على الرغم من التقدم المسجل على مستوى الحصول على خدمة الرعاية الصحية في تونس، لا يزال معدّل انتشار مرض السكري في تزايد مستمر أساسا من قبل المرأة خاصة أثناء الحمل.
واعتبارا لدورها الريادي في علاج مرض السكري عملت مخابر نوفو نورديسك Novo Nordisk على رفع مستوى الوعي بمخاطر السكري وفي هذا الإطار نظّمت لقاء صحافيّا حول التوعوية والوقاية بحضور مختصين في المجال الصحي من أجل التوقّي من المخاطر التي يمكن أن تتعرّض لها مرضى السكري من النساء خلال فترة الحمل.
ويعدّ السكري من الأمراض التي يصعب السيطرة عليها حيث يتوجب على مريضة السكري ملائمة علاجها لكميات الكربوهيدرات وخلال فترة الحمل تتزايد المخاطر في اختلال توازن النظام الغذائي لتكون مريضة السكري معرض لمضاعفات حادة والتي ترافق مريضة السكري حتى بعد الإنجاب كما تعدّ تلك المرحلة جدّ حسّاسة على الجنين ونظرا لأهمية هذا الموضوع استجلينا آراء المحاضرين حول الجدوى من توعية المرأة الحامل من مخاطر مرض السكري وكيفية الوقاية منه وجاءت إجاباتهم على النحو التالي:
الدكتورة انصاف الحاج علي غنيم (اختصاصية في أمرض الغدد الصمّاء والسكري والسمنة)
عند المصابين بـ “مقدمات السكري” -التي قد تتفاقم وتتحول إلى السكري من النوع الثاني- والسكري من النوع الثاني، تقاوم الخلايا تأثير عمل الإنسولين بينما يفشل البنكرياس في إنتاج كمية كافية من الإنسولين للتغلب على هذه المقاومة. في هذه الحالات، يتجمع السكر ويتراكم في الدورة الدموية بدل أن يتوزع على الخلايا ويصل إليها في مختلف أعضاء الجسم. والسبب المباشر لحدوث هذه الحالات لا يزال غير معروف، لكن يبدو أن الدهنيات الزائدة خاصة في البطن وقلة النشاط البدني هي عوامل مهمة في حدوث ذلك. ولا يزال الباحثون يبحثون عن إجابة حقيقية ودقيقة على السؤال التالي: لماذا تصيب حالتا “مقدمات السكري” و السكري من النوع 2 أشخاصا محددين خاصة النساء الحوامل، بعينهن دون غيرهن. ومع ذلك، هنالك عدة عوامل من الواضح أنها تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، من بينها عمر أكبر أو يساوي 35 سنة، وزن زائد أكبر أو يساوي 30كغ، قريب عائلة من الدّرجة الأولى مريض بمرض السكري، فرط/ارتفاع ضغط الدّم والمعرّف بواسطة قيم ضغط دم أعلى من 90\140، عندما تظهر هذه العوامل، فرط ضغط الدم، فرط سكر الدم ودهنيات في الدم أعلى من المستوى الطبيعي، سوية مع السمنة (الوزن الزائد) تنشأ علاقة بينها، معا، وبين مقاومة الإنسولين.
خلال فترة الحمل، تنتج المشيمة هرمونات تساعد الحمل وتدعمه. هذه الهرمونات تجعل الخلايا أشدّ مقاومة للإنسولين. وفي الثلثين الثاني والثالث من الحمل، تكبر المشيمة وتنتج كميات كبيرة من هذه الهرمونات التي تعسّر عمل الإنسولين وتجعله أكثر صعوبة.
في الحالات العادية الطبيعية، يُصدر البنكرياس ردة فعل على ذلك تتمثل في إنتاج كمية إضافية من الإنسولين للتغلب على تلك المقاومة. لكن البنكرياس يعجز، أحيانا، عن مواكبة الوتيرة، مما يؤدي إلى وصول كمية قليلة جدا من السكر (الجلوكوز) إلى الخلايا، بينما تتجمع وتتراكم كمية كبيرة منه في الدورة الدموية. وهكذا يتكوّن السكر الحملي (السكري أثناء فترة الحمل).
قد تتعرض أية سيدة حامل للإصابة بمرض السكري الحملي، لكن ثمة نساء هن أكثر عرضة من غيرهن. أما عوامل خطر الاصابة بمرض السكري فتشمل كما ذكرت المرأة التي تجاوزت 35 سنة والتاريخ العائلي إضافة الى الوزن الزائد.
غالبية النساء اللواتي تصبن بمرض السكري الحملي تلدن أطفالا أصحاء. ومع ذلك، فإذا كان السكري في دم المرأة الحامل غير متوازن ولم تتم مراقبته ومعالجته كما ينبغي، فإنه قد يسبب أضرارا لدى الأم والمولود، على السواء.
مضاعفات قد تحصل لدى المولود بسبب السكري الحملي:
هنالك العديد من فحوصات الدم، التي يمكن بواسطتها تشخيص اعراض السكري النمط الأول أو اعراض السكري النمط الثاني، من بينها:
– فحص عشوائي لمستوى السكري في الدم.
– فحص مستوى السكري في الدم أثناء الصيام.
إذا تم تشخيص إصابة شخص ما بأعراض مرض السكر، طبقا لنتائج الفحوص، فمن المحتمل أن يقرر الطبيب إجراء فحوصات إضافية من أجل تحديد نوع مرض السكري (السكري النوع الأول أم السكري النوع الثاني)، وذلك بهدف اختيار علاج السكري المناسب والناجع، علما بأن طرق العلاج تختلف من نوع السكري إلى آخر. كما يمكن أن يوصي الطبيب، أيضا، بإجراء اختبار “الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي” أما عن فحوصات كشف مرض السكري الحملي إنّ اختبارات الكشف عن مرض السكري الحملي هي جزء لا يتجزأ من الفحوصات العادية، الروتينية، في فترة الحمل. وينصح معظم المهنيين في المجال الطبي بالخضوع لفحص دم لمرض السكري يدعى “اختبار تحدّي الجلوكوز” والذي يجرى اثناء الحمل بين الأسبوع الرابع والعشرين والاسبوع الثامن والعشرين من الحمل.
وبالتالي، بهدف المحافظة على صحة الجنين ومنع حصول مضاعفات خلال الولادة، يجب موازنة مستوى السكر في الدم. فبالإضافة إلى الحرص على التغذية الصحية وممارسة الرياضة، من الممكن أن يشمل علاج السكري، أيضا، متابعة مستوى السكر في الدم، بل واستعمال الإنسولين في بعض الحالات.
يتولى الطاقم الطبي المعالج متابعة مستوى السكر في الدم، بما في ذلك أثناء عملية الولادة. لأنه إذا ما ارتفع مستوى السكر في دم المرأة الحامل، فقد يُفرز جسم الجنين هُرمون الإنسولين بتركيز عالٍ، مما سيؤدي إلى هبوط مستوى السكر في الدم بعد الولادة، مباشرة.
الدكتور عاطف يوسف (أخصائي في التوليد وطب الرضيع بمستشفى وسيلة بورقيبة)
يشمل مصطلح مرض السكري عددا من الاضطرابات في عملية هدم وبناء الكربوهيدرات، القاسم المشترك بينها هو ارتفاع مستوى (تركيز) السكر في الدم.
الكربوهيدرات التي يحصل عليها الجسم من أكل الخبز، البطاطا، الأرز، الكعك وغيرها من أغذية عديدة أخرى. تتفكك وتتحلل بشكل تدريجي. تبدأ عملية التفكك والتحلل هذه في المعدة، ثم تستمر في الإثني عشر وفي الأمعاء الدقيقة. تنتج عن عملية التفكك والتحلل هذه مجموعة من السكريات يتم امتصاصها في الدورة الدموية.
أصحاب الوزن السليم الذين يُكثرون من النشاط البدني يحتاجون إلى كمية قليلة من الأنسولين لموازنة عمل الجلوكوز الواصل إلى الدم. وكلما كان الشخص أكثر سُمنة وأقلّ لياقة بدنية أصبح بحاجة إلى كمية أكبر من الأنسولين لمعالجة كمية مماثلة من الجلوكوز في الدم. هذه الحالة تدعى”مقاومة الأنسولين“.
وبالتالي فإنّ الهدف من هذه الحملة التي قمنا بها هو تحسيس النساء الحوامل بخطر مرض السكري عند الحمل وأنّ هذا المرض يمكن استدراك مخاطره منذ البداية والعناية به مبكّرا.
إذا وقع الاهتمام بمرض السكري عند الحمل بطريقة ناجعة وعدم تجاهله يمكّننا ذلك من التقليص من المضاعفات التي يمكن أن تنجر عنها للمرأة الحامل وعند الجنين بعد الولادة.
هناك نسبة كبيرة من النساء الحوامل اللاتي تعانين من مرض السكري يمكن أن ينجر عن ذلك تطوّر الحالة إلى أن يكن حاملات للصنف 2 من مرض السكري، لذا لابد من تحسيس النساء الحوامل لمراقبة نسبة السكر أثناء الحمل بطريقة متسلسلة أي المراقبة ممّا يجنّبها المضاعفات الخطيرة التي تحدق لها وللجنين فيما بعد.
علما أنّ هناك إشكال في التغطية الطبية في تونس من خلال قلة التجهيزات والتقنيات الطبية، لكنّ الاشتغال هنا لا يقتصر على الأطباء فقط بل هناك أيضا القوابل وهن يقمن بمجهودات جبّارة من أجل الحفاظ على الأم الحامل وجنينها وذلك من خلال مراقبة الحمل كما يوجد الأطباء المختصين في الطب العام يمكن الاعتماد عليهم في هذه الحالة وهم في أنحاء الجمهورية.
لابدّ للمرأة الحامل أن تقوم بالتحاليل لمراقبة نسبة السكر في الدم ممّا يمكّنها من المضاعفات التي لا تحمد عقباها فالمشكل الرئيسي يكمن في عدم تتبّع نسبة السكر وعدم معالجته.
هاجر عزّوني