يكتبها محمد الكامل
هذه أكبر عملية احتيال تتكرر وتعاد كل سنة ولم يفكر أي كان في إعادة النظر في أسلوب دعم السينمائيين الذين يستحقون الإعانة والتشجيع ويظهر أنها عملية أصبحت عادة وأخذ كل من هب ودبّ يطالب بنصيبه ويصرّ على ذلك…
مع بداية الاستقلال شجعت الدولة على دراسة الفن السينمائي وتكفلت بصرف منح إلى الراغبين من الشباب ثم خصصت مبلغا لإعانة إنجاز أعمال سينمائية لأفراد لا يتعدى عددهم عدد أصابع اليد الواحد ومع نهاية الثمانيات وبداية التسعينات تضخم العدد وفي سنة 2001 وصلت مطالبة الحصول على دعم لإنجاز فيلم روائي 47 وسألت صديقا بين لجنة اختيار المواضيع هل في إمكانك مطالعة 47 سيناريو فضحك وقال سألقي نظرة على ملخصات الأسماء المعروفة حتى أتظاهر بمعرفة المواضيع الفائزة؟ وفهمت ما فهمت لأني كنت قابلت وزير الثقافة في شهر أوت 1999 وروى لي أشياء أمتنع عن ذكرها اليوم إذ اعترف بأن لجنة قراءة المشاريع مستهترة وتبيع منح الدعم حسب تعريفة مضبوطة وهذا معروف إلى جانب تدخلات عليا لا حيلة لي في مناقشتها فقلت هذا أصبح من أنظار العدالة فضحك الوزير باستهزاء وقال أي قضاء؟
ثم إن عملية قراءة النصوص من طرف أعضاء لجنة تبقى مجرد عملية لتبييض التلاعب لأن النص مهما كان رائعا فهناك في النهاية مخرج يتصرف فيه وقد يعبث به وتبقى عملية قراءة النصوص لرش الرماد على العيون وتوريط أناس في الزج بهم في هذا المقلب خاصة وأن من ينتمون إلى السينما كمن يعرفون جيدا أن النص لا يصنع فيلما عظيما وكان الأولى تغيير طريقة تشجيع السينمائيين وإعطاء أصحاب المواهب حظوظا حقيقية.
واتضح هذا العام أن العبث بلغ درجة عليا ووجهت التهم مباشرة إلى أصحاب النفوذ الذين استولوا على أموال الشعب المخصصة لتشجيع أصحاب المواهب… ثم هل هناك من يصدّق أن أعضاء اللجنة درسوا واطلعوا على مائة سيناريو؟ وكما يقال الحسبة محسوبة من الأول فهناك بغض الطرف عن المبادئ والقانون والأخلاق والدستور والعدالة من يتحصل على أموال الشعب قبل أي كان…
يا ترى من ستأتي به الأيام لتنظيم وزارة الثقافة التائهة في بحر الضياع وتنظيم قسم السينما على أسس ثابتة ومفيدة لأن ما يجري اليوم فلكلور سلبي يكتب في الصفحات السوداء من التاريخ.
الإخراج السينمائي فن وابتكار وخلق يملكه أصحاب الموهبة التي تصقلها الدراسة الجادة في التمكن من أسرار مختلف أقسام صناعة فيلم من إضاءة وديكور وموسيقى تصويرية وتبقى النتيجة مجهولة إلى حدّ ظهور النسخة الأصلية لمعرفة مدى النجاح والتوفيق أو الفشل الذريع… فهل من نهاية لهذا العبث والتشجيع من حق من يقدم شريطا سينمائيا مقبولا ولا أقول ناجحا لأن النجاح قضية أخرى.