أعلن المستشار لدى الحكومة السيد سليم بسباس في الندوة التي نظمها الأسبوع الفارط المجلس الجهوي لهيئة الخبراء المحاسبين بتونس و بن عروس و تم خلالها تقديم حصيلة أعمال التصرف في الأملاك المصادرة لسنة 2012 أن عددا من الشركات سيتم التفويت فيها
و أشار إلى أسباب عدم مصادرة المدرسة الدولية بقرطاج المتمثلة أساسا في مسائل عقارية و اتفاقيات التعاون بين وزارة التربية التونسية و نظيرتها الفرنسية .
في ذات السياق تحدث رئيس المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية نبيل عبد اللطيف عن الإشكاليات التي واجهت الهيئة خلال القيام بعملها مؤكدا على أن هذه الندوة تتنزل في إطار تقييم التجربة و تمثل بداية حوار حول التراكمات التي بدأت تتكون منذ بداية عمل لجنة المصادرة .
تعرض الخبراء المحاسبين إلى الاعتداءات
و أشار إلى أن عديد الخبراء المحاسبين الذين تعرضوا إلى عديد الصعوبات أثناء قيامهم بعملهم كان لديهم عزوف تام عن عمل الخبير العدلي .
و تجدر الإشارة إلى تفاقم حالات التعدي على المهنيين الذين يعملون في ظروف صعبة و حرجة و التشهير بهم , كما يتعرض العديد من الخبراء العدليين و المتصرفين القضائيين و المؤتمنين العدليين إلى هجمات و اعتداءات بدنية و لفظية و مظالم عديدة .
و بين السيد نبيل عبد اللطيف أن عديد الخبراء العدليين الذين قدموا الكثير من الخبرة التي لديهم قد تلقوا تهديدات أثناء قيامهم بواجبهم .
أما في ما يتعلق بعمليات التفويت في الأملاك المصادرة أكد السيد نبيل عبد اللطيف أن المردود المالي لها كان دون المأمول , و أضاف “كان بالإمكان التريث قليلا قبل عملية البيع و إرجاء عمليات التفويت في ظل تراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأخرى ” .
ضرورة ضبط رزنامة التصرف المالي في الشركات
ودعا إلى ضرورة ضبط رزنامة معالجة وضعية الشركات تتضمن أسماء الشركات المصادرة التي يشرف عليها متصرفون ماليون تابعون للهيئة تحدد تاريخ انتهاء فترة التصرف المالي فيها ومآل هذه الشركات و إلى إعادة تنظيم و هيكلة المؤسسات لإضفاء مزيد المهنية و الحرفية على المهنة.
ويشرف منذ سنة 2011 حوالي 280 خبير محاسب عضو بالهيئة على إدارة العديد من الممتلكات المصادرة رغم أن العديد من هذه الممتلكات لا تتوفر على خارطة طريق واضحة بشان التصرف فيها.
وطالب السيد نبيل عبد اللطيف بتمكين كل خبير محاسب عهدت إليه عملية تسيير الشركات المصادرة من متابعة وضعية هذه الشركات حتى بعد بيعها نظرا لمعرفته الجيدة بها وقدرته على تحديد و التعرف على المستثمر الفعلي دون سواه , خاصة و أن النصوص القانونية لم تكن مهيّئة لمعالجة هذه الوضعية .
و من جهته يعتبر المدير العام لشركة الكرامة القابضة السيد محمد علي شقير أن شركته تعد الذراع التنفيذي لعمليات التفويت و أشار إلى أن المتصرفين القضائيين في بعض الشركات الراجعة بالنظر إليهم يتعرضون إلى الكثير من المشاكل ( من الناحية النقابية خاصة ) جعلتهم يخلون ببعض تعهداتهم الجبائية و غيرها .
و بين أنه سيقع التفويت خلال السنة الحالية في مؤسسات “ستافيم بيجو ” و “آي آف إي” و “مجموعة ألفا” كما سيتم إدراج 30 % من شركة “سيتي كار” في البورصة, و تحدد الدولة عمليات التفويت حسب حاجتها لدعم الميزانية.
الإشكاليات و المصاعب التي يتعرض لها المتصرف القضائي و المؤتمن العدلي
و لإثراء موضوع التصرف القضائي و مزيد التعمق في مختلف الجوانب المتعلقة به كان لنا لقاء مع الخبير المحاسب السيد صالح الذهيبي الذي بين لنا عديد النقاط و المسائل المتعلقة بمهن المتصرف القضائي و المؤتمن العدلي و أفادنا بما يلي :
نظم القانون عدد 71 لسنة 1997 المؤرخ في 11 نوفمبر 1997 المتعلق بالمصفين و المؤتمنين العدليين و أمناء الفلسة و المتصرفين القضائيين مهام مساعدي القضاء، و أمام الوضع الاقتصادي الراهن لبلادنا أصبح مساعدو القضاء المذكورين يتبوؤون مكانة هامة ، إذ أسند لهم القضاء مهام إدارة و تسيير الأملاك و الشركات المصادرة التابعة لعائلة الرئيس المخلوع و كذلك الأشخاص المشتبه ضلوعهم في عمليات فساد.
ومن أهم أصناف مساعدي القضاء التي أوكلت إليهم مهام إدارة و تسيير تلك الأملاك، نجد المتصرفين القضائيين و المؤتمنين العدليين .
و قد اهتم المشرع بتلك الأصناف من خلال تحديد الإطار القانوني لتلك المهام و تحديد كيفية الانضواء تحتها و تحديد الجهة المختصة بالتكليف والأعمال الموكولة إليهم .
أما بالنسبة لكيفية الانضمام لتلك المهام نلاحظ أن الفصل الثالث من القانون المذكور ينصّ على أن قائمتي المصفين والمؤتمنين العدليين و المتصرفين القضائيين و أمناء الفلسة تضبط سنويا بقرار من وزير العدل وحقوق الإنسان ويشترط للترسيم أن يكون المترشح :
– تونسي الجنسية.
– متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ولم يسبق تفليسه أو مؤاخذته جزائيا من أجل جريمة قصديه .
– قادرا بدنيا وذهنيا على القيام بمهامه .
– مقيما بالتراب التونسي .
– قد أتم المرحلة الأولى من التعليم العالي في مادة العلوم القانونية أو الاقتصادية بالنسبة للمؤتمن العدلي و على الاستاذية في العلوم القانونية و الاقتصادية بالنسبة للمتصرف القضائي
– متمتعا بخبرة فعلية في الميدان لا تقل عن خمس سنوات بالنسبة للمؤتمن العدلي و 10 سنوات بالنسبة للمتصرف القضائي .
أما بالنسبة للجهة أو السلطة المختصة بالتكليف فإن الفصل الثاني من القانون المذكور قد أقر أن المساعدين القضائيين المذكورين يتعهدون بتكليف من المحكمة من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب من ذوي الشأن وينتدبون من قائمة المصفين والمؤتمنين العدليين ومن قائمة أمناء الفلسة و المتصرفين القضائيين وذلك للقيام بمهام الائتمان على المكاسب المشتركة المتنازع في شأنها بالنسبة للمؤتمن العدلي و إدارة مؤسسة في حالة وجود إشكال أو نزاع حول تسييرها .
وحيث ولئن اهتم المشرع التونسي صلب قانون 1997 بتنظيم مختلف الجوانب المتعلقة بمهام كل من المتصرف القضائي والمؤتمن العدلي فإن ذلك لم يمنع وجود بعض الإشكالات التطبيقية الخاصة بكل من المهمتين.
وفيما يلي سنتولى التعرض إلى جملة تلك الإشكاليات التطبيقية المطروحة في أعمال المتصرف القضائي والمؤتمن العدلي وذلك خلال مختلف مراحل انجاز مساعد القضاء للأعمال المنوطة بعهدته أي خلال بداية التعهد بالمهمة و انجاز المهمة.
الإشكاليات المطروحة خلال بداية تعهد المؤتمن العدلي و المتصرف القضائي بالمهام المنوطة بعهدتهما
تعتبر مرحلة بداية تعهد كل من المؤتمن العدلي والمتصرف القضائي بالمهام المنوطة بعهدتهما مرحلة جد حساسة، إذ هي عبارة عن مرحلة انتقالية تنتقل فيها صلاحيات اتخاذ القرارات والإدارة والتصرف والتسيير من أصحاب الشأن إلى مساعدي القضاء.
وحيث ولئن أحكم المشرع تنظيم تلك المرحلة وذلك من خلال سن جملة من الإجراءات والشكليات الواجب اعتمادها، إلا أن ذلك لم يمنع وجود بعض الإشكالات التي فرضها الواقع التطبيقي من ذلك نذكر الإشكالات المتعلقة ب :
- جرد المباشرة
- الأطراف
- الاشكاليات الخاصة بالتمويل.
الإشكاليات المتعلقة بجرد المباشرة
إن تعهد كل من المتصرف القضائي والمؤتمن العدلي بمهمة ما، يفرض عليهما عند الانطلاق في المهام الموكولة إليهما إعداد جرد المباشرة، ويقصد به إحصاء وحصر ممتلكات المؤسسة وذلك من خلال تحرير محضر جرد موقع من قبله يثبت فيه الأموال التابعة للشركة أو الذمة المالية موضوع الائتمان سواء كانت عقارات أو منقولات وفي صورة وجود محضر جرد سبق تحريره قبل مباشرته لمهامه بمعرفة هيئة أخرى وجب عليه عند انطلاقه في القيام بأعماله أن يراجع ذلك المحضر.
وإعداد محضر الجرد من شأنه مساعدة المتصرف القضائي والمؤتمن العدلي في إعداد الكشف العام المطالب بتقديمه للقاضي المراقب لأعماله خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ تكليفه بمهمته وذلك وفقا لمقتضيات الفصل 10 من قانون 1997 إلا أنه عادة ما يصعب على المتصرف القضائي والمؤتمن العدلي إجراء هذه الشكلية وذلك نظرا لعدم القدرة على حصر جميع عناصرالذمة المالية وممتلكات المشترك موضوع التصرف القضائي أو الائتمان و خروج بعض الأموال التابعة للمشترك من دائرة ملكية الشركاء بالإضافة إلى سبب وجود نزاع في شأن استحقاق جزء من المال المشترك وعدم التوصل إلى البت في مسألة ملكيته وذلك نظرا لغياب الوثائق والمستندات المثبتة لها , و غياب قوائم مالية مصادق عليها بالنسبة للسنة المالية التي سبقت اتخاذ قرار التعيين التي يمكن لمساعد القضاء اعتمادها لإعداد الموازنة الافتتاحية لأعماله .
الإشكاليات المتعلقة بالأطراف
كما هو متعارف عليه من قبل الجميع فإن أصحاب المال المشترك والمساهمين في شركات غالبا ما يجدون أنفسهم عاجزين عن تسيير الأموال الراجعة لهم وذلك بسبب الاختلاف في وجهات النظر والرغبات الشخصية والآنية أحيانا وهذه الوضعية من شأنها إما تشتيت المال المشترك، أو الاستبداد في التصرف فيه مما يؤدي إلى استنزافه والمساهمة في تدهور الشركة، وبالتالي يكون مساعد القضاء هو الخيار الأنسب والأنجع أمام المتقاضي للأخذ بيده ومساعدته على الخروج من هذه الوضعية الحرجة
و تبعا لذلك يكون مساعد القضاء مطالب بتحديد الأطراف و هذه العملية تطرح الإشكاليات التالية :
إذ عادة ما نجد من بين الأطراف:
– أجانب غير مقيمين بالبلاد التونسية، الشأن الذي يطرح إشكالية الإعلام و طرق التواصل معهم و أخد رأيهم حول مختلف الأعمال المنجزة .
– غائب غير معلوم المقر: هل يقوم مساعد القضاء بالبحث و التحري عن عنوانه أم يكتفي بالتنصيص في مختلف محرراته على أن ذلك الشريك ليس له مقر معلوم؟
أما بالنسبة لتحديد مساهمي الشركات موضوع التصرف القضائي و الائتمان العدلي فإنها أيضا تطرح مشاكل واقعية إذ و لئن أوجب المشرع ضرورة إشهار عملية بيع الأسهم التابعة للشركات وذلك من خلال تسجيلها ببورصة الأوراق المالية إلا أنه يوجد من يقوم بعملية الشراء و لا يلتزم بشكلية التسجيل و ذلك إما عن جهل أو سهو منه. و يكون مساعد القضاء أمام نوعين من المساهمين: مساهم قانوني و مساهم واقعي .
هذا إضافة إلى صورة بيع الأسهم مرتينإذ نجد من بين المساهمين الذي يقوم ببيع مساهمته للغير مرتين.
كما أنه غالبا ما يعتبر صاحب الذمة المالية أن المتصرف القضائي أو المؤتمن العدلي ذلك الغريب الذي يتدخل في أمور شخصية تتعلق به أو بالمساهمين في ما بينهم، وتبعا لذلك نجده يسعى إلى إخفاء بعض عناصر الذمة المالية أو موجودات الشركة. هذا إضافة إلى عدم تمكين مساعد القضاء من المعلومات والوثائق الأساسية التي تمكنه من انجاز المهام الموكولة إليه.
هذا إلى جانب غياب التنسيق بين جميع الأطراف المتداخلة و المتمثلة في الجهاز القضائي، المكلف العام بنزاعات الدولة، لجنة المصادرة و لجنة التصرف مما من شأنه أن يعطل مهام المتصرف القضائي في أخذ القرارات اللازمة والتي تستوجب سرعة في التطبيق أو التنفيذ.
الإشكاليات المتعلقة بالتمويل
بالرجوع إلى مختلف القوانين المنظمة لمهنة كل من المؤتمن العدلي والمتصرف القضائي نجد أن المشرع التونسي قد فرض على مساعدي القضاء المذكورين القيام بجملة من الإجراءات التي تهدف أساسا إلى إعلام الغير بقرار تعيينهم وذكر المهام الموكولة إليهم وذلك من خلال إدراج قرار تعيينهم بالسجل التجاري للمؤسسة وكذلك إشهاره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وبجريدتين يوميتين إحداهما باللغة العربية.
و بالإضافة إلى شكليتي التسجيل والإشهار نجد أن مساعد القضاء مطالب بالقيام بعمليات الاستقصاء والتحري حول عناصر وموجودات المشترك وهذه العملية تتطلب التنقل و القيام بالزيارات الميدانية .
و تتطلّب مختلف الأعمال المذكورة أعلاه وجود سيولة تمكن مساعد القضاء من مجابهة المصاريف المفروضة عليه.
لذلك يطلب المتصرف القضائي أو المؤتمن العدلي عند انطلاق مهامه من الشركاء تقديم مبلغ مالي معين كل حسب نصيبه الشرعي لتكوين رصيد أولي للتصرف القضائي أو الائتمان.
إلا أنه واقعيا غالبا ما يرفض الشركاء توفير المبالغ المطلوبة منهم كما لا تتوفر السيولة بحسابات الشركة.
وهنا يجد مساعد القضاء نفسه في موقف صعب، فمن جهة لا يمكنه القيام بالواجبات المفروضة عليه وذلك لعدم توفر السيولة والرصيد الذي يمكنه من مجابهة مختلف مصاريف تلك الشكليات والواجبات ، ومن جهة أخرى نجده مهددا بإثارة مسؤوليته الجزائية ذلك أن عدم القيام بأعمال الإشهار والتسجيل تؤدي إلى تعرض مساعد القضاء إلى عقوبات جزائية.
كما أنه و في إطار الائتمان العدلي أو التصرف القضائي على شركة تجارية ، فإن مساعد القضاء يكون مطالبا بتسيير أمور الشركة و الحرص على حماية مصالحها و إتمام الالتزامات المتعهد بها و القيام بهذه المهام يتطلب توفير أموال هامة.
حيث و نظرا لحساسية الوضع الاقتصادي للبلاد قد تحجم البنوك و المؤسسات المالية عن تقديم تمويلات لتلك الشركة و ذلك استنادا إلى تأزم وضعية الشركة.
و في هذا المجال يجد مساعد القضاء نفسه أمام وضعية حرجة تحتم عليه إما تقديم تسبقة من ماله الخاص أو الاستقالة من مهامه.
إن هذه الإشكاليات المطروحة ماهي إلا جزء من الصعوبات التي تعترض المتصرّف القضائي و المؤتمن العدلي أثناء القيام بمهامه .
و على المعنيين بهذه المهام التشاور مع السادة القضاة المراقبين لإيجاد حلول عملية تمكن مساعد القضاء من تجاوز هذه الإشكاليات و غيرها و تكون مرجعا لتطعيم القوانين الحالية بأحكام جديدة تتلاءم والأوضاع الواقعية لأعمال كل من التصرف القضائي و الائتمان العدلي.
زينة العزابي