يزخر ماضينا بمئات الأعلام وآلاف الرواد والمبتكرين والمجتهدين الذين أضافوا للكثير من المدونات واسهموا في إثراء الثقافة والحضارة العربية والعالمية,
ويجهل الكثير من أجيال الحاضر عددا هاما من أولئك الذي كرسوا أعمارهم في البحث والتجديد وخدمة العلم وإصلاح الناس أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن عرفة الورغمّي ولد سنة 716هـ فقيه زيتوني مالكي وإمام جامع الزيتونة وخطيبه في العهد الحفصي ويعتبر مرجعا وأساسا من أسس المذهب المالكي في تونس وشمال إفريقيا.
كان الشيخ رضي الله عنه في صغره مشهورا بالجد والاجتهاد والمطالعة والمذاكرة لازم الشيوخ الأجلاء, أخذ عن الإمام ابن عبد السلام القراءات العشر والحديث ولازمه كثيرا وأخذ عنه علما غزيرا وتعلّم الفرائض على الشيخ السطي والعلوم العقلية على ابن أندراس والآبلي وعلى ابن الحباب النحو والمنطق والجدل وعلى الآبلي وكان يثني عليه وقرأ بالسبع على ابن سلامة والفقه على ابن عبد السلام وابن قداح وابن هارون والسطي .وأما جِدّه واجتهاده في الطاعات من صلاة وصيام وصدقة فيقال إنه بلغ درجة كثير من التابعين وحكاية حاله في ذلك تحتاج لتأليف. وقد قال عنه تلميذه الإمام (الأُبّي) شارح صحيح مسلم: (كان شيخنا من حسن الصورة والكمال على ما هو معروف وكان شديد الخوف من أمر الخاتمة يطلب كثيرا الدعاء له بالموت على الإسلام ممن يعتقد فيه خيرا. أعطاني يوما شيئا مما يتصرف به الأولاد وقال أعطه للولد الذي عندك وكان ولدا سباعيا – أي ابن سبع سنين – وقل له يدعو لي بالموت على الإسلام رجاء قبول دعاء الصغير فلحقتني منه عبرة وشفقة.