الإستكشاف هو محاولة اكتشاف محروقات جديدة، تمكن من تعويض المخزون قصد الإستهلاك. و للأسف نواجه اليوم نقصا كبيرا في رخص الإستكشاف، و بالتالي نقصا في إمكانية وجود اكتشافات جديدة.
هذا و لدينا في الوقت الحالي عدد 23 رخصة سارية المفعول، و هي موزعة بين البحث و الإستكشاف. كما أن لدينا 56 امتياز استغلال.
من جهة أخرى نؤكد بأنه لا توجد أي اكتشافات في الشمال التونسي، بينما مأمولية وجود الإكتشافات في الجنوب مرتفعة أكثر من أي مكان آخر، فعلى كل أربعة آبار نجد عدد بئر واحدة كاكتشاف جديد.
و للأسف لا تهتم الدولة التونسية بتطوير الآبار، و هو ما نكتشفه من عدد الآبار التطويرية، الذي لا يتجاوز الأربعة آبار! أما عن تطوير الإنتاج الوطني فقد تقلص بنسبة 5% في السنة منذ 2010، و قد بلغت نسبة التقلص أحيانا 10%.
بين سنتي 2020 و 2021 لدينا حقلين و هما حقل نوارة الغازي و حقل منزل الذين دخلا طور الإنتاج و ساهما في الحد من العجز.
الاستثمارات بدورها قليلة جدا و هو ما أدى إلى تقلص إمكانية اكتشاف محروقات جديدة.
أما عن الإستقلالية فنجد نسبة 51% إنتاج محلي لسنة 2021 أما البقية فتأتي من التوريد.
* الإكتشافات في الوطن القبلي قديمة جديدة، لأنه لم يتم تطويرها، خصوصا ما هو بحري منها. و يتصيد المستثمرون الفرص الإقتصادية و الجبائية الملائمة للقيام بالتطويرات كارتفاع سعر البترول و غيره…
أما عن السياسة التواصلية و شعار «وينو البترول» و الشيطنة المتعلقة بمجال البترول ككل… فقد قمنا سنة 2013 بإرساء حوار وطني و التوجه مباشرة نحو المواطن، عن طريق فريق متكون من الجبائيين و الفنيين و الوزراء… و قد قمنا بزيارة أربعة و عشرين ولاية، و استمعنا لكل الأسئلة و الاستفسارات و أجبنا عليها، ثم أصدرنا بعد سنة تقريرا قدمنا فيه مجموعة من الإقتراحات التي لاقت تجاوبا كبيرا من الناس… إلا أن شعارات مثل «وينو البترول» و «ثروات منهوبة» عطلت كل مساعينا لكشف الحقيقة للناس.
و يبني المستثمر آماله الإستثمارية على الدول التي تزخر بالاكتشافات الطاقية، و يأبى الذهاب لبلاد تفتقر للبترول، ثانيا لدينا موضوع الجباية التي يجب أن تكون مربحة للمستثمر، و ثالثا وجوب توفر مناخ استثماري مستقر سياسيا و قانونيا… و حتى موقع تونس الذي نسوق له كأقرب موقع لأوروبا، لم يعد يحظى بجاذبيته السابقة، و ذلك بسبب سوء المناخ العام سواء على المستوى السياسي أو الإجتماعي أو غيره… من ما ينفر المستثمرين و يغنيهم عن المخاطرة بالإستثمار في بلد غير مضمون.
أما عن كبرى الشركات المغادرة لتونس فتمتاز بقراءتها الخاصة للمناخ العام، و لديها سياسة خاصة تتجه عموما نحو الإنطلاق العالمي للطاقة، و العالم يتجه في الوقت الراهن نحو التخلي التدريجي عن المحروقات الأحفورية، و تبني هذه الشركات لهذه السياسة العالمية يدفعها للتخلي عن الأنشطة الصغيرة باعتبار حجم الإنتاج. و الشركات المغادرة لتونس ستتجه نحو الإكتشافات الكبرى في شرق المتوسط و جنوب إفريقيا، حيث إن هذه المناطق تحتاج إلى تركيز كبير، و هو ما دفعها للتخلي عن نشاطاتها الصغرى. و كانت هذه الشركات تعول على حقول مثل حقل البرمة الغني بتروليا، حيث وصل إنتاجه فترة الستينات ل100 ألف برميل، إلا أن هذا الحقل قد أصبح ذو مردود ضعيف جدا و لا يحتاج لشركات كبيرة من أجل استغلاله.
* حدث أول تاريخ تشريعي تونسي سنة 1948 ثم 1953 ثم 1985. و كان كل شيء يتم عن طريق السلطة التشريعية في شكل قوانين، و في الثمانينات استشرف الخبراء التونسيون كون تلك الطريقة غير قادرة على تجديد المخزون، لذلك تم الإتفاق على ضرورة تغيير التشريع من خلال تحديد نوع الضريبة، ليصبح بذلك كل شيء بيد السلطة التنفيذية و هي الإدارة و الوزارة، و تتعلق الطريقة بكيفية تمرير الإلتزامات و الرخص و غيرها… و كان هناك موعد تاريخي مع مجال الطاقة، لأنه أصبح لدينا نوع من السرعة في المطالبة بالرخصة و التمديد… و بالتالي أصبح الإطار التشريعي متوفرا و مكفولا بقانون 9/85، كما نجد مجلة المحروقات و هي مكسب ثمين للدولة التونسية في ما يتعلق بالتشريع و المحافظة على أنشطة الإستثمار في المحروقات.
أما عن الفصل 13 فقد أعادنا إلى الوراء، و ذلك بإرجاعه للعقود و القوانين للسلطة التشريعية، و لكن هل تملك السلطة التشريعية القدرة اللازمة على مواكبة النسق المطلوب؟ تملك السلطة التشريعية جدول أعمال خاصا بها، و سرعة معينة تعمل بها.. لذلك هي غير قادرة على مواكبة نسق مجال الطاقة.
لدينا في الوقت الراهن رخصة تابعة للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، و كل الإجراءات الخاصة بهذه الرخصة مكتملة. كما أن لدينا منذ سنة 2012 رخصة أعدنا التركيز عليها في 2017 و لكن إلى حد هذه اللحظة لم نتمكن من إحياء هذه الرخصة، و لنا فيها أمل كبير في الغاز بجهة قابس، إلا أننا لم نستطع إنهاء هذا الأمر رغم اللجان العديدة و العديدة التي مررنا بها!
* تعتبر اللجنة الإستشارية للمحروقات لجنة أكثر منها قانونية، و ذلك باعتبار قانونية القرارات المتخذة و التي تحيط بالنشاط ككل، و الإدارة هي التي تتولى تقديم الدفع الفني، و بالتالي نحن مجبرون على إعطاء الصورة الفنية و تأثيرها على القطاع بصفة عامة، إلا أن تأويل النص و خاصة في مواقف محددة، يمكن أن يفرض جدلية أحقية التدخل من عدمها… و كل هذا خاضع للجنة استشارية مكونة من سبع وزارات هي التي تقرر مدى قانونية الطلب الموجود. و كانت الشركات الكبرى تتقدم بطلبات معقولة و مدروسة، و لكن طلبات الشركات الصغرى دائما ما تكون غير مستوفية للشروط القانونية كما يجب، و مثل هذا الأمر في حاجة إلى الإجتهاد عن طريق اللجنة الإستشارية للمحروقات، لأن الإدارة العامة للمحروقات هي المسؤولة عن كل شيء.