يكتبها محمد الكامل
في الأسابيع الأخيرة مرت ذكرى بعث الإذاعة في فيفري 1938 ويعجز القلم عن ذكر أسماء القمم في العلم وفي المعرفة الذين مروا بها ونحتوا أسماءهم في الصخر وجعلوا منها منارة أنارت المجتمع بأنواع شتى من البرامج الراقية من موسيقى وثقافة عامة وأشعار من لهجات مختلفة وتمثيل وأدب وأخبار وتحاليل لمواضيع عديدة… وبعد ذلك الرقي والعز انهارت الإذاعة الوطنية وفقدت مكانتها ودخلت منذ سنة 2011 دهليز الاستهتار والاستخفاف وفقدت حتى لغتها الأصيلة واختلط الحابل بالنابل وعمت الفوضى وأخذت تتكلم لغة هجينة مثل لغة الشوارع والجهلة والمنحرفين ولا تسأل عن المحتوى فهو من بدع السوقية أفرزتهم الاعتصامات والأحزاب الفاشلة والمتطرفة والتدخلات المريبة فحتى المخصصة للشباب سقطت في سهولة ميوعة الجيل الضائع… ولذا عن أي ذكرى يتحدث المتفائلون فالواقع يقطر دما ويتأوه ألما…
ارتكب أحد المديرين في فترة –الترويكا- المشؤومة أفظع جريمة قد ترتكب في هذا المجال أي العبث بالأرشيف حتى أن رئيس الحكومة سنة 2014 طلب إجراء تحقيق ومحاكمة الجاني ولكن إلى الآن ملف الجريمة بقي طي الكتمان…
لكن المخيف أن رئاسة الحكومة لا تهتم بالإذاعة بينما يفرض الواجب أن تبقى الإذاعة الوطنية من الاهتمامات الأولى للحكومة مثل وزارة الداخلية والعدل والدفاع وأن تجعل منها صوتا راقيا وفصيحا للبلاد وأن تختار لها مديرا جديرا بالمنصب وصاحب كفاءة حقيقية في التسيير وله دراية واسعة بالثقافة وصاحب منطق سليم وجرئ في ابتكار البرامج وأن يبتعد عن التقليد الأعمى وأن يقتنع أن السير في الطريق السوي صعب ومزروع بالأشواك… يكفي الإذاعة المصائب التي عرفتها في السنوات الأخيرة وحان الوقت لتسترجع مكانتها ولغتها الأصلية الفصيحة التي تصل القلوب.