تعود فكرة تحول البريد التونسي إلى مصرف لسنة 2005 و هو أمر قد تم التفكير فيه لما حققه البريد من نجاح و انتشار واسع داخل الرقعة التونسية ككل.. و هذا على خلاف البنوك، التي و رغم انتشارها الواسع إلا أنها لا تضاهي البريد في ضخامة تعاملاته المالية و المترددين على خدماته بصفة يومية…
مقارنة بسنة 2018 استطاع البريد التونسي تحقيق ارتفاع نسبته 11٪، و قد ارتفعت نتيجة التشغيل بين عامي 2018 و 2019 من عجز قدره 32.7 مليون دينار إلى عجز بقيمة 13.6 مليون دينار. و يقتصر صافي الدخل المالي للبريد على 11 مليون دينار مسجلا بذلك انخفاضا قيمته 42.5% مقارنة بسنة 2018، و بسبب محدودية هامش الربح بحوالي 0.12% وجد البريد نفسه أمام حاجز يحول دونه و دون المقدرة على الكسب.
و قد بلغت الودائع الادخارية القائمة والحسابات الجارية لدى مكتب البريد 9.3 مليار دينار بتاريخ 31 ديسمبر 2019. مقابل 10.7 مليار لسنة 2018. و يحوز البريد التونسي منذ ديسمبر 2019 حوالي 9.263 موظفًا ينقسمون كالتالي 44.9٪ مديرين تنفيذيين، و 34.5٪ مشرفين، و 20.6٪ وكلاء تنفيذ. و تملك الشبكة التجارية للبريد 1157 فرعًا في نهاية 2019، مقسمة بين: 1043 مكتب بريد و 36 وكالة بريد سريع، و 29 وكالة بريد طرود، و 49 مكتبًا متنقلًا.
و ينقسم نشاط المكاتب البريدية عموما إلى قسمين، قسم خاص بالمعاملات و الخدمات البريدية كبيع الطوابع، و بريد الطرود و البريد المباشر، و قسم خاص بالخدمات المالية و الإستثمارية..
طموح إنشاء بنك بريدي
تدل المعطيات و الأرقام المسجلة في الجزء الأول من المقال على مدى أهمية مؤسسة البريد التونسي و ضخامتها و شمولها.. و من أجل تمتيع المواطنين الغير منخرطين بالبنوك، اختار البريد التونسي أن يكون نافذة بنكية لهؤلاء، و ذلك دعما من البريد للإستراتيجية الوطنية للشمول المالي و تسهيل الوصول للخدمات المصرفية و التعاطي معها من قبل كل المواطنين.. و من المنتظر أن يرى هذا المشروع النور بانتهاء هذه السنة، علما و أن البريد سيبقى على حاله، بينما سيتم إنشاء مؤسسة جديدة منخرطة في البريد تناط إليها مجمل الخدمات المالية.
هذه العملية ستكون مشابهة تماما للتجربة الفرنسية، حيث سيتم الحفاظ على البريد التقليدي، مع تدعيمه بقطاع مالي مصرفي.
و من المنتظر أن يقوم البنك البريدي إذا ما تم انشاؤه بتوفير العديد من الخدمات، لعل أهمها منح القروض، و تمويل الأشخاص…
هي خطوة جد هامة نحو تعصير البريد التونسي، و جعله ملائما لحاجيات المواطنين التونسيين على اختلافهم، خاصة أولئك الغير مدمجين بالبنوك، و الذين سيصبح لهم الحق في الإقتراض و التداين، و هو أمر صعب في حالة طلبه من البنوك.
بلال بو علي