في إطار برنامج «تطوير قدرات القيادات المحلية» الذي أنجزه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، بدعم من مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية، والذي يهدف إلى تدعيم مبدأ اللامركزية وتحفيز الاستثمار في المناطق الداخلية وتشريك مكونات المجتمع المدني والإعلام والإدارة في تنشيط الدورة الاقتصادية بالجهات من خلال تطوير قدرات قيادات المجتمع المدني وصحفيين ومسؤولين محليين في مجالات الحوكمة والديمقراطية والاقتصاد، نظّم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات ندوة قدّم فيها المشاركون في هذا البرنامج جملةٌ من المشاريع التنموية التي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي وتطوير مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار بجهاتهم (بنزرت والقيروان وسيدي بوزيد ومدنين المهدية) وتمّ ذلك بحضور ثلّةٍ من رجال الأعمال والمستثمرين بالإضافة إلى ممثلين عن أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع وما يتضمّنه هذا البرنامج من ثراء معلوماتي حول كيفية النهوض بالاقتصاد وتحفيز الاستثمار بالجهات الداخلية أردنا استجلاء آراء المسؤولين عن آفاق هذا البرنامج وسبل تحقيقها وقد أفادونا بما يلي:
حمدي الخليفي (مسؤول عن برنامج «تطوير قدرات القيادات المحلية»)
هذا البرنامج هو من انجاز المعهد العربي لرؤساء المؤسسات وبدعم من مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية، وهو يتمثّل في تحديد القيادات المحلية داخل الجهات من المجتمع المدني أو الإعلام أو الإدارة العمومية بجهة القيروان ومدنين وسيدي بوزيد والمهدية وبنزرت.
ونحن نقوم بدورات تكوينية لهذه القيادات في مجالات الحوكمة اللاّمركزية والاقتصاد وعلاقة الاقتصاد بالديمقراطية والقوانين وتركيبة مجلس النواب بتونس…
وﺴﻌﻴﺎ إلى ﺘﺠﺎوز اﻹﺸﻜﺎليات التنموية القائمة واﻹﺨﻼﻻت الهيكلية المطروحة وﺘﺠﺴﻴم الطموحات والمطالب المشروعة التي ﺠﺎءت ﻤن أﺠﻠﻬﺎ الثورة والتي ﻤن أﻫﻤﻬﺎ التشغيل وﺘﻨﻤﻴﺔ المناطق الداخلية وﺘﺤﺴﻴن ظروف العيش والعدالة اﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻀﻤﺎﻨﺎ لمكاسب الثورة ﻓﻲ ﺤد ذاﺘﻬﺎ اﺴﺘوﺠب العمل ﺼﻴﺎﻏﺔ وﺜﻴﻘﺔ للتوجهات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻴﺔ واﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ الملائمة لتجسيم ﻫذﻩ الأولويات والصعود إلى درﺠﺎت أرﻓﻊ ﻓﻲ ﺴﻠم التنمية ﻓﻲ الفترة المقبلة.
وتهدف هذه التوجهات المرسومة الى استعادة نسق النشاط الاقتصادي تدريجيا وتحفيف التعافي شيئا فشيئا لآلة الانتاج ثم تسريع نسق النمو في السنوات المقبلة لبلوغ أعلى المستويات بما يمكن من معالجة الأوضاع الراهنة بصفة جذرية وفي مقدمتها البطالة وإحداث نُقلة نوعية في مستوى العيش والرقي بالوضع الاجتماعي الى مراتب متقدمة.
إثر هذه الدورات التكوينية ونظرا أنّ المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يشتغل على المناصرة ودعم الخبرات فإنّ هؤلاء المشاركون فإنهم يطبّقون ما تعلّموه بالدورات التكوينية بجهاتهم مسلّحين بالوسائل والتقنيات التي استقوها في فترة تكوينهم.
هذا ويقوم هؤلاء المشاركين في تحديد أهم المشاكل التي تعاني منها جهاتهم والتي تساهم في تعطيل النمو الاقتصادي بجهاتهم وبالتالي فهم يحاولون صياغة ورقات سياسية تتضمّن هذه المشاكل والحلول اللاّزمة والكفيلة لمعالجتها.
هذه الورقات السياسية يتم تقديمها بجهاتهم بحضور مكونات المجتمع المدني وأعضاء مجلس النواب الممثلين لجهتهم وكذلك بحضور والي الجهة حيث يتم عرض هذه المشاريع واستخلاص الحلول الكفيلة للنهوض بالاقتصاد بالجهة والتحفيز على الاستثمار.
مجدي حسن (المدير التنفيذي للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات)
وﺘﺘﻤﺤور ﻫذﻩ التوجهات أﺴﺎﺴﺎ ﺤول ﺘرﻜﻴز ﻤﻘوﻤﺎت الحكم الرشيد وﺘﻜرﻴس اللاّمركزية والمشاركة الشعبية وشمولية التنمية وﺘﻌﺼﻴر ﻫﻴﻜﻠﺔ الاقتصاد والترفيع ﻓﻲ اﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ وﺘﺄﺴﻴس ﻤﻨظوﻤﺔ للابتكار والتجديد ﻓﻀﻼ ﻋن ﺘﻌﻤﻴق ﻤﺴﺎر الاندماج ﻓﻲ الاقتصاد العالمي وﺘﺜﻤﻴن الكفاءات في الداخل والخارج بالإضافة إلى ﺘﻜوﻴن ﺸراﻜﺔ داﺌﻤﺔ ﺒﻴن القطاعين العام والخاص وإعادة ﺘﺄﻫﻴل القطاع العام والمحافظة ﻋﻠﻰ البيئة وﻀﻤﺎن ﺤﻘوق الأجيال القادمة.
إن ﺨﻴﺎر ﺘوﻨس لتأسيس دولة دﻴﻤﻘراطﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎد ﻤزدﻫر وﺘﻨﺎﻓﺴﻲ وﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺘﻤﺎﺴك وﻤﻨﻔﺘﺢ ﻴﻠﺘﻘﻲ ﻤﻊ طﻤوﺤﻬﺎ الاستراتيجي للقطع مع النموذج القديم للتنمية ورﻓﻊ ﻤﺴﺘوى اﻨدﻤﺎﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺤﻴطﻬﺎ الإقليمي والدولي إلى ﻤراﺘب ﻤﺘﻤﻴزة. ﻤن ﻫذا المنطلق ﺴﺘﺘﻜﺎﺘف الجهود ﻓﻲ السنوات القادمة ودون ﻫوادة لإرساء ﻜﺎﻓﺔ الظروف الملائمة ﻹﻨﺠﺎح التحوّل الديمقراطي والشروع ﻓﻲ ﺘرﻜﻴز ﻨﻤوذج ﺘﻨﻤوي ﺠدﻴد ﻴﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﻤﻴق المسار الإصلاحي وﻓﻘﺎ ﻷﻓﻀل الممارسات والمقاييس الدولية والحرص ﻋﻠﻰ وﻀﻊ إطﺎر ﺠدﻴد ﻴﻀﺒط الأخلاقيات وﻴﺤدد المسؤوليات المشتركة والحقوق الجماعية لكل الأطراف الفاعلة والقوى الحية في البلاد.
وعلى هذا الأساس لابدّ من تفعيل دور المجتمع المدني لا بوجود من خلال العدد بل من خلال الفاعلية بتركيز طرق العمل التي يمكن أن تكون بالتعاون مع المؤسسات التي كوّنتها الجمهورية الثانية عن طريق حشد المناصرة التي تعدّ تعبيرا عن رأي المجتمع المدني والقطاع الخاص وكذلك عن طريق نقاط جدّ حسّاسة ومحلية ومن خلال خلق ديناميكية حيث يقع تحسين مناخ الأعمال تدريجيا على النطاق الجهوي ثم الوطني حيث ستُوجد العديد من المبادرات بالعديد من المناطق فستُصبح مشروع قوانين وطنية وهو ما يدعو إلى وجود هذه الديناميكية لأننا إلى اليوم لازلنا نتّبع الطريقة القديمة المتكررة والتي لا تفي بالحاجة إلى وجود إصلاحات وطنية جديّة لذا فهذا يستوجب تكريس خيار استراتيجي وديناميكية جديدة تستهدف الجهات وأهم مشاكلها.
جعفر ختّاش (عضو المجلس التنفيذي للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات)
لقد وقع اختيار مجموعة من المشاركين من بعض المناطق الداخلية من الشمال الى الجنوب لهذا البرنامج وذلك لتمكينهم من التعريف بالمشاريع الجديدة والبيداغوجيا المنتهجة التي استطاعوا تطبيقها بمناطقهم وذاك للقدرة على المساهمة بصفة بناءة وفعالة ضمن هذه المشاريع حيث سيقع تغيير القوانين حيث ستكون هناك مسؤوليات وانتخابات جهوية والنهوض بذواتهم في مناطقهم.
وكما وقع ضمن العرض الذي قدمه ممثل كل جهة من تقييم للأوراق السياسية وبسط اهم المشاكل والحلول اللاّزمة لتخطّي هذه المشاكل.
لقد وقع تغذية المشاركين فكريّا في الدورات التكوينية التي قاموا بها بإشراف المعهد الوطني لرؤساء المؤسسات وقد تمكّنوا من خلال ذلك من إعطاء الإضافة لأنّ مدة التكوين دامت ثمانية أسابيع وقد كان المشاركون متطوعون وقد واصلوا المدة التكوينية دون انقطاع.
نحن نعتمد على هذه الفئة التي قمنا بتكوينها كي يكونوا نقطة الاتصال بمناطقهم وتعليم من يهتم بأهم ما اكتسبوه من هذه الدورات التدريبية وقد تضمّنت هذه الفئة من المشاركين مستويات محترمة كرئيس بلدية أو مربّي أو أستاذ متقاعد الذين سيسعون في تكريس مبدأ الديناميكية المحلية بمناطقهم الداخلية.
ﻴﺴﺘﻨد ﻨﻤوذج النمو المستهدف إلى ﺘطوﻴر السياسات القطاعية ﻓﻲ اﺘﺠﺎﻩ الترفيع ﻓﻲ ﺤﺼﺔ القطاعات الواعدة وذات القيمة المضافة العالية والقائمة ﻋﻠﻰ التجديد والابتكار ﺒﻤﺎ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺘﻜﺜﻴف اﺤداﺜﺎت الشغل وﻤزﻴد النهوض بالتصدير كما سبق أن ذكر بعض المشاركين عبر العرض.
وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﺴﻴﺘﺠﻪ العمل ﻨﺤو إﺤداث المزيد ﻤن الأقطاب التكنولوجية لاستقطاب الاستثمارات ﻓﻲ ﻗطﺎﻋﺎت ذات المحتوى التكنولوجي الرفيع ﻋﻠﻰ ﻏرار الصناعات الغذائية والبيوتكنولوجي وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات والصناعات الإلكترونية والنسيج والبيئة والصحة والطاقة المجددة وحتى في مجال السياحة كرياضة الإبل مثلا بمدنين.
ﻜﻤﺎ ﺴﺘﺘﻜاﺜف الجهود ﻤن أﺠل إﻨﺠﺎح ﺒراﻤﺞ التأهيل والتحديث الصناعي ﻋﺒر ﺘﺸﺠﻴﻊ الاستثمارات المجددة والتطوير التكنولوجي ودﻋم أﻨظﻤﺔ الجودة وﺘﻌﺼﻴر البنية الأساسية وذلك ﺒﻬدف ﺘﻌﻤﻴم الأقطاب التنموية والمراكز الصناعية والتكنولوجية ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺘﻠف الجهات.
وبالتوازي، ﺴﻴﺘواﺼل العمل ﻤن أﺠل ﺘﻌﺼﻴر القطاعات التقليدية باستغلال الطاقات الكامنة بالجهات الداخلية وﺘﺜﻤﻴن ﻤﻴزاﺘﻬﺎ التفاضلية وكذلك ﺘﺸﺨﻴص ﻓرص ﺘطوﻴر ﺠدﻴدة ﻓﻲ ﻗطﺎﻋﺎت الفلاحة والسياحة والصناعات التقليدية والتجارة.
كما ﺘﻌﺘﺒر ﺠودة البنية اﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻋﻨﺼرا أﺴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ دﻓﻊ التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا ﺤﻴث ﻴﺴﺎﻫم اﻻﺴﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ ﻫذا المجال ﻓﻲ اﻻرﺘﻘﺎء بالنمو اﻻﻗﺘﺼﺎدي وﺘوﻓﻴر ﻤواطن الشغل والترفيع ﻓﻲ الدخل وبالتالي ﺘﺤﺴﻴن ﻨوﻋﻴﺔ الحياة وﺘﺤﻘﻴق التنمية المستديمة الشاملة.