في أجواء يخيم عليها انعدام الثقة بين الأطراف السياسية، يتواصل المخاض الصعب لولادة حكومة إلياس الفخفاخ في تونس. كان الرجل ينوي إنهاء الشوط الثاني من خطته يوم السبت الماضي، بتوقيع قادة عشرة أحزاب سياسية على الوثيقة التعاقدية للعمل الحكومي و لكنه اضطر إلى تأخير الموعد، بطلب
من حركة النهضة. و ما يخشاه الفخفاخ أن يكون وراء هذا التأخير أسباب أعمق من مجرد الإرهاق الذي عانى منه رئيس الحركة راشد الغنوشي، على إثر عودته من السفر. ففي اليوم نفسه الذي اعتذر فيه الغنوشي عن عدم المشاركة، التأم المكتب السياسي
لحركة “النهضة”، ونظر في أمر وثيقة الأولويات الوزارية، مؤكدا بالمناسبة على تمسكه بحكومة وحدة وطنية واسعة، ما يعني أن الحركة لا تزال مصرة على توسيع المشاورات لتشمل حزب قلب تونس. فقد أعلنت “النهضة” في بيان قرارها بعدم توقيع وثيقة التعاقد الحكومي التي عرضها الفخفاخ.
في المقابل، يلاحظ أن الفخفاخ بقي مصرا على استثناء “قلب تونس” بشكل خاص من المشاورات، وعدم إشراكه في حكومته المقبلة. هذا الموقف وجد دعما له من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، والذي دافع من موقعه على ما يسميه صيغة “الحكومة المنسجمة”، أي حكومة من دون الحزب الذي أسسه نبيل القروي. كما انتقد سعيد أخيرا، في حديث أجراه على قناة الوطنية الأولى بمناسبة مرور مائة يوم على انتخابه رئيسا لتونس، حركة النهضة، من خلال إشارته إلى أن “من غير موقفه، عليه أن يتحمل مسؤوليته”. وسبق للحركة أن أعلنت أنها لن تتحالف مع “قلب تونس” بسبب شبهات الفساد التي تحوم حوله وحول مؤسسه قبل أن تتغير حساباتها حيث قال راشد الغنوشي ” إن أقصى رئيس الحكومة المكلف الياس الفخفاخ قلب تونس فلن تمرّ حكومته ولن تنال ثقة البرلمان”. مثل التي سبقتها.
حيث شدّد رئيس حركة النهضة على أنّه لا يمكن لرئيس الحكومة المكلف أن يفرض على حزب ما أن يكون في المعارضة وأن يختار له موقعه أو أن يصنّفه وفق رغبته.
وفي هاته الصورة أصبح لحركة النهضة دور ثانوي.
ولم يبقى لها سواء خيارين اما إسقاط حكومة الفخفاخ وحل البرلمان و التوجه إلى انتخابات مبكرة ، و نتائج غير مضمونة و من الممكن ان تخسر حركة النهضة ثقة التونسيين، اما الخيار الثاني هو تصويت للحكومة و دون مشاركة حزب قلب تونس، وبعد شهرين من تصويت الحكومة ونيل ثقة البرلمان سوف تحدث عدة تحالفات سياسية جديدة مما سينجر عنه سحب الثقة من الحكومة المصوت لها، و بذلك سيقوم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بتعيين رئيس حكومة جديد أو سوف يعين نفسه فكل الاحتمالات واردة بالنسبة لحركة النهضة.
وقد أصبح الحديث عن إمكانية استقالة الفخفاخ واردة جدا