استضاف برنامج « l’expert « الذي يبث على قناة « تونسنا « السيد نبيل عبد اللطيف الرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين و العضو بالهيئة للحديث الوضع الاقتصادي في ظل الاحتجاجات الأخيرة المطالبة بالتشغيل و و فيما يلي نص الحديث:
توقّع المتعاملون في الشأن السياسي و الاقتصادي انفجارا اجتماعيا و الجميع كان مقتنعا بذلك و لم يستغربه أحد « فالقنبلة الموقوتة» التي انفجرت كانت متوزعة على العديد من الملفات و التمظهرات التابعة للاحتجاجات كانت أكثر من ذلك فبعض الناس في وقت ما كانوا يظنون أن الدولة ستفلس و أنها لم تعد قادرة على دفع أجور العاملين.
و من المنتظر اليوم انفجار الحزب الحاكم الذي نجح في الانتخابات و المستغرب هنا عدم الوقاية و الاعداد لمثل هذه الحالات و أهم عنصر هنا هو الباب السابع من الدستور و الذي يتحدث عن اللامركزية و الذي تمّ تمطيط تنفيذه بدرجة غير عادية، فاليوم نحن في نظام برلماني و أقوى سلطة في الدولة هي البرلمان الذي يضع القوانين و قد قمت مؤخرا بدراسة لعملية حسابية بيّنت أن كل قانون جديد كلّف الدولة نصف مليار.
و هنا أردت أن أربط الاحتقان و الاحتجاج الذي صار في الجهات ببعض الأشخاص الذين يريدون استغلال هذه الوضعية لأجندات أخرى و لكن كحكومة لماذا توصل نفسها الى هذه الوضعية في الوقت الذي تمّ تنبيهها أن منوال التنمية قام بإطاحة نظام دام مدّة23 سنة و قد أعطى في الأول فترة تقدم هذا المنوال ثم أخذ يتراجع الى أن توقف تماما في ديسمبر 2010 في النظام الاقتصادي و الاجتماعي و قد تمّ الاجتهاد لمدّة خمس سنوات فكل حكومة تأتي لا تعرف متى ستنهي عهدتها التي ستدوم عاما أو أقل من ذلك.
و نحن كهيئة خبراء محاسبين، كانت مشاركتنا في القرارات مشكلا كبيرا فقد كنا أحيانا مشاركين فاعلين ففي المجلة الجزائية قمنا بالعمل بست فرق و أعطينا كل ما يمكننا لأننا نعلم أنه حاجة مستقبلية و العكس في مجالات أخرى فلم تتم مشاركتنا بل يتم القول انه تمّت استشارتنا و في الحقيقة لم يتم ذلك و نحن كهيئة قمنا بإصدار توضيح يبين حضورنا و عدم موافقتنا عن الموجود و هنا قدمنا اقتراحا يدعو الى سن قانون اقتصادي فالناس يعتبرون أن قانون المالية هو نفسه القانون الاقتصادي و هو ليس صحيح فقانون المالية هو التوازنات و بعض السياسات الجبائية و لحد اليوم هناك فراغ رهيب للقانون الاقتصادي.
ان اعداد القوانين و مناقشتها و تنفيذها كقانون الاستثمار مثلا يستغرق على الأقل خمس سنوات خاصة في المادة الاقتصادية و نحن نؤكد على أن القوانين الاقتصادية لا يجب تغييرها كثيرا لذلك وجب التأني في سنّ قانون كبير و هام. و هنا قمنا بوضع حل و قلنا أننا بحاجة لقانون اقتصادي فاذا أخذنا الوثيقة التي قام السيد ياسين بن ابراهيم بإعدادها و هي وثيقة توجيهية لمدّة خمس سنوات نتساءل هل علينا وضع مخطّط لخمس سنوات فقط؟ و كيف يمكننا الحديث عن سنة 2016 و نحن في جويلية 2015 و لليوم نحن نقوم باجتماعات في الجهات للحديث عن الوثيقة التوجيهية لسنة 2016 و نحن في هذه السنة. ومن هنا كان مقترحنا واضحا بأن يكون المخطط لثلاث سنوات فقط و هي 2017 و 2018 و 2019 لان سنة 2020 يوجد بها انتخابات و هي لا تعنينا.
و المشكل الآخر هو أنه لم يعد هناك وزارات للتخطيط و انّما هيئات مستقلّة تتحدّث عن التخطيط و عندما نتحدّث عن سنوات 2017 و 2018 و 2019 فأننا نعطي فرصة كبيرة لوكالة التمويل و الدين العمومي بالقيام بتحضير تمويل للمخطط لمدّة ثلاث سنوات و يبقى لنا العمل جيّدا على قانون المالية لسنة 2016 و الذي نتوجّه في اعداده على الانتعاش الاقتصادي. و جميع المتداخلين في الشأن الاقتصادي يعرفون ذلك و يوجد مائة نقطة قدمناها في مؤتمر للتعريف بها و أكدنا أن هناك نقاط تعطّل الاستثمار و هناك نقاط لو تمّ العمل بهم سيسهّل الاستثمار الوطني.
و بالنسبة لمسألة التحكيم فهي من بين الآليات المطلوبة و المندوبة في العالم أسره في التعاملات المالية و خاصة التعاملات التي تكون لديها مبالغ هامة أو تبادل بين عدة دول و في تونس يوجد مجلة تحكيم و لكن اللجوء الى التحكيم ضعيف جدا، و هنا أثمّن مشروع مجلة التشجيع على الاستثمار و التي تشجّع على التحكيم. و اليوم نحن لا نتحدث عن التحكيم فقط و انما يوجد كذلك المصالحة و الوساطة و هما موجودان أصلا قبل التحكيم .
و حسب تقييمي الشخصي، اعتبر أنه في الخمس السنوات الماضية كان هناك فشل في السياسات الاقتصادية و هذا ليس معناه أن الأشخاص الذين عملوا في هذه الفترة فاشلون و لم ينجحوا بل ان رؤية الاقتصاد كانت مهمّشة فالصوت السياسي كان طاغيا عن الصوت الاقتصادي .
و اليوم، انا أطالب رباعي الحوار أولا بمجلس اقتصادي اجتماعي و ثانيا وجوبية أن يكون الحوار الوطني الاقتصادي في سنة 2016 لأنه لدينا خمسة معضلات اذا لم يتم الاتفاق عليها فلا يمكننا حل مشاكل الاقتصاد و هي مؤسسات السلط العمومية و الخوصصة و العلاقات مع الدول و مشكل الطاقات البديلة و الضبابية الموجودة حول موضوع البترول.
و هذه هي المشاكل التي خلقت أزمة ثقة بين المواطن و الحكومة و لا تسمح لنا بالتقدّم.
نجوى السايح