية التطبيق من عدة مشاكل حيث يتعرض حق التملك إلى بعض التعطيلات على مستوى هذه الدول.. و لكن في سنة 2016 قام وزير أملاك الدولة بإعادة نشر أمر ذكر فيه بالإتفاقيات السابقة، إذ يحق مثلا لليبيين التملك دون الحاجة إلى ترخيص من الوالي.
من جهة أخرى يجب الحرص على المحافظة على المقدرة الشرائية للتونسي و حمايتها عن طريق استثناء المساكن الإجتماعية من حق التملك، حتى تكون الطبقة المتوسطة قادرة على شراء عقار، فكثرة الطلب على العقارات تؤدي ضرورة إلى ارتفاع الأسعار. و عليه بإمكان الليبيين و الجزائريين تملك العقارات التي يسهل على الطبقة التونسية المرفهة شراؤها. و بهذه الطريقة نحول دون ارتفاع التضخم على مستوى أسعار العقارات، كما نحمي المقدرة الشرائية للطبقة الوسطى التونسية.
أما عن المستثمرين الأجانب بتونس المالكين لأموال قادمة عن طريق تحويل أجنبي بالعملة الصعبة، فإن هذا حق من حقوقهم، حيث يستطيعون تحويل أرباحهم عن طريق الإستجابة لبعض الشروط البسيطة، كوجود مراقب حسابات يشهد بصحة تلك الحسابات، ثم يتم بعد ذلك عقد محضر جلسة، حيث تقرر الجلسة العامة توزيع الأرباح، ثم يحصل المستثمر على نصيبه من تلك الأرباح، و حتى في حالة بيع المستثمر لأسهمه فإن من حقه إخراج ثمن البيع، شرط الإلتزام بالاداءات على القيمة المضافة، و بالتالي لا يوجد أي اشكال في إخراج الأموال حسب القانون التونسي.
أما عن السيد “فاكر الشويخي” النائب المستقل عن الكتلة الوطنية فيرى بأن زيارة المشيشي رغم تأخرها فإنها قد كانت إيجابية، فالإقتصاد التونسي و الليبي رافدان لبعضهما البعض منذ نشأة الدولتين.
و ما زاد في استحسان هذه الزيارة، هو اصطحاب السيد هشام المشيشي للعديد من رجال الأعمال، و هي بادرة طيبة “خير من بلاش”.
و تعود فكرة تمليك الليبيين في تونس إلى حكومة يوسف الشاهد، حيث تم الإتفاق على هذا البرنامج، و بالفعل قام عدد من الليبيين بشراء أراض و شقق و منازل بتونس، و ما تم تداوله على مواقع الإعلام و التواصل الإجتماعي مؤخرا، لا يتجاوز كونه إحياء لموضوع قديم كان معمولا به منذ سنوات.
و عن تمليك العقارات و الأراضي فهو أمر سيادي و يمس مباشرة بالسيادة الوطنية، لذلك تخضع هذه العملية ككل إلى العديد من الشروط الممثلة في بروتوكول حقيقي و مطبق يربط بين دولتين، بحيث يخضع التونسي لإملاءات القانون الليبي، كما يخضع الليبي بدوره لإملاءات القانون التونسي، و بهذه الطريقة تكون المعاملة بالمثل على مستوى الدولتين.
بلال بوعلي