لا وجود لوعي جبائي في تونس
نظم المنتدى القضائي للقانون والعدالة والأمن بالاشتراك مع جمعية القضاة التونسيين والفرع الجهوي للمحامين، المؤتمر الثاني حول الإصلاح الجبائي تحت عنوان مشروع قانون المالية إلى أين، وهي ليست المبادرة الأولى في علاقة القضاء بالشأن الجبائي، منذ تاريخ تأسيس المنتدى سنة 2014، والذي يهتم بالتفاعل مع الأحداث المهمة في البلاد، كفاعلين في المجتمع المدني وفي هذا الإطار يتنزل المؤتمر الثاني حول الإصلاحات الجبائية، بعد أن اعتنى المؤتمر الأول في سنة 2016 حول مكافحة الفساد.
أثار مشروع قانون المالية جدلا واسعا نظرا لمساسه بمختلف شرائح المجتمع، من ذلك عقد المؤتمر للإلمام بمختلف آراء الفئات الاجتماعية التي هي في علاقة مباشرة بهذا القانون، لما له من تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية ، وقد حضر المؤتمر الأستاذ محمد الفاضل عبد الكافي وزير الاستثمار والتعاون الدولي الأسبق والسيد فيصل دربال مستشار رئيس الحكومة ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي والخبير الاقتصادي والمالي السيد معز الجودي وكذلك السيد معز بن فرج رئيس المنتدى وكذلك السيدة حبيبة اللواتي الديرة العامة للتشريع الجبائي السابق.
نلاحظ أن المادة الجبائية هي الفرع المظلم في القضاء العدلي لعدم وجود الوعي الجبائي في تونس، ولغياب الاهتمام بالمادة الجبائية من قبل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، لكن بعد الثورة تغير الوضع نظرا لتداخل المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وحتى القضائي خاصة أمام انفتاح السلطة القضائية على باقي المجالات أكثر من ذي قبل و هذا الانفتاح لم يواكبه تطور العمل في السلطة القضائية لغياب كل الدعم اللوجستي للسادة القضاة.
و نحن من جهتنا كمنتدي قضائي للقانون والعدالة والأمن نسعى لتشريك نقابة القضاة في المؤتمرات بهدف النهوض بالأحكام من جانب طريقة التلخيص وسرعة الفصل لكن لاوجود لاي نوع من التشجيع من قبل الحكومات المتعاقبة، فالقاضي يشتغل دون قانون أساسي لمدة سبع سنوات رغم بعث المجلس الأعلى للقضاء.
الاكتظاظ في المحاكم مهول والانتدابات في سلك القضاء متدنية ولا تلبي الحاجة، وهذا لا يخدم السلم الاجتماعي، نظرا لسوء مردود القضاء، كما أن السلطة القضائية لا تتكون فقط من قضاة، بل هي منظومة كاملة من قضاة وخبراء وما إلى ذلك إلا أن دائرة واحدة تهتم بالمادة الجبائية لا تفي بالغرض في ظل تراكم الملفات القضائية في الغرض، ولا وجود لأي مجهود يذكر لتحسين سبل عمل القاضي، ولكن رغم كل ذلك نحن نأمل خيرا في المجلس الأعلى للقضاء الذي يعمل تدريجيا على إيجاد حلول وآليات كفيلة بتحسين الوضع القضائي في تونس وتطوير وتعصير المنظومة القضائية.
معز بن فرج: كاتب عام المنتدى القضائي للقانون والعدالة والأمن
التخصص القضائي لا يخدم مصلحة إدارة الجباية
الإشكال المطروح حول التخصص القضائي هو إشكال قديم ومتجدد، فمنذ القديم اختصاص القضاء في المادة الجبائية يفتقد إلى التنظيم إلا بعد صدور مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية سنة 2002، وأصبح القضاء العدلي يختص في المسائل الجبائية، والسؤال المطروح اليوم هل توجد ثقة في القضاء الجبائي في تونس أم لا؟
من ناحية أخرى يكمن المشكل الأساسي في المنظومة القضائية ككل إذ أن التنقيحات المتتالية للقوانين والتشريعات التي تضبط مسألة العدالة الجبائية أفقدت مجلة حقوق والإجراءات الجبائية معناها.
عندما نتحدث عن التجاء المحكمة للاختبار يصبح وجوبا، يعني أن نلتجئ للخبراء لمساعدة القضاء في بعض الإشكاليات، مع العلم أنه لا يقيد قرار المحكمة ولا يلزمها في شيء.
القضاء الجبائي يتكون من إدارة الجباية والمواطن وحسب ما تنص عليه قوانين وتشريعات دستور 2014 تحت مسمى العدالة والجباية والإنصاف لا يحق لإدارة الجباية التدخل في شؤون تسيير الشركة.
من جهة أخرى التخصص القضائي في مادة الجباية لا يخدم مصلحة إدارة الجباية لان القاضي المختص يكون على دراية شاملة بجل القوانين وخفاياها وهذا يسهل عملية التصدي لخروقات ومخلفات الإدارة مثلا في ما يتعلق بإيقاف التوظيف الإجباري، خاصة في ظل طول الإجراءات وتراكم الملفات القضائية التي تخدم بالأساس مصلحة إدارة الجباية على حساب المواطن، وبالتالي يجب بعث قضاء استعجالي في المادة الجبائية.
أما في ما يتعلق بالضغط الجبائي محل الجدال القائم حول قانون المالية لسنة 2018، صحيح أن الدولة التونسية تمر بوضع اقتصادي صعب ووجب تكاتف كل الجهود للخروج من الأزمة الحالية، لكن هذا لا ينفي حقيقة الضغط الجبائي.
رجب اللومي: عضو بمجمع المحاسبين
التخصص القضائي في المجال الجبائي
الإجراءات والتشريعات في المجال الجبائي تشوبها عديد التعقيدات وبالتالي لا لوم على قاض كبل بنص قانوني، مثلا الضمان بما قيمته 10 %أو 15% الذي أضر بعديد المؤسسات والشركات في علاقة بمدة الضمان التي لا تفوق السنة، والمعروف أن المحاكم تعج بالملفات المتراكم حتى أن القاضي يعجز في بعض الأحيان عن النظر في الملف المعهود في الوقت المحدد، ثانيا والأهم لجوء القاضي في بعض الأحيان لاستشارة خبير نظرا لعدم إلمامه بقانون المحاسبة وقانون الجباية وقوانين الأعمال وهذا يدخل في باب الاختصاص، في الوقت الذي نمتلك من القضاة المتخصصين في الجباية كفايتنا، مع العلم أن الفصل 62 يلزم إجبارية استشارة الخبير.
في الحقيقة في سنة 2002 أسسنا مجمع المحاسبين سعيا لتوحيد المهنة لكن إلى يوم الناس هذا لم نحقق شيء، رغم ذلك يقوم المجمع بمجهودات هامة من حيث الدورات التكوينية.
طلال عياد: وسيط في البورصة BMCE CAPITAL
مؤشر” توننداكس ” ينخفض بنسبة 0.34%
قام المعهد الوطني للإحصاء بنشر نتائج التجارة الخارجية إلى حدود أواخر شهر أكتوبر لسنة 2017، حيث شهدنا ارتفاع نسق الصادرات بما يقارب 18.2% لتبلغ قرابة 27.6 مليار دينار، لكن في نفس الوقت ارتفع نسق الواردات ب 19.6% لتبلغ أكثر من 40 مليار دينار، ما نتج عنه عجز في الميزان التجاري بنسبة 13.2 مليار دينار.
بلغت قيمة العجز التجاري سنة 2010، 8.3 مليار دينار وارتفعت قيمة العجز خلال العشرة أشهر الأولى لسنة 2017 لتصل إلى ما يفوق 13 مليار دينار، أما في ما يتعلق بنسبة التغطية لسنة 2010 فإنها فاقت 73.9% في حين لم تتجاوز 67% سنة 2017، إلى جانب تدهور قيمة الدينار التونسي مقابل الأورو والدولارالأمريكي ما نتج عنه عجز الميزان التجاري بقيمة 13.2 مليار دينار.
من أهم القطاعات التي ساهمت في العجز التجاري نجد قطاع الصناعات التحويلية الذي بلغت قيمة عجزه 4.7 مليار دينار، وثانيا نجد قطاع الطاقة بقيمة 3.3 مليار دينار، ثالثا نجد الصناعات الميكانيكية والكهربائية بقيمة عجز بلغت 3 مليار دينار، وكذلك عجز في قطاع المواد الفلاحية بقيمة 1.9 مليار دينار، وأيضا قطاع النقل بعجز يصل إلى 1 مليار دينار وفي هذا الإطار صدر قرار بخفض واردات السيارات بنسبة 20%،في حين حقق قطاع النسيج فائض بقيمة 1.2 مليار دينار.
العجز التجاري في تونس لا يتأتى من الدول الأوروبية بل من الصين إذ تسجل تونس عجزا تجاريا مع الصين بقيمة 3.6 مليار دينار، نظرا للكم الهائل من الواردات من الصين في كل المجالات والقطاعات، مقابل انعدام التصدير، ثم نجد ايطاليا بقيمة 1.7 مليار دينار، حيث تبلغ قيمة الصادرات نحو ايطاليا 4.5 مليار دينار في حين تفوق الواردات قيمة 6.2 مليار دينار، أهمها النسيج والصناعات الثقيلة ، ثالثا تركيا قيمة العجز بلغت 1.5 مليار دينار، جراء الاتفاقية التجارية المبرمة معها، رابعا روسيا بقيمة عجز بلغت 1.4 مليار دينار.
من جهة أخرى حققت تونس فائضا في الميزان التجاري مع عديد البلدان منها فرنسا بقيمة 2.3 مليار دينار، حيث بلغت قيمة الصادرات 8 مليار دينار في حين لم تتعد الواردات 6 مليار دينار، كما سجلت تونس فائضا في الميزان التجاري مع القطر الليبي بقيمة 600 مليون دينار، كذلك المغرب بقيمة 113 مليون دينار.
من جهة أخرى شهد مؤشر” توننداكس ” في الفترة الممتدة بين 10 و16 نوفمبر الجاري انخفاضا بنسبة 0.34%، في حين حققت المعاملات المالية على الأسهم المدرجة ارتفاعا بقيمة 23 مليون دينار أي بمتوسط معاملات يومية يتراوح بين 4.5 مليون دينار و5 مليون دينار.
ثريا التباسي: منظمة الدفاع عن المستهلك
مولد بلا زقوقو لم لا ؟
تعمل منظمة الدفاع عن المستهلك على متابعة حملة رئيس الحكومة ضد المحتكرين، التي حققت نتائج ايجابية ونرجو أن تتواصل، سواء من حيث الأسعار أو الجودة.
في هذا الإطار، كثر الحديث مؤخرا حول الارتفاع اللامعقول لسعر ” الزقوقو “، ونحن كمنظمة أطلقنا حملة لمقاطعة ” الزقوقو ” الذي فاق سعره 30 د وكذلك مقاطعة كل مادة يفوق سعرها المعقول، وفي الحقيقة انتشرت ثقافة المقاطعة في المجتمع التونسي، ونحن نشجعها ونؤيدها خاصة في ظل ضعف المقدرة الشرائية للمواطن .
و كلمة الختام ” لا للزقوقو “
نرجس باباي:
في العالم كثر الحديث مؤخرا عن التظاهرة التي نظمتها الصين، السبت الفارط 11 نوفمبر، ” Single Day” تظاهرة نظمها عدد من الطلبة وتتمثل في الاحتفال بغير المتزوجين، والذي يبلغ عددهم في الصين 200 مليون نسمة، ومتابعة لهذه التظاهرة سجل “موقع علي بابا ” مبيعات قدرت السنة الفارطة بقيمة 17 مليار دولار في يوم واحد، في حين بلغت هذا العام 8 مليار دولار في ساعة واحد، لتصل بذلك إلى 25 مليار دولار في آخر اليوم، مع العلم أن هناك منافسة كبيرة بين المواقع التجارية الأمريكية والمواقع التجارية الصينية، حيث تنظم أمريكا سنويا تظاهرة “Black friday “، والمتمثلة بالاحتفال بآخر يوم جمعة من شهر نوفمبر، ويتميز هذا اليوم بتخفيضات هامة على المنتجات في المواقع التجارية، ووقع توريد هذه التظاهرة من قبل البلدان الأوروبية وحتى من قبل تونس فمنذ سنتين تقريبا تحتفل تونس بهذه التظاهرة وهذا العام سيكون موعد التظاهرة يوم 24 نوفمبر.
و بالحديث عن أسباب اندلاع تظاهرة “Black friday “، يعود ذلك لأن شهري أكتوبر ونوفمبر هما الأشهر الأكثر ركود تجاريا ونظمت هذه التظاهرة لتحريك الحركة الاقتصادية سواء عبر المواقع التجارية أو عبر المغازات الكبرى، في تونس لا يزال رقم معاملات المواقع التجارية جد ضعيف، تقريبا هناك 1150 موقع تجاري في تونس ولكن لا يفوق رقم المعاملات الجملي 100 مليون دينار.
رشيد تمر: خبير محاسب وخبير عدلي
لا وجود لعدالة جبائية في تونس
لا يختلف اثنان على أن المنظومة الجبائية في تونس جد معقدة، وقانون المالية السنوي يسهم في تقديم عديد الإضافات سنويا في هذا المجال، خاصة أن مجلة الإصلاحات الجبائية وضعت على الرفوف، وأهملت من قبل الأطراف المتداخلة، وعند السؤال عن الإصلاحات ومآلها يجيبون بأنها إصلاحات تدريجية تفعّل بمرور الوقت، وبالتالي ما هكذا تسهم الجباية في جلب الاستثمار الخارجي…
من جهة أخرى نلاحظ عدم استقرار المنظومة الجبائية في تونس، وفي هذا الإطار نؤكد أن عديد الشركات غادرت تونس السنة الفارطة جراء تغيير نسب الضرائب الجبائية، مما يفقد المستثمر الثقة في المنظومة ككل …
و من ناحية أخرى نجد الضريبة على الأرباح التي تصل إلى 10 % بالنسبة لمشروع قانون المالية لسنة 2018 بعد أن كانت في ما سبق 5 % فقط، وكل هذه العوامل تنتج الضغط الجبائي.
أما في ما يتعلق بالعدالة الجبائية فتونس بعيدة كل البعد عن مصطلح العدالة الجبائية، فالجباية فرض لا مهرب منه في علاقة بشركات معينة كالشركات البترولية والشركات الكبرى، ومن ناحية أخرى لا علاقة لها بباقي الشركات والمجالات، خاصة في ما يتعلق بالسوق الموازية وبالتالي لا توجد عدالة جبائية في تونس.
كما أشير في خصوص مسألة القضاء، أن الاختصاص الحقيقي في القضاء يجب أن يكون في الاستئناف لا في الابتدائي، فمثلا هناك قضية لمدة أربع سنوات ولم يقع تعيين جلسة للنظر فيها إلى حد اللحظة، وهذا يثبت طول الإجراءات صلب المحكمة الإدارية، التي لها تأثيرات مباشرة على الاستثمار سواء الداخلي أو الخارجي.
و بالتالي غياب التخصص القضائي، خاصة أن السلك القضائي يفتقد إلى قضاة متكونين في قضايا الفساد المالي، من غسل أموال والملفات التجارية، إضافة إلى الأسباب المتعلقة بالإجراءات خاصة على مستوى المحكمة الإدارية، يقضي بمراجعة هته الإجراءات.
وأخيرا في علاقة الخبراء المحاسبين بالقضاء نؤكد أن الخبير المحاسب لا يمكن أن يفيد القضاء في شيء في ظل ضبابية وعدم وضوح القضايا، إضافة إلى ضعف أجرة الخبير المحاسب، مما يجبر الخبراء على الاستقالة من إعانة القضاء وانصرافهم إلى مجالات أخرى، بعد مدة دراسة جامعية تفوق 8 سنوات، وبالتالي يجب مراجعة القوانين والتشريعات في هذا الخصوص.