من يقول قرية دجبة الواقعة على مرتفعات مدينة تيار من ولاية باحة سيقول حتما تينها الذي تحول الى رمز لهذه الجهة محليا و دوليا. و قرية دجبة تعيش على مدار السنة على وقع التين فالتين هنا هو الهواء الذي يتنفسه الأهالي و هو الحديث الذي يؤثث مجالسهم و كيف لا و تين دجبة هو المنتوج لفلاحي الوحيد في تونس الذي يحمل صفة العلامة الأصلية المراقبة .
تين دجبة ليس ثمرة او غلة و انتهى بل هو طريقة عيش و فن كامل المقومات كما شرح ذلك جيدا فوزي السالمي، رئيس تعاونية الخدمات الفلاحية : دجبة للغلال حيث يقول :” التين هو ثمار ذو جودة عالية و هو كذلك منتوج قابل للتحويل كمعجون و تين مجفف و عصير و غيرها. اقتصاديا يمكن القول ان كل الأنشطة في مدينة دجبة مرتبطة ارتباطا عضويا بالتين و هو كذلك محور باقي الأنشطة الترفيهية و الثقافية و السياحية و لذلك يعد مهرجان تين دجبة حامل لعلامة اصلية مراقبة العنوان الابرز لها و قاطرة للتعريف بالجهة بأكملها.
بفضل التين، تشهد دجبة حركيّة جمعت كل سكان الجهة حولها و خاصة لدى النساء اللواتي يجتهدن لا فقط خلال موسم الجني بل و على مدار السنة لتثمين هذا المنتوج الرائع و الفريد من نوعه من خلال ابتكار منتجات جديدة ك ” لذائذ دجبة” و هي منتجات متفرعة عن التين و يتم تسويقها كامل السنة عن طريق الشركة التعاونية للخدمات الفلاحية و مجمع كنوز الذي تأسس في سنة 2016 و مشكل من عشرين إمرأة.
الى ذلك جاءت تسمية تين دجبة علامة اصلية مراقبة لتعطي دفعا جديدا لموسم التين بالجهة و التي تنطلق في نهاية شهر جوان و تنتهي في شهر سبتمبر حيث حولت هذه العلامة عملية جني التين من نشاط موسمي الى نشاط متواصل على مدار السنة ليرتفع إيقاع حياة أهالي المنطقة عبر نشاطات متعددة و ثرية من ذلك بعث جمعية تعنى بالدفاع عن تين دجبة حامل لعلامة اصلية مراقبة من جهة و السهر على تنظيم مهرجان دجبة السنوي في سفح جبل القراعة في أجواء احتفالية مميزة تحول القرية الى مزار و ووجهة سياحية و ثقافية.
و الحقيقة انه منذ ان اصبح تين دجبة يحمل هذه العلامة الأصلية المراقبة و ذلك في سنة 2012 حسب الامر الصادر عن وزارة الفلاحة تعيش الجهة حركيّة غير مسبوقة و هو ما أسس لمقاربة جديدة انخرط فيها الجميع لدعم الانتاج و التسويق و الترويج لهذا المنتوج خاصة من طرف الادارة العامة للإنتاج الفلاحي بوزارة الفلاحة و الموارد المائية و الصيد البحري المكلفة بإسناد الإعلانات الأصلية المراقبة و التعريف بالعلامات التونسية و المجمع المهني المشترك للغلال المكلف بالترويج للغلال الحاملة للعلامات المسجلة و مشروع PAMPATالممول من طرف كتابة الدولة للاقتصاد في سويسرية و المتابع من طرف منظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية و الديوان الوطني التونسي للسياحة الذي يعمل على الترويج للسياحة البديلة من خلال التعريف بالمناطق السياحية التقليدية.
ساهمت كل هذه العوامل بامتلاك تين دجبة لسمعة و اعتبار محلي و دولي فمنذ سنة 2016 تم تسويق 16% من انتاج تين دجبة كعلامة اصلية مراقبة و تطمح الجهة الى الترفيع في هذا النسبة للضعف و ذلك من خلال غزو أسواق جديدة كالسوق القطرية و دعم المكانة التي اكتبسها تين دجبة في الاسواق التقليدية كفرنسا و الكندي و الإمارات العربية المتحدة. أما على المستوى المحلي فتسعى الهياكل المحلية الى دعم مسالك التوزيع بخلق نقاط بيع جديدة اضافة الى المساحات الكبرى ككارفور و المغارة العامة.
ان هذه التجربة الاولى من نوعها في تونس تعد نموذجا للنجاح و مثالا على قيمة و امتياز الحصول على الإعلامية الأصلية المراقبة كمحرك للتنمية الجهوية و قاطرة للتعريف بالمنتوجات الجهوية. لقد نجح تين دجبة في ان يتحول الى جواز سفر للتعريف بالجهة و يدعم موقعها الاقتصادي و يخلق حركيّة اقتصادية و ثقافية و سياحية من حيث تثمين موروثها القذافي و الحضاري و التاريخي.
يذكر ان رمز العلامة الأصلية المراقبة تشهد على مدى تطابق المنتوج مع الشروط و المواصفات المتعلقة بالجودة و المصدر و متابعة مسالك الانتاج و طرق الانتاج و الجني و الحفظ و التعليب. و لضمان ديمومة هذه العلامة تم تكليف المعهد الوطني للمواصفات و الملكية الصناعية لمراقبة تين دجبة و القيام بمتابعة عملية الانتاج لدى الفلاحين.
و كانت عملية إسناد صفة العالمة الأصلية المراقبة قد انطلقت في سنة 2014 و ننخرط فيها 67 فلاح ليصل عددهم اليوم الى 100 فلاح الذين اسسوا بدورهم الشركة التعاونية للخدمات الفلاحية ” دجبة للغلال” و ذلك بغية بيع التين مباشرة في الاسواق و نقاط البيع المختلفة. و شيئا فشيئا تغيرت المعطيات و بعد ان كان المنتوج عالي الجودة لا يمثل الا 2٪ تطورت هذه النسبة بعد ثلاث سنوات لتصل الى 16 ٪ اليوم.
و تحتكم الشركة اليوم على وحدة لتعليب و تحويل التين و هي متحصلة على التراخيص الفنية للتصدير و تتوفر الشركة كذلك على شاحنة مكيفة تؤمن نقل المنتوج