ربما ستعاتبونني على تكرار نفس الموضوع مرارا و تكرار.. و لكن قناعتي الشخصية تترسخ يوما بعد يوم بأن كذبة العدالة الإنتقالية كانت السبب الرئيسي الذي تسبب في دمار البلاد و شقاء العباد على جميع الأصعدة، سواء على مستوى الإقتصاد أو السياسة أو المجتمع… كنا نسعى من خلال هذا البرنامج، إلى جمع الكل على طاولة واحدة من أجل إلغاء الأحقاد و الكره، و وضع اليد في اليد و العمل معا من أجل الوصول إلى الحقيقة و محاسبة كل من أخطأ. و لكن للأسف وقعنا في مطبات الشتائم و الكذب و السباب و الضغينة… زد على ذلك تبادل الإتهامات بالإرهاب و الفساد.. هذا و نجد جمعيات قد تم تسخيرها لإشعال نيران الفتنة باستمرار، متبنية في هذا السياق قضايا الشهداء و جرحى الثورة، الذين لم يستفيدوا شيئا إلى حد هذه الساعة… رحم الله شهداء الثورة و شفى كل جرحاها.
يبدو أن العدالة الإنتقالية لا تروق لقلة قليلة من الناس، لذك سعو إلى إرساء عدالة على قياسهم الخاص، لا تخدم أحدا سواهم، دون أي اكتراث للشعب التونسي، و عليه يبدو أن القتال لا يزال مستمرا، و العنف آخذ في التصاعد.. و كل هذا بسبب ما نعانيه من انشقاق.. فلو كنا يدا و فكرا واحدا، لما كنا ضحية لصندوق النقد الدولي الذي يتحكم بنا كما يشاء رفقة البنك العالمي و الإتحاد الأوروبي. لو كنا يدا واحدة لتمكنا من تجنب كل هذه المشاكل و الضغوطات الإقتصادية و الإجتماعية… و لكن للأسف هذا ما تسببنا به لأنفسنا.. و كل ما نتمناه في هذه اللحظة الحرجة، هو أن لا تصبح هذه العدالة الإنتقالية عدالة انتقامية.