بعد أن طال عهد الإستبداد و الظلم بفلسطين و شعبها، الذي فقد بسبب تربع الكيان الإسرائيلي الغاصب و المحتل على أرضه بالقوة و الغصب، كل حقوقه و أبسط ما يمكن أن يتمتع به الإنسان على أرضه و داخل أسوار وطنه، ثار الفلسطينيون أخيرا و قاوموا إلى أبعد الحدود، دون انتظار أو طلب المعونة من بلدان العالم بشرقه و غربه، تلك البلدان التي تنادي بالحرية و كرامة الإنسان في المنابر الإعلامية، و تلتف على ندائها هذا على أرض الواقع مشردة شعوبا و محتلة دولا لا حق لها فيها…
21 ماي 2021 هو تاريخ العزة و الكرامة و الإنتصار، بعد صبر و طول انتظار، أخيرا عاد الهدوء لأرض الحب و السلام، و عاد الأمان لقطاع غزة الذي يحتفل اليوم بانتصاره على العدو الصهيوني الذي وجه نحوه طيلة ال11 يوما الماضية وابلا من الصواريخ و الرصاص.. هذا و قد شهدت ليلة يوم الخميس احتفالات في كل فلسطين فرحا بنصر ثمين.
و قد تم رسميا الإتفاق على وقف إطلاق النار، ليعود السلام لأرض غزة و أهلها، ليتم في الإبان التفرغ لإصلاح البنية التحتية التي تضررت بسبب هذه الحرب.. و قد راح ضحية لهذا العدوان الذي وجهته إسرائيل تجاه فلسطين ما يقارب 232 فلسطينيا من بينهم نساء و أطفال و رجال و كبار في سن… كما أصيب أكثر من 1900 شخص، تراوحت اصاباتهم بين الخطيرة و الطفيفة.
تم رسميا الإتفاق على وقف إطلاق النار صبيحة هذا اليوم، و ذلك بفضل وساطة مصرية، و بانتهاء هذه الحرب الضروس شهدت العديد من المقاطعات الفلسطينية احتفالات بهذا النصر الثمين، الذي بين للعالم بأن الفلسطينيين لم تخمد في قلوبهم شعلة المقاومة.
ساهم في نجاح المقاومة عدة أسباب، لعل أهمها ترسانة الصواريخ المتطورة التي حازتها حركة حماس، و هي التي ساعدتها على الصمود لوقت طويل أمام الإسرائيليين، هذا و لا ننسى جهود محمد الزواري، الذي تمكن من تطوير مجموعة من الغواصات الغير مأهولة، و هي سلاح لعب دورا كبيرا في نجاح المقاومة الفلسطينية و استمرارها.
أما عن نقائص هذه المقاومة فنجملها في غياب خط حربي وراء خطوط العدو، حيث أن استراتيجية مثل هذه كان يمكن أن تزرع الخوف في قلوب الصهاينة، و تعري جبنهم و عدم مقدرتهم على مجابهة سيل المقاومة الفلسطينية..
من جهة أخرى تملك إسرائيل سلاحا جويا قويا جدا، مكنها من مراقبة الفلسطينيين بشكل واضح، و لكنها تفتقر في ذات الوقت لسلاح بري ناجع و هو ما استغلته المقاومة لصالحها.
أما عن عدد الوفيات المصرح به إبان الغارات، فيبدو غير واقعي بالمرة، إذ تم قصف أماكن عسكرية مليئة عن آخرها بالجنود الإسرائيليين، و موقع كهذا يحوي مئات الجنود، كما تم قصف أماكن سكنية فلسطينية و مقرات إعلامية، ليخرج الإعلاميون في نهاية المطاف و يصرحوا بأن لا وفيات و لا جرحى في حادثة إنهيار مقر إعلامي بأكمله!
حماس لم تتنتصر إذ فقدت العديد من الأرواح، خاصة من فئة الأطفال، و إسرائيل لم تخسر إذ لا تزال ضيفا ثقيل الظل على فلسطين.
كانت حماس قد صرحت بأنها قادرة و مقتدرة على هزيمة الكيان الصهيوني و محقه، فلماذا إذن وافقت الحركة على الهدنة، و انصاعت لوقف إطلاق النار؟
هي اسئلة و تساؤلات كثيرة يسوقها كل متابع لهذا الصراع، الذي يبدو أنه لم ينته بعد، و هذه الحرب مستمرة و وجوهها كثيرة و متعددة، و يبدو أنه لا سبيل لإخمادها في الوقت الحاضر.
بلال بوعلي