في خطاب ألقاه بقصر قرطاج الأحد 13 أوت 2017، بمناسبة العيد الوطني للمرأة، قال رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي إنه أصبح اليوم من المطلوب ومن الممكن تعديل قانون الأحوال الشخصيّة المتعلّق بالإرث بصورة مرحليّة متدرّجة حتّى بلوغ هدف المساواة التامّة بين الرجل والمرأة، وقد أثار خطاب الرئيس ردود فعل متباينة، على الساحة السياسية، وفي قراءة لـ ” الخبير ” شملت مختلف الآراء على اختلاف الأطياف السياسية، تمحورت حول ” المساواة في الإرث بين رافض ومؤيد “، هل يمر القانون؟.
سعيدة قراش: الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية
الباجي قائد السبسي ” مصلح “
مشروع المساواة الذي طرحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في الكلمة التي ألقاها بمناسبة عيد المرأة لا يتنافى مع الدين الذي يتسم بالعدل بين البشر”، ففي هذا المشروع ” نتحدث عن المعاملات التي تخضع لمواكبة تغيرات المجتمع وبالتالي لا يجب الخلط بين الجانب الديني التحرري الذي يواكب المجتمع وجانب العبادات “.
كما أن رئيس الجمهورية “مصلح” باعتباره سيؤسس لهيكلة علاقات المواطن التونسي لأجيال في إطار مساواة وهو ما نعبر عنه بالاستشراف المستقبلي على عكس ما يغوص فيه بعض المتطفلين على المشهد العام.
فقوة الديمقراطية ليست في الحريات العامة ولكن في الحريات الفردية و” أن مجتمعاتنا قوية في قمع الحريات الفردية ”.
الجيلاني الهمامي: النائب بالجبهة الشعبية
“مبادرة السبسي مناورة لاستعادة أوراق اللعبة السياسية”
رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أراد من خلال خطابه استعادة أوراق اللعبة السياسية التي يبدو أنه أحس بالتفريط في جزء منها بصعود نجم يوسف الشاهد في المدة الماضية من خلال ما يسمى ” الحرب على الفساد “، ويريد أن يرسّخ في ذهن الجميع انه رجل المحطات التاريخية الكبرى من مصاف بورقيبة وكبار الزعماء وما صرح به يندرج في “إرضاء أناه المتضخمة “.
كما أن الاعتراف للمرأة التونسية بالمساواة في الإرث وحق الزواج بغير المسلم وحق الولاية وما إلى ذلك من المبادئ العامة التي هي جزء من حرية المرأة العميقة ووجه من أوجه المساواة هي مواضيع خاض من أجلها المجتمع التونسي ونخبه التقدمية من زمان نضالات متنوعة .
و من الطبيعي أن يقع اليوم قطع هذه الخطوة التي أحجمت عن القيام بها مجلة الأحوال الشخصية ربما لعدم نضج شروطها ولتردد بورقيبة، ” إذن ليست هي بطولة من الباجي بقدر ما هي ثمرة مسار نضال طويل “، ومع ذلك لا يذهب في الاعتقاد إن قضية المساواة التامة والفعلية قد اكتملت في ظل سيادة العقلية الذكورية والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية التي تجعل من المرأة أولى الضحايا مثلها مثل الشباب وعموم الكادحين “.
احمد الرحموني: رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
مبادرة الرئيس أم “هدم ” نظام الميراث ؟!
” مبادرة ” رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة عيد المرأة، والمتعلقة بالمساواة في الميراث، تمثل عاملا إضافيا لتقسيم المواطنين في مسالة حساسة سبقتها محاولات(على عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ) للإخلال بنظام الميراث القانوني الذي يتبنى بالكامل نظام الإرث الإسلامي.
و تأتي مبادرة الباجي قائد السبسي من باب إسقاط قاعدة التفاوت بين نصيب الذكر والأنثى، من ذلك ” المساس من انسجام نظام الإرث الإسلامي وخصوصا إسقاط قاعدة التفاوت بين نصيب الذكر والأنثى (تطبيقا لقوله تعالى “يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) سيؤدي بالضرورة إلى “هدم ” التكامل في بناء ذلك النظام وفتح الباب لتعويض “المواريث الشرعية ” بغيرها من الأنظمة التي لا ترتبط بتاريخ البلاد أو أعرافها أو دينها أو ممارستها “، كما أني لم اسمع طول حياتي من يقول أن موضوع الإرث هو من أمور البشر التي تركها الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم لاجتهاد العباد…”
نور الدين العرباوي: رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة
مقترح المساواة لا يتعارض لا مع الدين الإسلامي ولا مقاصده ولا مع الدستور ومبادئه
حركة النهضة لا ترى أي إشكال في طرح مقترح المساواة في الإرث بين المرأة والرجل، طالما أن هذه المسألة ستطرح ضمن ثوابت الدستور وفي إطار الالتزام بنص الإسلام وروحه.
والحركة ستنتظر ما ستنتهي إليه أعمال اللجنة المكلفة بدراسة ” الموضوع ” كما أنّ رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي وضع المسألة في إطارها ضمن خطابه بمناسبة عيد المرأة وبالتالي العمل الذي ستقوم به اللجنة لا يتعارض لا مع الدين الإسلامي أو مع مقاصده ولا مع الدستور ومبادئه.
ديوان الافتاء التونسي
“هنيئا للمرأة التونسية في عيدها الوطني”
” إن الأستاذ الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية أستاذ بحق لكل التونسيين وغير التونسيين وهو الأب لنا جميعا بما أوتي من تجربة سياسية كبيرة وذكاء وبعد نظر . وفي كل مناسبة وطنية أو خطاب إلا ويشد الانتباه لأنه معروف عنه أنه يخاطب الشعب من القلب والعقل ولذلك يصل كلامه الى قلوبنا جميعا وعقولنا . وفي خطابه الأخير يوم أمس الأحد 13 أوت 2017 بمناسبة العيد الوطني للمرأة التونسية كان كالعادة رائعا في أسلوبه المتين وكانت مقترحاته التي أعلن عنها تدعيما لمكانة المرأة وضمانا وتفعيلا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات التي نادى بها ديننا الحنيف في قوله تعالى ” ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ” فضلا عن المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية والتي تعمل على إزالة الفوارق في الحقوق بين الجنسين . فكانت بلادنا رائدة في مجال التقدم والحداثة ومواكبة العصر، فالمرأة التونسية هي نموذج المرأة العصرية التي تعتز بمكانتها وبما حققته من إنجازات لفائدتها ولأسرتها ولمجتمعها من أجل حياة سعيدة ومستقرة ومزدهرة .
فهنيئا لامرأتنا في عيدها الوطني وهنيئا لها بالإنجازات المتتابعة التي حققتها وتحققها على الدوام . وعاشت المرأة التونسية مكرمة محترمة مرفوعة الرأس في بلادها وخارجها . وعاشت تونس جمهورية حرة مستقلة مدنية أبد الدهر . وشكرا جزيلا للسيد الرئيس الباجي قايد السبسي محفوظا بالعناية الإلهية الدائمة “.
نور الدين الطبوبي: أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل
لا يجب تحويل المساواة في الإرث ورقة إلهاء عن القضايا الجوهرية
مبادرة رئيس الدولة حول المساواة في الميراث تتعلق بمسألة حساسة يتطلب التفكير فيها الكثير من التروّي والتأني، وذلك “بعيدا عن تحويل المرأة إلى ورقة للمزايدات قد تشغلنا عن أولوياتنا الوطنية على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي”، كما أن “المعركة اليوم ضد الإرهاب، ولا يجب أن نجعل من مسألة المساواة في الميراث ورقة للإلهاء عن القضايا الجوهرية”.
الصحبي بن فرج: القيادي والنائب عن كتلة الحرة
“نحذّر من الانزلاق في معركة بين أبطال الحداثة وأعداء الحرية”
نساند ” مبادرة ” رئيس الجمهورية مساندة مطلقة لمسألتي المساواة في الميراث وإلغاء الفصل 73، وذلك من منطلق مدني إنساني مسنود بقراءة دينية لا تتعارض مع الدين الإسلامي.
وفي المقابل نحذّر من الانزلاق في معركة قديمة/متجددة بمجرد الضغط المبرمج على زرّ معركة الحداثة مقابل الرجعية، مع ما سيتبعها حتما من معارك سياسية هوياتية بين أبطال الحداثة وأعداء الحرية.
وتبقى الأولوية المطلقة للحرب على الفساد بأنواعه (المالي والسياسي) والتنمية وإنقاذ الاقتصاد من الإفلاس، وإلا فإننا سنورّثُ أبناءنا والأجيال المقبلة المساواة التامة في الديون والفقر والخراب.
حنان العبيدي