تفاجأ مشاهدو قناة التاسعة التي حازت على النصيب الكبير من نسبة المشاهدة، باشهار للوكالة التونسية “ماد إسبوار” التي تعتبر نفسها وكالة مهنية تقدّم خبراتها في مجال التخطيط للتدخلات في ميدان الطب والتجميل والجراحة.
وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي ضجة كبيرة خاصة من طرف الأطباء والهياكل النقابية التابعة للسلك الطبي، إذ من المعروف أنّ الاشهار في القطاع الطبّي يُعدّ ممنوعا.
وفي اتصال لنا بالدكتور لطفي المرايحي أكّد أنّ هذه الومضة الإشهارية التي تبثها قناة التاسعة هي ترويجا لشركة تتولى الوساطة بين المرضى والأطباء مما يعدّ مخالفة تامة لأحكام الأمر عدد 1155 الصادر بتاريخ 17 ماي 1993 والمعروف بمجلة واجبات الطبيب على حدّ تعبيره مشيرا إلى أنّ الفصل 16 ينصّ على عدم ممارسة مهنة الطب كتجارة ويحجّر على الأطبّاء استعمال وسائل الدعاية والإشهار المباشرة وغير المباشرة وبيّن أنّ الفصل 17 أيضا يحجّر كل سمسرة لأي شخص كان.
أضاف المرايحي أنه قد يستساغ هذا الإعلان إن تعلق الأمر بالسياحة الطبية ويكون موجها للأجانب باعتبار أنّ الشركة المعنية قد تتولى نقل وإقامة الحرفاء ولا تتدخل كوسيط بينهم وبين الأطباء مستنكرا التوجّه الذي تعتمده هذه الشركة معتبرا إياه سمسرة ومناولة إّذ يصبح الطبيب حينئذ عميلا لديها يأتمر بأوامرها على حد تعبيره.
وقال المرايحي أنه من المؤسف تخلّي عمادة الأطباء ووزارة الصحة عن دورهما في حماية مهنة محورية كالطب والسهر على احترام قواعد ممارستها مما يضمن حقوق المواطنين وسلامتهم مؤكّدا أنه من الواجب التنديد بهذه الممارسات التي تجاهر بالتعدي على القوانين وتحوّل المريض إلى سلعة تعرض في المزاد العلني.
كما أفاد المرايحي أنه يتوجّه إلى قناة التاسعة طالبا منها التوقف عن بث هذه الومضة الإشهارية وإلى عمادة الأطباء حتى تتطلع بدورها وتسهر على الحفاظ على المهنة من المنزلقات التجارية التي يروج لها تحت تعلّة الحداثة حسب قوله.
ومن جهته عبّر الدكتور الأسعد القرقوري والمختص في جراحة التجميل والجمعية التونسية لجراحة التجميل عن اللاستياء الكبير جرّاء هذه الومضة الاشهارية معتبرا إيّاها تعدّيا على حرمة المهنة وشرفها وأخلاقيّاتها من جهة ومن جهة أخرى خرقا لقانون الطب وجراحة التجميل.
وأضاف القرقوري أنّ المتاجرة بأرواح المواطنين هي جريمة نكراء لابدّ من التصدّي لها إذ لا يجوز الاشهار بعملية جراحية.
كما أكّد القرقوري أنّ الشركة هي وكالة وسيطة بين المرضى والأطباء حيث يقع التفاوض مع المريض في عملية الدفع ثم يقع فرض طبيب ما لإجراء الجراحة علما وأنّ ما ينصّ عليه القانون أنّ للمريض الحرية الكاملة في اختيار طبيبه.
وبيّن القرقوري أنّ التعدّي الآخر على أخلاقيات مهنة الطب وجراحة التجميل من قبل هذه الوكالة يتمثّل في ترتيب أطباء أكفاء حسب اختيارها واعتبار الأطباء ممثلين بشريط سينمائي من خلال طريقة الكاستينغ التي تتوخّاها الوكالة في اختيار الأطباء وهذا تعدّ واضح لما ينص عليه القانون في هذا القطاع.
وقال القرقوري أنه وقع التصدّي لهذه الظاهرة من خلال إيقاف بث الومضة الاشهارية أمس من قناة التاسعة وذلك بالتعاون مع عمادة الأطباء ووزارة الصحة والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري.
هاجر عزّوني