من الصعب أن نتجاهل قلة اهتمام أفراد الشعب بالحملة الانتخابية لأن جل المتسابقين لا يستحقون المشاركة أصلا في مثل هذه الانتخابات التي ترمي الى اختيار من سيمثل الوطن تونس في الخمس سنوات المقبلة…لا يتمتع جلهم بذرة من المصداقية بعد أن تعددت و تنوعت خطبهم و تلونت مواقفهم و كثر هذيانهم طيلة سنوات و اتضح أنهم لا يصلحون لتسيير فوج كشافة فإذا بهم و بكل وقاحة يسعون الى أعلى منصب بنفس الهذيان و غياب الكفاءة و طغيان المبالغة التي تكشف عن سذاجة لا تليق بمترشح لحكم البلاد…
و مع الأسف غاب الحرص في تطبيق القانون اذا أظهرت هيئة الانتخابات التردد و الليونة المفرطة مع المخالفين و هذه نكبة كبرى لأن القضية تتعلق بفرض جزئيات القانون بدون هوادة اذ ما معنى التساهل مع من اتضح أنهم تلاعبوا في جمع التوقيعات لتزكية بعض المترشحين …هناك تسامح غير مبرر فتح أبواب التزوير على مصراعيه لكن مراوغة سبعة مترشحين للتصريح بممتلاكتهم فاق الخيال اذ كيف لمن يسعى الى رئاسة البلاد يتهرب من التصريح بممتلكاته بحجج ملفقة مرفوضة تكشف عن مدى تنكره للقانون في أبسط بنوده بينما كان عليه أن يحترم ذلك و بدون أدنى ملاحظة و هؤلاء كان على الهيئة أن تفضحهم و تشطبهم بدون تردد..
سمعنا كلاما غريبا يدل على أن البعض لا يميز بين بيان حملة انتخابية رسمية أقيم على برنامج جدي صالح لبلد و بين كلام على قناة اذاعية أو تلفزية للاستهلاك الفوري يذوب بمجرد نهاية البرنامج… وزادت هذه المرحلة في ذعر الناس التي ضاقت ذرعا بالحاضر اذ هي تتطلع الى من ينقذها من الواقع التي تعيشه منذ أن تم تدمير الشرعية و ظهور شعارات رنانة و لكنها مجرد حروف براقة بعيدة عن الواقع اذ انتشر الفساد و اختلت هياكل البلاد و تم اعتصار الطبقة الوسطى و اتسع نطاق الفقر و تراجعت المكتسبات الاجتماعية و تعددت الممارسات الاحتكارية المتوحشة و فتحت الابواب أمام مافيا السوق التي استحوذت على كل شيء…و ضاق الناس بالحاضر يريدون التخلص منه بأي شكل من الاشكال لأن القضية تتعلق بالحياة اليومية…الناس تتحدث عن الماضي و ايجابياته رغم أنه لم يكن في أحسن صورة لكن قسوة الحاضر و تحدياته أثرت على النفوس و لذا كيف للناس أن تطمئن الى وعود غامضة من أشخاص جلهم لا يتمتع بالمصداقية؟؟؟ و هذه هي القضية…