السيد حسن بوجرة: كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي
أنا اعتبر ان جامعتنا التونسية تعيش على واقع انفلات
وزاري اولا و انفلات نقابي ثانيا و هو ما تقوم به النقابة الموازية في ما يتعلق
بمقاطعة الامتحانات. و هنا اريد التأكيد على امر أساسي و هو ان مصلحة الطلبة لا
يجب التفريط فيها في إطار صراعات تجمع بين النقابة و الوزارة فليس من المعقول ان
ندخل كل سنة في مثل هذه الإضرابات الإدارية فهناك أشكال نضالية اخرى و يجب على هذا
الأساس ان لا يتحمل الطلبة هذه المسؤولية.
فالجامعة العمومية اليوم من شأنها ان
نرفع شعارات لصالحها و من شأنها ان تكون النتيجة وخيمة عليها عندما يتبين المواطن
التونسي انه لا يوجد امتحانات لا السنة الفارطة و لا هذه السنة و ربما السنة
القادمة ايضا، و هنا اعتقد ان هذا سيشكل هجرة ممكنة للعديد من الطلبة باتجاه
الجامعات الخاصة و التي تمثل اكبر خطر اليوم على الجامعة التونسية لذلك و بصراحة
منذ السنة الماضية و نحن نرفض مقاطعة الامتحانات بل ونريد أشكال اخرى للنضال على
ان يتم اخراج الطلبة من هذا للصراع. و قد قدمنا هنا بشكل من الاشكال الإضراب
الاداري و كان ذلك سنة 2005 اي قبل الثورة و قد كان هذا الإضراب يتمثل فقط
في عملية حجب الاعداد اي إننا لم نقم بارتهان الطلبة فقد اجتازوا امتحاناتهم و
بقيت المسألة مرهونة بين الأساتذة و الادارة بمعنى اننا امتنعنا عن الإصلاح و
إعطاء الإعداد للإدارة الى ان تم حل المشكل خلال فصل الصيف و هو ما حدث فعلا إلا
انه كان لصالح وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و التي اقتطعت أجورنا تلك
الفترة و واجهتنا بكل الوسائل المتاحة و غير المتاحة قانونا.
و هنا اريد التذكير بأنه هناك انفلات
على مستوى وزراي فقد كنّا معهم في جلسة تفاوضية مؤخرا و هناك حديث حصل في ما يتعلق
بشهادة علوم التربية و قلنا ان هذا الامر لا يجوز اذ انه اليوم في الجامعة
التونسية يوجد تشاركية اي يقع الاستماع الى رأي الهيئات البيداغوجية و في هذه
الهيئات هناك الأساتذة ممثلين و طلبة ممثلين في كل مجلس علمي و في نفس الوقت يقع
الاصغاء الى النقابة و نقابة الطلبة و هو ما من شانه ان يضفي في الأخير على اي
إصلاح تريد الوزارة القيام به مرجعية مشروعة اولا و اخيراً ، فمن غير المعقول
اليوم ان تقوم الوزارة بمثل هذه الإصلاحات الفوقية خاصة و انها تثير مشكل بالنسبة
للأساتذة و الطلبة و بالنسبة للاختصاص المتمثل في العلوم الانسانية و الاجتماعية .
و هنا اريد الاشارة الى موضوع تعامل
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي مع القطاع الخاص، و قد سبق و طرحنا هذا
الموضوع في إطار لجان الإصلاح التي كانت سابقة لسنة 2015 و التي شاركت فيها
نقابتنا و كافة الهيئات البيداغوجية و نقابات الطلبة باستثناء النقابة الموازية
التي رفضت ذلك . و الوثيقة التي خرجت على الإصلاح تؤكد اولا و قبل كل شيء صياغة
كراس شروط جديد ينظم العلاقة بين وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و بين
القطاع الخاص الا انه وقع التراجع عن هذا الامر مباشرة بعد سنة 2015 و سبق لنا ان
أدنا هذا الموضوع و بينا انه ليس من المعقول في شيء ان تلتزم الوزارة اليوم
وتتراجع غدا و هنا اعتقد ان ما قالته هيئة دائرة المحاسبات يندرج تحت خانة ”
و شهد شاهد من أهلها ” فعندما قلنا نحن ذلك الكلام تم اتهامنا بانه لدينا
موقف ايديولوجي و معادي للقطاع الخاص و بينا انه لدينا موقف من القطاع الخاص
الرديء الذي ليس لديه الا عقلية نفعية يريد ان يحققها انطلاقا من هذه المشاريع الموجودة
اليوم في التعليم الخاص.
و هنا اؤكد فقط على نقطة وحيدة و هو ان
كراس الشروط القديم الذي أدناه و قلنا انه يجب ان يكون هناك كراس شروط جديد كان
يشترط على المؤسسات الخاصة ضمانة ان يكون ثلثي الأساتذة الجامعيين هم من الأساتذة
اصحاب شهادة الدكتوراه و من المترسمين و نجد الان في اغلب المؤسسات الخاصة
باستثناء البعض منها نسب تتمثل في 3 و 5% و اليوم وزارة التعليم العالي تتحدث عن فتح
المجال الجامعي الوطني في تونس امام الجامعات الخاصة الامريكية بالإضافة الى
الجامعات الفرنسية الخاصة و التي دخلت أساسا فهل يمكن لقطاع عمومي اسمه جامعة
عمومية ان تواجه مثل هذه المنافسة الغير شريفة في وضع كهذا و هذا ما يتطلب إصلاح
المنظومة و هنا في حالة ما وقع إصلاح المنظومة و ارساء اعتمادات مالية هامة لوزارة
التعليم العالي و البحث العلمي بإمكاننا كجامعة عمومية ان نواجه مثل هذه المنافسة.
و النقطة الثانية التي اريد الاشارة
اليها هي انه صحيح هناك شعارات كلنا نرفعها و لكن القضية هي ماذا يمكن لك ان تحقق؟
فالقضية هنا ليست في الأشكال النضالية القصوى التي تتخيرها و إنما نحن في الجلسة
التفاوضية الاخيرة التزمت الوزارة على انها تخلت عن مشروع اجازة علوم التربية
وبالنسبة الى الاجازات الموحدة مازال هناك خلاف و سيقع تحديد جلسة تفاوضية خلال
الأسبوع الاول من شهر ماي 2019 و نحن نؤمن بان النضال النقابي هو نضال و لكنه ايضا
تفاوض و حوار و قلنا ان حجر الزاوية يتمثل في الحوكمة و التشاركية فعندما تقوم
الوزارة بانتهاك قواعد الحوكمة و التشاركية فنحن ضدهم و قد عبرنا عن هذا في ما
يتعلق بالإصلاحات التي أقرها الوزير في ما يخص شهادة علوم التربية .
و هنا اريد التذكير انه في البداية
اعطينا أهمية خاصة للمسائل المعنوية التي تهم الجامعة العمومية و إصلاح المنظومة
الجامعية و شاركنا في المئات من الاجتماعات التي قامت في كافة الجهات و المؤسسات و
الجامعات و وصلنا في الأخير الى كتيب و لكن الوزارة تراجعت في ذلك.
و ثانيا، قلنا انه هناك قانون أساسي من
شانه ان يحل كافة المشاكل التي يعاني منها الأساتذة الجامعيين و ثالثا قلنا ان
القانون الأساسي لا يتمثل فقط في اعادة تسمية الخطط بالنسبة للأساتذة بل انه
ايضا يحل المشاكل و بينا ان المشكل اليوم يتمثل في ان الأساتذة من صنف ” أ
” هم نسبة ضئيلة جدا و هذا الصنف هم أولئك الذين تحصلوا على كافة شهاداتهم
الجامعية و قاموا بإنجاز أطروحاتهم بينما الاساتذة من صنف “ب” يتزايد
عددهم بشكل مستمر فأصبح هناك اختلال و قلنا ان الحل يتمثل في ان الوزارة عليها ان
تفكر في استراتيجية صياغة لتحفيز هؤلاء الأساتذة على مواصلة أبحاثهم و في هذا
الإطار نحن الان بعد ان اتفقنا في خطوط عريضة في ما يتعلق بالقانون الأساسي هناك
نقاط مازالت خلافية من ضمنها مثلا الاستحقاقات المالية في النظام الأساسي الجديد و
طرحنا عليهم هذا الموضوع في الجلسة الاخيرة و وقع تحديد جلسة خلال الأسبوع الاول
من شهر ماي و هذا هو العمل النقابي و على هذا الأساس اهتمامنا بهذه المسائل و
اهتمامنا ايضا بمسالة القانون الانتخابي و رفضنا ذلك القانون الذي أرادوا ان
يسقطوه علينا و تأخرت الانتخابات لأول مرة في تاريخ الجامعة التونسية الى أوائل
السنة الموالية و في نفس الوقت لدينا مطالب مادية و يمكن تلخيصها في نوعين مطالب
متعلقة بالمنح و البعض يرى انها فتات في حين انها مع الوضع الذي تعيشه البلاد هي
تقدم في تجاوز للمشاكل الكبيرة التي يعيشها الاستاذ الجامعي منها منحة العودة
الجامعية و منحة للطلبة أبناء الاساتذة والجامعيين و منح اخرى للأساتذة الباحثين
الذين ينشرون أبحاثهم تحفيزا لهم على مواصلة البحث عوضا عن الساعات الإضافية و
عوضا عن العمل خاصة في القطاع الخاص. و نريد هنا مثلا من القطاع الخاص ان يشغل
الاساتذة الجامعيين و حاملي شهادات الدكتوراه الذين هم اليوم في حالة بطالة و من
ذلك ايضا هناك زيادة سميت بالمجزية و سيقع التفاوض فيها في شهر جويلية و سينتهي
التفاوض يوم 31 جويلية 2019 و هكذا هناك حزمة من المطالَب المادية التي تقدمنا في
بعضها و لم نتقدم في بعضها الاخر و النضال متواصل دون ان نمس من الامتحانات.
و في شهر جانفي 2019 عوضا من التوجه
للامتحانات قلنا و أكدنا انه لا يجب المس من الطلبة و استنبطنا شكلا نضاليا جديدا
لأول مرة يقع تطبيقه في وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و هذا الاعتصام أفضى
الى حل بعض المشاكل و هو دليل يثبت أننا لا نريد الوصول الى استعمال حق الطلبة في
امتحاناتهم.
و هنا اريد القول انه يوم 10 أفريل
2019 وقع استعمال العنف المفرط و وقع قمع الطلبة و هو امر غير معقول و غير مقبول و
قد تحدثت سابقا عن وجود انفلات نقابي في الجامعة التونسية و لدينا انفلات وزاري و
كذلك انفلات أمني . و كل هذا يجب ان نواجهه و لا يجب تحميل المسؤولية الى طرف واحد
اذ يوجد اخطاء مشتركة بين عدة أطراف .
و بالنسبة للقطاع الخاص، أرى انه لا
توجد مراقبة أصلا و هذا باعتراف الوزارة و باعتراف دائرة هيئة المحاسبات ولذلك
ادعو الى ضرورة تنظيم القطاع الخاص فمن غير المعقول ان يتحول القطاع الخاص في
التعليم العالي الى قطاع يبحث عن الربح فقط و هنا أنا لست ضد القطاع الخاص بل يجب
ان يوجد مع قانون ينظمه و أنا هنا لست ضده كقطاع و إنما ضده كقطاع رديء يؤمن فقط
بالربح و كقطاع هو ضرب للجامعة العمومية.
و في الختام، اريد القول ” ان بعض
الطرق تؤدي الى جهنم ” و بإمكاننا ان نرفع شعار الجامعة العمومية و نفرط في
حق الطلبة و هو امر لا يجوز، فاليوم النقابة الموازية بصدد ضرب الجامعة العمومية لأنه
للسنة الثانية على التوالي تمنع أبناء الشعب التونسي من اجتياز الامتحانات و هو
امر لا يجوز و هنا يجب الفهم ان النضال النقابي هو أخذ و عطاء و الحل هنا يكون
بوقف مقاطعة الامتحانات و يوقف الوزير قضية تجميد الاجور و الحل هنا إعطاء الطلبة
الحق في الامتحانات و مواصلة النضال النقابي بأشكال نضالية أخرى.