المتابع لما ينشر في صفحات الواصل الاجتماعي و خاصة “الفايسبوك” هذه الأيام مع تواتر و تسارع الاحداث في مصر و سوريا و ما يشهده العالم من تحركات على الصعيد العسكري و الديبلوماسي لإعادة توزيع الأوراق و صنع خارطة جيوسياسية جديدة و خاصة لدى دول “الربيع العربي” التي شهدت انتفاضات كبرى نعتت بالثورات قلبت الموازين الاستراتيجية رأسا على عقب… و المتبع لما ينفع حاليا سواء كمراقب بعين المراقب و المستقل يخرج باستنتاجات عديدة لعل أهمها الذي يخصنا في بلادنا هو تحرك عديد الأشخاص و الجهات السياسية و حتى الجمعيات المحسوبة على المجتمع المدني لبث البلبلة في كل الأوساط مع التشكيك في كل ما يتم انجازه من طرف حكومة الترويكا و ما ينتجه من انتصارات لفائدة أمن و سلامة البلاد.
الجديد هذه الأيام هو التحرك الغير عادي في شبكات التواصل الاجتماعي لإيصال رسائل خطيرة من صنع جهات معادية للوطن و لها عملاء في الداخل و الخارج تتبجح بالديمقراطية و الرأي الحر و الحق في التعبير دون أن تعرف حدودها و موقع الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها في أي بلد في العالم و كأن الفتنة اصبحت مطلبا شرعيا و تحضير المجتمع و ترهيبه لتهيئته لحرب أهلية لا قدّر الله أمرا مشروعا و يدخل في خانة عهد الاعلام الحر و الكلمة الصادقة و المطالب المشروعة… مع وضع الاصبع على الزناد و الوقوف على الربوة و الانتظار في المنعرج في كل المناسبات و عند حصول أي ثغرة أو خطأ أو حتى موقف فردي… فهذا الوضع يا إخواني خلق أجواء مشحونة بالخوف و الغضب و الخشية على المستقبل و هذا يؤسف له في بلد جل شعبه متعلم و ذكي و قادر على صنع المستحيل، عاش قرونا تحت مظلة فسيفسائية تحترم فيها كل الإيديولوجيات و تصان فيها كل الأديان و تتمازج فيها كل العادات و التقاليد و ما يمكن التذكير في هذه الفترة الدقيقة من تاريخنا هو ان العنف يخلف العنف، و عندما نعالج الخطأ بالخطأ تبقى النتيجة خطأ ثالثا و تبقى تونس التي نريدها أرض المحبة و التلاقي و منارة للعلم و الاسلام النير الذي يسمح فيه بالاجتهاد و مواكبة العصور… مستباحة للدوس على قيم شعبها و اقتيادها نحو القادم المجهول و تقسيم المجتمع إلى شقين اسلاميين و علمانيين مع تكفير البعض و التعدي على حرمة الآخرين.
و لعل أن ما على الجميع أن يتشبع به هو أن التمرد الحقيقي هو تجنب الاقصاء و فرض الحوار الأخوي و إستعمال لغة المنطق و العقل و المطالبة بحق العيش في أمان في بلد اصبح يطعم 11 مليون من المواطنين إضافة إلى 5 ملايين تقريبا من الأشقاء و الأصدقاء سواء من المقيمين في بلدنا أو بلدانهم…
ختاما نقول لمن مازال يملك بذرة حب لتونس العزيزة علينا حتى من هؤلاء الذين يتخفون وراء أسماء مستعارة في الأنترنات أو بالصحافة المكتوبة من يريد أن يساهم في بناء المجتمع السليم عليه بدخول غمار السياسة بروح وطنية عالية و المشاركة في الانتخابات التي يبقى فيها الصندوق هو الفيصل بين الجميع، لا السلاح او الحجارة او العنف المادي و المعنوي و التعامل بمقابل مع أعداء الله و الوطن…
مرشد السماوي