يظهر من خلال الاستعداد لتأثيث مدينة الثقافة بمسؤولين للإشراف على ادارة مختلف المصالح سواء العادية او الجدية ان التسميات التي تمت غلى حد الان هي توصيات من هنا و هناك جرت حسب انطباعات شخصية جد سطحي و قطعا فإن الوزير الحالي الذي اطلق على نفسه صفة (صباب ماء) نفذ م امر به … و هنا لابد من الاشارة إلى أن وزارة الثقافة فقدت الرسالة التي بعثت من أجلها في العشرين سنة الماضية و ازداد الوضع تعفنا في الست السنوات الماضية و هي إلى الآن تسير على الهامش و سط نشاط أهل الاستغلال و الابتزاز و الفساد و الكل تحت راية “الثقافة” و عسى أن يكون بين “المسؤولين الجدد” نزهاء و شرفاء و مجتهدين و أهل اخلاص عليهم أن يطلعوا على ملفات بعث الوزارة منذ سنة 1957 أي عندما تم انشاء كل المصالح و الادارات و إحداث القوانين و كان هم شباب الاستقلال بعث ثقافة حقيقية في البلاد و ظهرت و ازدهرت الجمعيات الثقافية من مسرحية و سينمائية و موسيقية و كل ألوان الأدب و اتجهت الدولة نحو بعث صناعة سينمائية فأنشأت الشركة التونسية للتنمية السينمائية و الانتاج و بعثت مخابر قمرت للتحميض و التركيب و الاستنتاج و نظمت حفلات في (أفراح الشعب) و تخصصت مطبعة الوزارة مثل خلية النحل الكل يعمل و يجتهد .
لكن .. مع نهاية الثمانيات بدأت المعاول في هدم ما بني منذ أواسط الخمسينيات و أصبحت الوزارة مثل صندوق التوزيع مال الدولة على الجمعيات و منظمات و أشخاص قيل أنهم يعملون في عالم الثقافة … و الطريف أن الكل يتمعش من الوزارة و ينتقد الوزارة و يطالب بمزيد الاعانات و الدعم … و الكل يعمل لصالحه الشخصي بأموال الدولة ..
و مدينة الثقافة لن تساهم في تنظيم الوسط إذا بقيت الأذهان تحت سلطة المنافع الشخصية و الظرفية و الوضع لا يسر و لكن يمكن للبشر أن يعود إلى الرشد و هناك فرق بين من اجتهد و صنع و بين من عاث فيها فسادا و اقتصر على تسلق السلم الاداري بتدخلات مشبوهة و التاريخ لا يرحم .