بالنسبة لقانون المالية لسنة 2020 ، أرى انه يوجد به بعض الإيجابيات بما فيهم المراجعة المحدودة و لكن من الممكن ان الشيء الإيجابي هو انه لا يوجد نصوص جبائيه لأنها موجودة بكثرة و كل مرة نقوم بسن نص جبائي و هنا يمكن ان نعتبر ان قانون المالية جاء خفيفا. و في الحقيقة المطلوب هنا هو ان يكون هناك استقرار جبائي لان المستثمرين يرغبون في الاستقرار الجبائي و الرؤية الواضحة و التي لا يمكن ان توجد الا بوجود استقرار جبائي.
و بالنسبة الى النظام التقديري، ففي الحقيقة يجب على الحكومة الجديدة ان تقرّ انه بعد ثلاث سنوات لن يكون هناك نظام تقديري لأنه لدينا اكثر من 400 الف من المتمتعين بالنظام التقديري و المعروف انه مصدر للتهرب الجبائي… و هنا على الحكومة من بين الإجراءات التي يجب ان تأخذها هي تقرير رزنامة اين يقف النظام التقديري.
و هنا اريد التأكيد مرة أخرى الى ان قانون المالية لسنة 2020 جاء قانونا خفيفا و تم التركيز فيه على بعض الأشياء و الأهم انه عندما تقرا اهم التوجهات نجد انه يجب ان نضغط على العجز و هنا لابد من التأكيد على ان قانون المالية يجب ان يكون مترجما لرؤية و لا يجب ان يكون تمرين محاسبة اذ لا يمكن كحكومة القول انه لديها بعض المصاريف او بعض الموارد و يجب في اخر السنة القيام بعجز فهو امر غير منطقي فالعجز ب3 بالمائة ليس لديه أي منطق.
و بالنسبة للأوضاع التي عاشتها تونس في الأشهر الأخيرة و كذلك خلال سنة 2011 فنجد تباعد كبير بين الجانب الاقتصادي و الجانب السياسي فكانه يوجد صورة للاقتصاد يطالب السياسيين بالاهتمام به و هنا أتمنى ان تنعكس الصورة ليطالب السياسيين الاقتصاد بالحلول.
و المعروف هنا اننا نعيش وضعية اقتصادية صعبة جدا و اذا ما تواصل التركيز على السياسة والنقاشات السياسية و التجاذبات السياسية فانه لا يجب اهمال الجانب الاقتصادي
انما يجب الاهتمام و التركيز عليه اعتقد هنا ان التمشي الصحيح يتمثل في الالتفاف حول برنامج واضح فبدون برنامج و اذا طغت المخاصصة الحزبية فإننا لن نستطيع التقدم.
و بالرجوع الى نتائج الانتخابات الرئاسية، نجد انها اثبتت تحديان و اللذان سيطرحان في المستقبل و يتمثل التحدي الأول في الشباب و فهمنا انه يوجد انفصال او عدم ترابط او عدم التقاء بين الشباب من ناحية و الطبقة السياسية من ناحية أخرى و يمكن ان يكون البعض قد تفاجا بالنتائج ولكن عندما نرى نسبة البطالة كبيرة و خاصة لدى حاملي الشهائد العليا و يوجد دراسة تم القيام بها سنة2013 من قبل البنك الدولي تؤكد ان 8.8 بالمائة فقط من الشباب الموجود في الريف لديه ثقة في الطبقة السياسية و في المدن هناك 31 بالمائة فقط لديه ثقة في الطبقة السياسية و وزارة الشباب و الرياضة قامت كذلك بدراسة بينت ان 60 بالمائة من الشباب ليست لديهم ثقة في الطبقة السياسية فالتحدي الكبير المطروح هنا هو علاقة كيفية إعادة الثقة لشباب بالطبقة السياسية و اول امر هنا وجب تفعيله هو التشاركية و هذا ليس بالضرورة على المستوى الوطني اذ يمكن ان تكون تشاركية على المستوى الجهوي و المحلي ثم فسح المجال للمبادرة .
ويتمثل التحدي الثاني في مقاومة الفقر فالعديد من المواطنين أعطوا أصواتهم لأنهم فقراء و يرغبون في تغيير وضعياتهم و لان الدولة لم تكن موجودة في المناطق فنسبة الفقر الموجودة حاليا حسب اخر الدراسات تبلغ 5.5 بالمائة و لذلك يجب على الطبقة السياسية التفكير جديا في كيفية خلق اليات للحد من الفقر و الاليات موجودة.
ومن هذا المنطلق، أرى انه هناك مشكلة مؤسسات ومشكل حوكمة السياسات العمومية في تونس اذ انه لا يوجد تناسق بين السياسات الاقتصادية الموجودة وهناك العديد من المشاكل ومنها المشكل المؤسساتي من هنا يجب ان يكون لدينا مجلس وطني اقتصادي والذي يظم وزارة المالية و رئاسة الحوكمة و وزارة التجارة للخروج ببرنامج متكامل و رؤية واضحة للعموم و ثانيا يجب انشاء وكالة او مؤسسة و يمكن تسميتها استراتيجيات تونس و تهتم بالتفكير بالذكاء الاصطناعي و مهن المستقبل و ثالثا انشاء وكالة تهتم بكل ما هو دين عمومي.
السيد ارام بالحاج: محلل مالي وأستاذ جامعي