تعيش البلاد اليوم فترة فوضى عارمة اطلق عليها ظلما و تجنيا مرحلة الحرية و لكنها حرية بلا ضفاف اعتدي خلالها على الاخلاق و على كل القوانين بأسلوب فظيع و مرفوض…. كل السلبيات ترتكب باسم الحرية بما فيها حرية التعبير الذي من المفروض أن له حدود اخلاقية لا يمكن للعاقل اجتيازها بل اصبحت تهدد السلم بكل ما يحتوي على معان اذ زرعت بوادر الشك في ابعاد سلامة الوطن…. الحرية تمنع الاعتداء على الاخر قولا و فعلا لأنها تفرض لغة الحوار لحل مشاكل ايديولوجية و فلسفية و عقائدية و هي تنبذ التطرف بكل انواعه و اشكاله و ترفض بقوة التشبث بالرأي إلا اذا كان على صواب و جمع الاغلبية …. لان هناك من السياسيين من يتظاهر بالتمسك بالحرية و يرفض ان يعارض له اي راي لانه يرى ان اي رأي يحتوي على قسط من الحقيقة و بذلك يفتح ابواب الفوضى على مصراعيه لان كل المواقف تتخذ في النهاية اثر نقاش مستفيض يتعرض الى كل جوانبها و في النهاية يتخذ الموقف الاصح الذي يجمع الاغلبية ….. و لكن لا يمكن مواصلة التفرج على انتهاك القوانين في كل المجالات بحجة الحرية فمن ابسط القوانين التي تفرض الانضباط قوانين المرور لما فيها من فوائد للجميع لم تعد تحترم بل يتم تجاوزها بشكل خطير ينتج عنه في اغلب الاوقات خساؤر بشرية الى جانب المشهد المزري للسائق بغض النظر عن اشارات المرور …. مشهد يكشف عن انحطاط من ارتكب المخالفة و يدل على تكوين خاطئ من الاساس … بلادنا تشتكي اليوم من داء تمكن منها منذ سنة 2011 و ما فتئ تتسع رقعته لان الاعلام يظهر ان ذلك يتطلب الزجر الشديد لان الاقناع الشفاهي لم ينفع ولا بد من تفعيل القانون بقوة لكي يشمل كل القطاعات و كل مرافق الحياة … الحرية لم تعد تتحمل الاعتداءات اللفظية بين عدد من الاحزاب يرى اصحابها ان كل شق على حق و بدل ان يقنع البشر بحسن نظره و سلامة موقفه ينطلق في انتقاد مواقف الاخرين بعنف مع توجيه عبارات جارحة بل والمصيبة في الحملة الانتخابية الرئاسية مترشحون يتبادلون التهم في وقت كان عليهم اقناع الناخبين بحسن اختياراتهم للمستقبل…. وهذا دليل على سوء فهم معنى ابعاد كلمة الحرية في مفهومها العريض.
حان الوقت بعد كل هذه السنوات من الفوضى اعادة احترام القانون و العمل على بسط القانون و اعادة الثقة الى المواطن الذي ضربه الشك و زرع في اوصاله الخوف من الظلم لان عدم احترام القانون و المبالغة فيه تجعل الظلم يزدهر و يقتل بوادر الامل و الثقة في النفوس … نعم الكل يتشبث بالحرية و لكن بالحرية الصحيحة مع اعطاء القانون ما يستحقه من احترام و لا بد من تطبيقه بكل جزئياته لوضع حد لفوضى ولدتها الحرية المزيفة.