منذ سنوات لا أشاهد على القنوات المحلية إلا النشرات الجوية و في الأشهر الأخيرة تعودت على زيارة صديق عزيز خلال فترات بعد الظهر له جدة تشاهد القنوات المحلية و تصر على متابعة بعض البرامج و اكتشفت مضطرا مدى الانحدار الذي تعيشه التلفزات في بلادي حشو مخيف لملء الفراغ و برامج شعبوية و ميوعة و تهريج و صبيانيات و جهل مخيف لمعنى و أبعاد حرية التعبير و حرية التصرف لكن إذا تصرفت القنوات الخاصة على الهامش لا يجوز للقناة التي يمولها الشعب أن تسير بدون برنامج و تختار الفوضى كشعار و مما لاحظته في فترة بعد الظهر عرض الأفلام المصرية و يفرض الواجب اختيار ما يتماشى مع ذلك التوقيت إذ شاهدت شريطا غاية في العنف بكل أصنافه من صراخ شديد و معارك بالأيدي و أخرى بالسكاكين و البقية بالمسدسات و بالرشاشات و أمام دهشتي علمت أنه ليس الشريط الوحيد من هذا الصنف في ذلك التوقيت و هناك قوانين دولية حول العروض التلفزية تصنف الأفلام حسب صلوحية المشاهدة لمختلف الأعمار و في توقيت معين … و أتساءل لماذا هذه الفوضى؟؟؟ و على قناة خاصة شاهدت مشاهد من مسلسل تركي احتوى العنف الشديد و مشهد اغتصاب بالتفاصيل المملة من تمزيق الملابس و صراخ و شل حركات و محاولات التقبيل و هذه هي الفوضى ؟؟
قطعا البلاد تمر بفترات فوضى عارمة و لكن هناك حدود و لا تكمن حرية التعبير في حرية التصرف السلبي الذي يعود بالوبال على المجتمع و هذه عينة بسيطة من سوء استغلال مجال التلفزات.
التسيير التلفزي و الاعلامي له قواعد ثابتة من قانونية و أخلاقية و ذوقية و مع الأسف هناك مسؤولون فرضتهم الصدفة وحدها و هذه السلبيات مراحل الفوضى و لكن لا لزرع بذور الشر. و كما نلاحظ فإن التاريخ لا يرحم الاستهتار و الاستهزاء بالمسؤولية و ما على “المسير” المعين إلا أن يطالع كتب القانون و يستعين بالخبرات الحقيقية لأن المسؤولية مهما طالت فإن حبلها قصير و نتائجها أحيانا سلبية.